تقبل الله..

في بلدنا ما يزيد على سبعة آلاف مسجد بعضها قديم والكثير منها شيدت في العقود الاخيرة لا تسع لآلاف المصلين الذين يحرصون على زيارتها معظم أيام الاسبوع ويتدافعون نحو بعضها ايام الجمعة لأداء الصلاة والاستماع الى الخطبة ومحاولة التأكيد على الهوية الدينية وكسب الراحة النفسية المرتبطة بأداء الشعائر ومشاركة الجموع في أداء أحد أهم اركان الاسلام الذي يعبّر من خلاله المؤمن عن الطاعة والعبادة والتسليم والشكر والتوبة والرجاء.اضافة اعلان
 باستثناء المسجد الحرام  والمسجد النبوي والأقصى التي تشد لها الرحال، فمن المفترض أن يؤدي الناس صلواتهم في المساجد القريبة من سكنهم واماكن اقامتهم ليلتقوا بجيرانهم واقاربهم واخوانهم في الدين ويتدارسوا شؤون مجتمعهم  ويتعاونوا على البر والتقوى وكل أمورهم وقضاياهم.
 في غالبية مدننا واريافنا وقرانا لا يزال الناس يلتقون بجيرانهم واخوانهم وابناء قراهم وبلداتهم في المسجد وفي ايام الجمعة بشكل خاص حيث يتوافد الصغار والكبار على مسجد القرية او الحي ويستمعون الى درس وخطبة تتوحد حولهما رؤيتهم ومشاعرهم ويعودون لبيوتهم  واعمالهم ليتحدثوا عن ما تعلموه في المسجد.
في  بعض احياء المدن والبلدات الاردنية اصبحت بعض المساجد اماكن لجذب المصلين ايام الجمعة، إما لسمعة الخطباء او لنوعية الدروس او لجودة المرافق  الصحية واحيانا لاسباب اخرى غير معروفة. مهما كانت خلفية الخطباء وميول من شيدوا المساجد  تجد هناك اكتظاظا غير مبرر وممارسات قد تتسبب في الحاق الضرر بالناس والاسر والسكان في الاحياء التي توجد فيها المساجد.
يوم الجمعة الماضية كانت جميع شوارع منطقة تلاع العلي المحيطة بمسجد الصادق الامين المجاور لمستشفى تلاع العلي مغلقة تماما من قبل سيارات المصلين. في مشهد فيه الكثير من اللامسؤولية والتطاول على حقوق الاهالي والجيران توسع الإغلاق  ليشمل مداخل المرافق المحيطة وبعض العمارات المجاورة. عشرات السيارات التي ركنها المصلون في  كل المنافذ حولت الشارع الى غابة من الصفيح الملون.
 الظاهرة نفسها تتكرر امام الكثير من المساجد الكبرى في عمان وبعض المدن  الاردنية دون تدخل يذكر من السلطات المعنية بتنظيم المرور او الاستماع لمواعظ الشيوخ وبرامج التوعية التي تتناول الموضوع. المخالفات التي يقوم بها المصلون بحجة العبادة وتحت عباءة التدين تتضاعف بشكل ملحوظ في  شهر رمضان ومواسم الاعياد وايام الجمعة تحت انظار الجميع.
لا اجد في تعاليم ديننا ما يعطي المبرر لرواد المساجد ان يغلقوا الطرقات وبعطلوا مصالح الناس ويستبيحوا الفضاء العام. الدين الاسلامي الذي  أسس لحقوق الناس ودعانا الى إماطة الاذى عن الطريق ووضع دستورا ينبهنا الى ضرورة مراعاة آدابها لا يقر بشكل من الاشكال الافعال التي يقوم بها البعض دون الالتفات الى الاخطار التي تمثلها هذه السلوكيات على حياة الناس ودورة نشاطهم. في حالات كثيرة حال الوقوف في مداخل العمارات وإغلاق الشوارع دون اسعاف بعض المصابين وايصالهم الى المستشفيات في الوقت المناسب. وفي حالات اخرى اضطرت بعض الاسر ان تمكث في سيارتها وسط صراخ أطفالهم ريثما ينهي المصلون الذين اغلقوا الشارع صلاتهم.
  اعتقاد البعض بان اداء الصلاة يمنحه الحق في اغلاق الشارع  ومنع الآخرين من استخدام الطريق سلوك ينبغي العمل على معالجته والتصدي الحازم لكل من يقدم على ارتكابه تحت اي مبرر او غطاء. ممارسة الشعائر والطقوس لا تعطي أصحابها المبرر للتعدي على حقوق الآخرين بل تدفعهم لتقديرها واحترامها والوفاء بها.