تفعيل دور المكتبات العامة يحد من "هجرة" القراءة الورقية لأبنائنا

القراءة
القراءة
ديما الرجبي عمان - تزرع القراءة في نفوس الأفراد ثقافة مساندة للدور الأكاديمي، وتتجه بهم إلى النضوج الفكري بعيداً عن الواجبات المدرسية التي تقتصر على تفريغ المعلومة عند الاختبار، ولذلك تعد "المكتبة" من أهم الوسائل التي تساعد على تزويد الطفل بالمعلومات والمهارات، والاستخدام الجيد والفعال للمكتبات، والرغبة في القراءة يتوقف على أول مكتبة يقابلها الفرد في حياته. ولأن هذا العصر فرض على أبنائنا السرعة وما تحملها من تطبيقات الكترونية، نجد أن أغلب البيوت أصبحت خالية من المكتبات، وقليلة هي التي تحتفظ بهذا الشكل الذي أصبح يحمل صبغة "تقليدية". ولأن الأسرة تعد أول المفاهيم الثقافية للطفل، يقع على عاتقها توفير ما أمكن من الكتب وإحاطتها بالمنزل ولو كانت على شكل "رفوف" متفرقة تحمل "مجلات"؛ حيث إن غرس المفاهيم الثقافية لأبنائنا ضروري للمساعدة على بناء الشق الثقافي الذي سينعكس على شخصياتهم وقراراتهم مستقبلاً. لا يخفى على أي أسرة أهمية القراءة من الكتاب الورقي، وبما أن التوجه الرقمي يقلص حجم الاهتمام بهذا الشأن، يجب أن نوازن بين القراءة الرقمية والورقية حتى لا تندثر الكتب التي هي أساس العلم بمختلف المجالات. القراءة الرقمية تشتت الذهن نظراً لقدرة الطفل على الانتقال إلى أي مادة يرغب بمشاهدتها بعيداً عن أعين الوالدين، وإن كان أحد الوالدين شريكا في قراءة القصة للأبناء سيصبح الطفل "مستمعا" بدون الاستفادة من القراءة التي هي أصل المنفعة من الكتاب. ويعاني أبناؤنا من غزو للغة العربية وتغريبها، وذلك بسبب القراءة الرقمية التي وجهت اهتماماتهم لأنواع القصص السريعة ذات اللهجة المحكية أو المختلطة باللغة الانجليزية، وهو ما يعد خطراً يهدد هويتهم العربية الفصيحة، بينما الكتاب مهما كان نوع القصة (تسلية/ علمية/ خيال/ دين) يحتفظ بقوام اللغة الصحيحة ويتيح فرصة لأبنائنا للتعرف على مفردات جديدة لإثراء مخزونهم الفكري الذي أصبح يقتصر على ما يمسى "عربيزي"، وهي لغة هجينة تم زج أرقام اللغة الانجليزية بها كبديل عن الحروف العربية. هناك أدوار موزعة على الجميع للحفاظ على الموروث الثقافي الأصيل ومنح أبنائنا فرصة التعرف عليه، وتتوزع هذه الأدوار، كما ذكرنا بداية، بالأسرة ومن ثم تنتقل الى المؤسسة التعليمية التي تتحمل مسؤولية إبراز أهمية الكتاب للطلبة من مختلف الأعمار من خلال تخصيص مكتبة في كل مدرسة، وتفعيل أنشطتها اللامنهجية وتنظيم مسابقات لتحفيزهم على ولوج المكتبة والتعرف على أهوائهم القرائية والأهم توفير التنوع في القصص لتراعي اختلاف الأذواق بينهم. يجب أن يدرك الأهالي أنه عندما يكون الطفل ماهراً ومتمكناً من القراءة وهو في سن صغيرة، فهذا يعد عاملاً لا يتجزأ من نجاحه في المستقبل، كما أن القراءة للأطفال ليست مجرد هواية فقط بل هي بوابة واسعة جداً للتعرف على الأشخاص والأماكن وغيرها الكثير؛ وتساعد على التطور الذهني والسلوكي المتزن. ولدينا مجموعة كبيرة من المكتبات العامة في الأردن التي تستقبل أبناءنا في كل الأوقات ولا يكلف اشتراكها الا مبلغاً رمزياً، كما أن الاستعارة متاحة لديهم، والمكتبات الخاصة ببيع كتب الأطفال واليافعين كثيرة جداً وأسعارها تتفاوت وتناسب جميع الإمكانيات المالية. ينبغي إحاطة أبنائنا بمفاهيم تطغى على اهتماماتهم الإلكترونية لخلق ثقافة متكاملة ما بين "القديم" والمعاصر، وعلى رأسها المكتبات، لذلك نتمنى أن يعاد ترتيب أولويات مهارات أبنائنا وأن لا تقتصر على المهارات الرياضية أو الالكترونية فقط وزج ما أمكن من الثقافة الأصيلة في عقولهم ليكون الحصاد مثمراً للجميع.اضافة اعلان