تفعيل المجتمعات أهم من زيادة دخلها

مؤكد أن الناتج المحلي ومستوى الدخل في الأردن منخفضان، ويجب زيادتهما، بل ومضاعفتهما. فلا يمكن مواجهة متطلبات التنمية والتحديات الاقتصادية القائمة، إلا بنمو اقتصادي كبير وسريع. اضافة اعلان
ولكن النمو الاقتصادي المطلوب يحتاج إلى مجتمعات فاعلة ومؤهلة، تستطيع أن تطور الاقتصاد، والأهم من ذلك أن توظف الموارد المتاحة توظيفا صحيحا وفاعلا. فقد يحدث نمو اقتصادي تهدره المجتمعات، من خلال استخدامه بعيدا عن الأهداف والأولويات والاحتياجات الحقيقية، أو عبر أنماط من العمل والسلوك والحياة تجعل للموارد الاقتصادية ضررا يفوق نفعها.
وفي جميع الأحوال، فإن التقدم الاقتصادي يفترض أن تنشئه مجتمعات فاعلة ومنتجة؛ أي إنه يجب أن يكون محصلة لجهود ومبادرات الأفراد والمجتمعات. ولا يصح النظر إلى التقدم الاقتصادي كهدف نسعى إليه إلا من خلال مجتمعات وأسواق حقيقية، تنشئ وتملك وتجدد وتطور مواردها وأسواقها وفرصها، ولن تفيد كثيرا، هذا إن لم تضر، الأموال المتدفقة إلى البلد من معونات ومنح وحوالات خارجية. يمكن رصد عدد كبير من حالات الهدر الممكن تجنبها، وحالات الفرص الممكن توظيفها، في ظل وجود مجتمعات منتجة وفاعلة. وبذلك، يمكن تطوير الاقتصاد وتفعيله.  كيف تساهم الأسر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟
امتلاك الأسر لمهارات العناية الصحية والتنشئة السليمة، يمكن أن يوفر نفقات كبيرة جدا على الصحة والدواء، وأن ينشئ أفرادا سليمين وقادرين على العمل والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية. كذلك، فإن توجه المواطنين والمجتمعات إلى العمل في الحرف والزراعة والبناء والمطاعم، وسائر المجالات الحيوية في السوق والحياة، يمكن أن يقضي على البطالة، ويخفض من تحويل الأموال إلى الخارج. ولكن الأهم من ذلك أنه يمكن أن ينشئ منظومة أعمال وثقافة تطور الموارد وأساليب الحياة والمهن والأعمال، وتجعل الموارد في حالة إبداع وتنام وتجدد، وتساعد الأفراد والمجتمعات على تنظيم حياتها باتجاه ما ترغب في تحقيقه.
وحين تنشئ المجتمعات، أو تكون لها منظوماتها ومؤسساتها الثقافية والفنية والرياضية، فإنها توفر للمواطنين فرصا وخيارات معيشية واقتصادية إضافية، تحسن حياتهم أو تعوضهم عن صعوبة أعمالهم، وتمنحهم فرصا كبيرا للرضا والتطور الاجتماعي والمشاركة العامة، وقدرة على إسماع صوتهم، تحميهم من التهميش والإقصاء، ولا تجعل الحرف والأعمال الصغيرة سببا للتهميش الاقتصادي والاجتماعي. ويمكن للمجتمعات، وبخاصة في ظل حالة من توطين الحرف والأعمال الزراعية والبنائية والغذائية، أن تبدع منظومات للحياة تفعّل الفرص والتقنيات والمهارات الممكن تطويرها، في تحقيق حياة أفضل، وبكلفة أقل إذا طورت تقنيات وأساليب العمارة والغذاء؛ فهي بذلك تطور حياتها وتقلل من الواردات والنفقات.. وفي المحصلة، فإن هذا هو هدف النمو الاقتصادي.

[email protected]