تفكير خارج المربع.. لم لا؟!

ربما يكون الذهاب باتجاه العفو العام، وسحب مشروع قانون الجرائم الالكترونية وتقديم مشروع قانون افضل منه، طريقا لتنفيس احتقانات هنا او هناك، ولكنها وسائل مؤقتة وتنفيسات غير دائمة، تذهب سريعا عند أول منعطف. فالمطلوب ليس مساحيق تجميل لتأمين الاستمرار بالقطعة، والتفكير للمضي شهرا او شهرين، او سنة او سنتين، فتلك حلول ترقيعية وإبر تخدير لا تشفي مرضا ولا تعالج سقيما، وانما المطلوب تغيير نهج بأكمله والبحث عن طرق تفكير جديدة، تؤمن لنا استمرارية دائمة دون تعثر. لا يعيبنا القول أن النهج الذي كنا نتعامل معه سابقا، سواء كان سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا او اداريا او ثقافيا او حتى رياضيا لم ينجح في الخروج بنا لشط الأمان، ولا يضيرنا البحث عن طرق جديدة ومقاربات تؤمن استمرارا وأمانا في الوقت عينه. الحكاية ليست حكاية تنظير وكفى، فالجميع يقر بوجود أزمة اقتصادية مستعصية نتج عنها حركات شعبية متواصلة باتت مقلقة للجميع ولكل الأطراف دون استثناء، وتلك الأزمات كان سببها الرئيس فشل المعنيين في ادارة ملفات الدولة، وعدم النظر بشمولية للأمام وانحصار التفكير في جوانب ضيقة، ودون حسابات لقادم الايام. لسنا في مرحلة جلد للذات، ولكن المؤسف ان النهج الذي اوصلنا لمديونية تحادد الـ30 مليارا ما يزال قائما، وما توالي الفاتورة ترتفع، وما يزال الاشخاص الذين اوصلونا لما وصلنا اليه هم انفسهم من يقومون بمعالجة الاختلالات التي حصلت!!. ترى كيف يمكن لمن فشل في معالجة ازمتنا الاقتصادية عبر سنين، وكان دوما يرى ان الحل في رفع ضريبة هنا ورفع الدعم عن سلع هناك، ما فاقم مشاكل الناس الاجتماعية والاقتصادية، كيف يمكن لاولئك الذين فشلوا بوضع حلول ناجعة للمستقبل، ومن يرون في صندوق النقد والبنك الدوليين عصا سحرية لا يمكن الاستغناء عنهما، وضع طوق نجاة لنا، والوصول بنا اقتصاديا لشاطئ الامان. قبل الكلام عن حلول مستقبلية علينا ان نؤمن يقينا بضرورة مغادرة المربع الذي ما زلنا نفكر من خلاله، والتفكير بطرق جديدة في التعاطي مع المستجدات، والذهاب لمقاربات مختلفة تؤمن لنا استمرارية ومشاريع اقتصادية واستثمارية تدر دخلا لأصحاب الدخول المحدودة والفقيرة، وتؤمن عملا للمتعطلين عن العمل، وترفع من عجلة الانتاج، وتدعم الزراعة، وتخفض نسب الاعتماد على صندوق المعونة الوطنية، فليس فخرا ان نتحدث عن زيادة نسب المخصصات المرصودة لصندوق المعونة، اذ ان ذاك يعني زيادة اعداد الفقراء والمحتاجين، وإنما الفرح عندما يتم اغلاق الصندوق وعدم ايجاد محتاجين له. الحلول بكل تأكيد موجودة، وهي حلول بحاجة لارادة حكومية وتفهم شعبي، وايمان وارادة تغيير، واقناع الناس، وهذا كله يبدأ من الدولة بكل الوانها والحكومة في المقام الاول والمؤسسات الأخرى التي لها دور في صناعة التغيير، والتغيير في المقام الرئيس بحاجة لثورة بيضاء، تبدأ من منظومتنا الادارية التي أصبحت مترهلة واكثر بيروقراطية وفسادا احيانا، كما ان التغيير بحاجة لاعادة التفكير بمنظومتنا الفكرية والثقافية، واعادة تفكير الناس بطريق الدولة الصحيح، وابعادهم عن التفكير بالهويات الفرعية والمحاصصة وخلافه من شعارات بتنا نسمعها بكثرة هذا الايام، والتغيير بحاجة لمساواة الناس في الحقوق والواجبات، فالعامل مثله مثل الجندي، يد تبني ويد تحمل السلاح، وبالتالي يجب اعادة الاعتبار لكل قطاعات المجتمع وعدم تفضيل قطاع على آخر، فالكل تحت سقف الدولة واحد، وهذا يعني الابتعاد عن تفضيل هذا ودعمه ونسيان ألم ذاك. الحل في تغيير تفكيرنا السياسي والاقتصادي والذهاب لمحاور اقتصادية مختلفة عن المحور الحالي والخروج من عباءة الصندوق، والبحث عن طرق اخرى واحلاف موجودة في العالم يمكن فتح خطوط تواصل معها، حلفاء لا يضعون شروطا تعجيزية لو ارادوا اقراضنا ولا يرفضون ان تذهب قروضهم في بناء مصانع ودعم الزراعة.اضافة اعلان