"تغول" مدارس خاصة.. وانسحاب الحكومة!

فريهان سطعان الحسن معادلة مبهمة، وتأجيل يقول الناس إنه “مقصود” لإعلان الحسم في مسألة طبيعة الدراسة للعام المقبل. الشكوك تملأ الشارع الأردني، وهي شكوك لها ما يبررها. التصريحات المبهمة المكررة التي يخرج علينا المسؤولون ليقولوا فيها إن التفاصيل ستعلن لاحقا، ووفق الحالة الوبائية؛ تزيد من ضبابية المشهد. حتى حين يقولون إن هناك “بدائل جاهزة للعام الدراسي في المدارس حسب مستوى الخطورة”، فهم لا يعلمون أن ذلك يسبب إرباكا كبيرا للعائلات التي تنتظر تصريحا واحدا واضحا، من أجل أن تقرر إلى أين تذهب بأبنائها! حتى اليوم، هناك آلاف الأردنيين الذين لم يسجلوا أبناءهم في أي مدرسة، وهم ينتظرون الكشف عن طبيعة الدراسة، هل هي مباشرة أم عن بعد، فغالبية الأسر ترى أنه لن يكون هناك فرق كبير بين المدارس الحكومية والخاصة في مسألة التعليم عن بعد، بينما إن كان التعليم مباشرا داخل الصفوف، فهي ستختار المدارس الخاصة بالتأكيد. لكن الفشل الكبير، والمماطلة، والضبابية، في إدارة ملف التعليم للعام الحالي، يحرم الأسر من أن تتبين خطوتها القادمة. يرى كثيرون أن الوضع الوبائي ليس مطمئنا، ورغم أنهم لا يؤمنون بالتعليم عن بعد، إلا أنهم أيضا لن يكونوا مطمئنين باختلاط أبنائهم مع مئات الطلبة الآخرين، ورغم كل ذلك، ما تزال وزارة التربية والتعليم، تدعونا إلى الاطمئنان، وأن الأمور تحت السيطرة، فعن أي سيطرة يتحدث الوزير؟!! نسبة كبيرة من الأسر، لجأت إلى نقل أبنائها للمدارس الحكومية، متوقعة أن يكون التعليم عن بعد، أما الآخرون فينتظرون أن ترأف الحكومة بحالهم، وتفرج عن قراراتها التي اتخذتها، لكنها تماطل في إعلانها. المسألة الأخرى، هي أن الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم، تقف متفرجة اليوم تجاه تعنت المدارس الخاصة في ما يخص الأقساط، ليس فقط في أنها ترفض تخفيضها، بل إن أسرا تقول إن بعضها رفع أقساطه بشكل غير مبرر، بينما الوزارة لم تفعل شيئا، وتكتفي بصفة المتفرج، رغم أنه قطاع يتبع إليها مباشرة، وتنظيم عمله يدخل في صلب اختصاصها. لم يكن الآباء يوما على عداوة مع المدارس الخاصة، ولا شغلهم الشاغل الوقوف لها بالمرصاد، ولكن الظروف تغيرت، وجائحة كورونا أثرت على كل مناحي الحياة، ولم يعد باستطاعتهم دفع ذات الأقساط. نعلم جميعنا، أن الوضع المالي للأردنيين اليوم صعب جدا بسبب جائحة كورونا وتداعياتها على جميع القطاعات، فنسبة كبيرة خسرت أعمالها، أو جزءا من دخولها، لذلك فإن تنظيم أقساط المدارس الخاصة ضمن رؤية واقعية، سيسهم في تخفيف الأعباء على الأسر، ولا ننسى أن الوزارة العتيدة أعلنت منذ سنوات بأنها ستقدم تصنيفا موضوعيا للمدارس الخاصة، ونحن ننتظر أن تفي الوزارة بالتزامها هذا، وأن يرى هذا التصنيف النور. الإنفاق على التعليم يستنزف النسبة الكبرى من مداخيل الأردنيين، الذين يعملون ليل ونهار من أجل تأمين تعليم جيد لأبنائهم، رغم الغياب الواضح للمعايير، وعدم التدخل الصريح من الحكومة لوقف “تغول” مدارس خاصة، أو اجبارها على تخفيض الأقساط، تزامنا مع عدم الإعلان الصريح عن طبيعة التعليم. هذا كله يصب فعليا في مصلحة المدارس الخاصة، بما يسهل استلام أقساطها كاملة، فهل هذا هو المقصود من ضبابية تصريحات الحكومة؟ المشكلة كذلك، أن هناك العديد من المدارس التي ترفض تسجيل الطلبة إلا بعد أن يدفعوا كامل القسط، فلماذا هذا التعنت، ولماذا لا يكون الدفع للمدرسة على شكل أقساط شهرية، وليس فصلية، إلى أن يتضح المشهد الدراسي كاملا، أو تخفيض نسب معينة من الأقساط عن الأشهر التي لا يكون فيها الطالب على مقاعد الدراسة. المدارس الخاصة ليست من القطاعات الأكثر تضررا، خصوصا وأن الكلف التشغيلية تراجعت بشكل كبير، مع إصرارها على استلام الأقساط كاملة عن الفصل الذي مضى حينما اختبر الطلبة التعليم عن بعد، والآن تفرض شروطا بدفع المبلغ كاملا للعام الجديد، باستثناء مدارس خاصة أخذت مبادرة شخصية وأحست مع ظروف الأهل وقامت بتخفيض نسب معينة من الأقساط. إنصاف الأهالي، وحسم قرار العودة من عدمه، وتوضيح الخيارات المتوقعة في حال تزايد حالات الاصابة، هو واجب الحكومة وحق المواطن الذي ما يزال حتى الآن يدفع ثمن أخطاء باهظة لم يقترفها!

المقال السابق للكاتبة

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا

اضافة اعلان