"تقاعد الأطباء".. مادة دسمة بين تصفيته أو استمراريته

محمد الكيالي

عمان- ما يزال صندوق التقاعد في نقابة الأطباء يشكل مادة دسمة للحديث في أروقة الهيئة العامة للنقابة، خاصة مع مطالبات من البعض بتصفيته، وفئة أخرى تدعو إلى عدم المساس به والعمل على إيجاد حلول جذرية لإيراداته.اضافة اعلان
وتحتاج نقابة الأطباء إلى دفع مبلغ يتراوح بين 765 ألف دينار و 825 ألف دينار شهريا كرواتب تقاعدية، في حين لا تتجاوز ايراداتها 300 ألف دينار شهريا أي بعجز شهري يتجاوز نصف مليون دينار، وذلك وفق آخر أرقام النقابة، حيث يزيد عدد الأطباء المتقاعدين على 4300.
وقال نقيب الأطباء الأسبق، أحمد العرموطي، مما لا شك فيه ان "صندوق التقاعد يمر بمرحلة صعبة من نقص في السيولة وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماته المالية تجاه الاطباء المتقاعدين رغم ما يملك من اراض استثمارية تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليون دينار".
وأرجع العرموطي، أسباب ما يمر به الصندوق، إلى "عدم دفع الأطباء لالتزاماتهم المالية حسب القانون، وكذلك الى المعادلة التي تحسب على أساسها الرواتب التقاعدية وقيمة الاشتراك الشهري".
وأكد أن هناك أسبابا أخرى مثل "شراء أرض صافوط قبل نحو 3 أعوام بحوالي 6 ملايين دينار، إضافة إلى مشكلة أخرى هي أن الاطباء الجدد وخاصة العاطلين عن العمل او الذين يعملون بدون رواتب من أجل الحصول على الاختصاص غير قادرين على دفع اشتراكاتهم الشهرية".
وأشار العرموطي إلى أن فشل الصندوق في الوفاء بالتزاماته أمام الأطباء المتقاعدين نتيجة العجز المترتب عليه والذي بلغ أكثر من 15 مليون دينار، هي "مشكلة اساسية وهامة يجب بحثها من عدة جوانب، تتطلب الاستعانة بشركات مالية لعمل دراسة اكتوارية وتقديم حلول مالية ضمن قانون النقابة".
وطالب العرموطي بتشكيل لجنة نقابية من أطباء ذوي الخبرة ومن أعمار مختلفة وآراء متعددة لدراسة الواقع الحالي والمستقبلي للصندوق وإلزاميته من عدمها، بحيث يتم تقديم دراستها ومقترحاتها للهيئة العامة للنقابة لمناقشتها واخذ قرارات قانونية لتعديل قانون النقابة بما يتناسب مع الحال".
عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، فرح الشواورة، أشارت إلى أن "ما أوصل صندوق التقاعد إلى الإفلاس والانهيار هو الشعبوية والجهل الاقتصادي واللهاث وراء الأصوات الانتخابية".
وبينت الشواورة، أن الأموال لا تستثمر بالعواطف والصناديق التقاعدية لا تحيا بها، مشيرة الى أنه منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى العام 2008، "لم يتجاوز رسم صندوق التقاعد 6 دنانير شهريا بينما رفعت المجالس من كل الألوان رواتب الشريحة الدنيا من 50 دينارا الى 180".
وأضافت أنه حتى تقوم لأي صندوق تقاعد قائمة، "لا بد من اشتراك نسبته 20 % من الراتب التقاعدي على الأقل مع هامش استثماري جيد"، مبينة أن الهامش الاستثماري للضمان الاجتماعي هو 22 % بينما صندوق التقاعد في النقابة بقي حتى العام 2008 بنسبة 3.3 %".
واعتبرت الشواورة أن "هذه جرائم مالية ارتكبت على مدى عشرات السنين تتحمل التيارات المختلفة في النقابة كلها مسؤوليتها مع الهيئة العامة التي وصل منها اليوم الكثيرون لسن التقاعد".
وأضافت، في العام 2019، كان الصندوق يدفع 750 الف دينار شهريا رواتب تقاعدية بينما إيرادات لا تتعدى 250 الفا، منوهة إلى أن "جميع الأطباء لو سددوا التزاماتهم لما وصلت الإيرادات الى 400 الف دينار ولبقي العجز السنوي قائما بقيمة 5 ملايين دينار على اقل تقدير مع ديون تصل الى نحو 15 مليون دينار".
وبينت أن القيمة السوقية لكل ما تملكه النقابة من أراض وممتلكات "لا تتجاوز اليوم 30 مليون دينار، ومعظمها مؤجر بعقود طويلة ولا يمكن بيعها وإذا تم جدلا ذلك فإنه بعد سداد الدين سيتمكن الصندوق من دفع الرواتب التقاعدية لشهور قليلة فقط"، مؤكدة أن تحصيل الدينار عن كل إدخال للمستشفى و 1 % من أجور الأطباء هي مهمة مرهقة للنقابة وتتعرض للتهرب من المستشفيات لأن النقابة لا تملك ضابطة عدلية ولا تحصل أكثر من مئات الآلاف سنويا. وشددت الشواورة على أن "حنق الشباب والهيئة العامة على النقابة مبرر"، مبينة أن ربط ممارسة المهنة وتحصيل أي ورقة من النقابة بدفع "الاشتراك الإجباري" وربط الامتحانات به، "تعد خطيئة".
فيما يؤكد أختصاصي النسائية والتوليد، لؤي أبو عتيلة، أنه "مع استمرارية الصندوق التقاعدي، لأنه دفاع عن حقوق مشتركين استحقوا رواتبهم التقاعدية ولا يجب حرمانهم من مستحقاتهم بعد سنين طويلة قضوها في العمل الطبي".
وأوضح أبو عتيلة، أن السبب الأول لدفعه التزاماته للصندوق، هو إيجاد حل لفئة المتقاعدين كي لا تتفاقم المشكلة، والسبب الثاني يتجلى بأن قانون النقابة ينص على ذلك.
واعتبر أنه ضد من يتحدث عن ضرورة إنهاء الصندوق، مبينا أن المبلغ الذي يتم دفعه للنقابة غير تعجيزي كما وصفه البعض او غير مسترد بواقعه الحالي.
ولفت أبو عتيلة إلى أن "الاشتراك بقيمته الحالية 30 دينارا شهريا لا يمكن أن يكون عقبة أمام أي طبيب في الوقت الحالي، خاصة وأنه عند التقاعد، فإن هذا المبلغ الرمزي سيشكل فارقا في جعل حياة الطبيب أفضل نوعا ما".