تفعيل مركز مكافحة الأوبئة.. هل بات حاجة ملحة؟

صورة مجهرية لفيروس كورونا حيث تتسارع متحوراته - (أرشيفية)
صورة مجهرية لفيروس كورونا حيث تتسارع متحوراته - (أرشيفية)

محمود الطراونة

عمان - فيما تعكف الحكومة على تفعيل المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية، تبدو الحاجة ملحة لبدء العمل وبشكل فوري للاستعداد لمواجهة المتحورات الجديدة التي تظهر تباعا، وفقا لخبراء ومختصين أكدوا ضرورة ان يكون المركز هو المرجعية للمتابعة والدراسات والابحاث، ومبدين استغرابهم من وجود جهتين رسميتين تتوليان موضوع الأوبئة، ممثلتين بالمركز، واللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة.

اضافة اعلان


وأكدوا في تصريحات منفصلة لـ"الغد" أهمية تمكين المركز ليبدأ عمله الفعلي، "ليس فقط لأننا في خضم جائحة ووباء منتشر، وانما لكونه اصبح من الضرورات في اطار سياسات الدول للتعامل مع تحديات الأوبئة والامراض السارية بشكل استباقي او بحثي او حتى تنظيمي".


واعتبر هؤلاء ان المركز يجدر به ان يكون كمراكز البحوث ومراقبة الامراض في اميركا واوروبا وحتى افريقيا، وألا يكون عمله مجرد لجنة من اللجان المنبثقة عن وزارة الصحة للتوصيات والمتابعات والمراجعات.


وفي السياق، قال اختصاصي الامراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة الدكتور محمد حسن الطراونة انه لا يمكن إدارة ازمة صحية بطريقة سياسية، فالوزير ذو منصب سياسي، وعلى المركز الوطني لمكافحة الأوبئة تصدر المشهد واصدار توصيات للحكومة توازن بين الصحة والاقتصاد والتعليم وكافة مناحي الحياة.


وأضاف الطراونة أن الأمن الصحي هو من يدير مناحي الحياة الأخرى، لافتا الى ان التحذيرات من اصابة الكوادر الصحية بالمتحورات ستنعكس سلبا على المؤشرات العامة، ومشددا على ضرورة احداث توازن وانشاء خطط مستقبلية وتعاون دولي من خلال الجهة المعنية، التي جاءت برعاية ملكية سامية تتمثل بالمركز الوطني لمكافحة الاوبئة.


بدوره، اشار عضو في اللجنة الوطنية لمكافحة الاوبئة رفض الكشف عن اسمه، إلى ان "من يفترض به ان يضع السياسات الصحية خلال الجائحة هو المركز، وأن تكون هذه السياسات متماسكة ووافية وتؤشر على اي اجراء في السياسات الصحية والاقتصادية".


وتابع أن "عضوية رئيسة المركز في اللجنة الوطنية لمكافحة الاوبئة ربما يضعف موقفها من جهة، وبالتالي على المركز أن يثبت موجوديته".


وزاد: "صحيح ان انشاء المركز جاء في نهاية الجائحة لكنها فرصة عملية ليثبت دوره وآليات عمله بالتنسيق مع الجامعات والمؤسسات البحثية، اضافة الى المراكز الاقليمية والدولية".


ولفت الى ان ما صدر عن المركز هي دراسة واحدة فقط، لكن هذا يؤشر إلى انه يستطيع ان يعمل وينتج، وان يبحث عن دور، وان تكون اللجنة الوطنية لمكافحة الاوبئة تابعة للمركز او لرئيس الوزراء مباشرة وتقدم توصياتها للحكومة.


ويتولى المركز الوطني لمكافحة الاوبئة، وفقا لنظامه الداخلي الذي صدر في الجريدة الرسمية، في سبيل تحقيق أهدافه، إعداد السياسات الصحية المتعلقة بمكافحة الأوبئة والأمراض السارية والتوصية بها للجهات المختصة، ورصد الأوبئة والأمراض السارية وطنيا وإقليميا ودوليا، والكشف عن التهديدات الجديدة والتوصية بشأن الوقاية منها، وتنسيق جهود الاستجابة للأوبئة والتهديدات الصحية.


كما يتولى توفير خدمات تشخيصية مرجعية للأفراد والمجتمع والإشراف على تطوير وتنفيذ الاستراتيجات لضبط مقاومة المضادات الحيوية ومتابعة وتحسين مستويات التطعيم، وتوسيع قاعدة المشمولين فيه وقيادة الجهود الصحية الهادفة لمنع ومكافحة الأوبئة.


ومنذ انتشار فيروس كورونا المستجد في جميع دول العالم، مر بالكثير من التحورات، وكان لكل متحور من متحوراته خصائصه، وكان متحورا دلتا، و"دلتا بلس" الأكثر فتكًا بسبب شدة أعراضهما، فيما كان متحورا "أوميكرون"، و"أوميكرون الخفي" هما الأسرع انتشارًا على الرغم من خفة أعراضهما.


وحذرت مجموعة من علماء الصين ممن ينتمون لجامعة ووهان، من أن هناك سلالة جديدة من فيروس كورونا من شأنها أن تؤثر على السلامة الحيوية للبشرية، ومن المرجح أن يكون سبب انتشار تلك السلالة هو الحيوانات، وتحديدا الخفافيش، وتعرف تلك السلالة الجديدة حتى الآن والتي اكتشفت في جنوب أفريقيا باسم NeoCov "نيوكوف".


وأوضحوا أن السلالة الجديدة تستهدف الخفافيش فقط، لكنها تنتقل إلى الإنسان ولا يمكن القضاء عليها من خلال الأجسام المضادة التي تستخدم في القضاء على "سارس" أو "ميرس" وهما من سلالات كورونا، ومن الواضح أن السلالة الجديدة ستكون غامضة ومعقدة لبعض الوقت لحين الوصول إلى المزيد من المعلومات للتعامل معها.


كما تم اكتشاف سلالة جديدة من أوميكرون هي BA.2 أو ما يسمى "أوميكرون الخفي"، وتم رصده في أكثر من أربعين دولة حتى الآن، مما يعني أنه بدأ بالانتشار.


وفي السياق قال خبير الاوبئة الدكتور عبد الرحمن المعاني ان المتحورات الجديدة مرعبة للعالم، وتحتاج الى دراسة، ولهذا أنشئ المركز الوطني لمكافحة الاوبئة والامراض السارية بإرادة ملكية.


ودعا المعاني الى توفير كافة الجهود لتفعيل المركز، وألا يبقى حبرا على ورق، وان يكون منارة للباحثين في مجالات الفيروسات والتقصي الوبائي والدراسات، بعيدا عن المصالح الشخصية.


واشار الى ان على المركز أن يتابع ويواكب المتغيرات الحديثة في علم الفيروسات، لافتا الى اننا كنا اول من دعا لإنشاء المركز باعتباره ضرورة وطنية وليس ترفا.


وأضاف: "كما طالبنا بإنشاء مستشفى متخصص للامراض التفسية والأوبئة، غير ان المركز لم يأخذ دوره المطلوب، وهو عمل الدراسات والابحاث في علم الاوبئة والامراض السارية.


وتابع أن ما يجري حاليا هو تطور على الفيروس، والسلالات الجديدة تتطلب بحثا معمقا واجراء دراسات علمية موضوعية حتى يتم اتخاذ اجراءات ادارية وفقها وليس في الاطار السياسي او الاقتصادي.


وحاولت "الغد" بدورها الاتصال مع رئيسة المركز الوطني لمكافحة الاوبئة الدكتورة رائدة قطب للتعرف على سياسات المركز في المرحلة المقبلة ودوره في متابعة المتحورات، وخططه، لكن دون جدوى.

إقرأ المزيد :