تقرير اللجنة المالية النيابية حول الموازنة

أحمد عوض العديد من التشخيصات التي قدمتها اللجنة المالية النيابية للأوضاع الاقتصادية الأردنية أمس، في تقريرها حول الموازنة العامة للحكومة والوحدات الحكومية للعام 2019 أمام مجلس النواب، تتعارض مع توصيتها النهائية بإقرار مواد مشروع قانون الموازنة كافة. التقرير الذي عكفت على إعداده اللجنة المالية النيابية بعد مشاورات طويلة ومعمقة مع مسؤولين حكوميين وخبراء وممثلي أصحاب المصالح من أصحاب الأعمال ومستثمرين في مختلف القطاعات الاقتصادية، تضمن بعض القراءات الموضوعية لأوضاع الاقتصاد الأردني والتحديات التي يواجهها والسياسات الحكومية التي أدت الى تفاقم أوضاعه. يسجل للجنة المالية أنها أكدت أن الحكومات ما تزال عاجزة عن الاستفادة من التشريعات الاقتصادية المحفزة للشراكة بين للقطاعين والخاص، وأنها عاجزة عن تطوير تصورات واقعية لاستثمار التحديات المحيطة وتحويلها الى فرص، وفشل الحكومات المتعاقبة في المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل، وعجزها عن رفد سوق العمل بالكوادر الفنية المؤهلة، وقصور الحكومات في تحقيق التوازن بين الاقتراض الداخلي والخارجي في إدارة الدين العام. إلا أنه يؤخذ على تقرير اللجنة أن مساحة كبيرة منه جاءت استعراضا للمؤشرات الاقتصادية الأساسية المتاحة أصلا في التقارير المالية التي تصدرها الحكومة والبنك المركزي؛ حيث كان يتوقع من التقرير تقديم قراءات تحليلية نقدية شاملة، توضح للسيدات والسادة النواب والمواطنين الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني والتي أدت الى تراجع مختلف مؤشراته، وتأثيرات ذلك على المؤشرات الاجتماعية التي يعاني منها غالبية المواطنين؛ حيث اتساع رقعة الفقر والبطالة وغيرها من المؤشرات المتعلقة بالصحة والتعليم والنقل والخدمات العامة الأخرى. وكان متوقعا أيضا من تقرير اللجنة المالية النيابية تقديم سياسات بديلة للسياسات الاقتصادية المختلفة التي أدت الى تراجع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وعدم الاكتفاء بنقد بعضها. وكان متوقعا كذلك، أن نلمس نتائج الحوارات والنقاشات التي أجرتها اللجنة على مدار 55 اجتماعا -حسب تقرير اللجنة- مع عشرات الخبراء وأصحاب المصالح على محتويات التقرير. إضافة الى ذلك، فإن العديد من التوصيات التي قدمتها اللجنة في إطار تقريرها الى مجلس النواب كانت ذات طابع عمومي وغير محدد، مثل دعم القطاع الزراعي ودعم المشروع الوطني لنظام الفوترة والمقاصة الالكتروني، واستغلال المياه الجوفية من خلال تنظيم وترخيص الآبار الارتوازية، واستغلال المصادر الطبيعية من خلال إنشاء صناعات متخصصة، وتفعيل دور السفراء في جذب الاستثمارات وغيرها. وقليلة هي التوصيات المحددة التي وردت في التقرير، كان أهمها رفع الحد الأدنى للأجور بما ينسجم مع كلف المعيشة ومعدلات التضخم. وفي الوقت الذي يشير تقرير اللجنة الى ضرورة صياغة مقاربات جديدة لأرقام الموازنة بهدف الانعتاق من سياسات صندوق النقد الدولي، ووقف استنزاف الإيرادات الوطنية في خدمة المديونية الخارجية، فإنه يطلب من السيدات والسادة النواب الموافقة على مواد مشروع قانون الموازنة كافة بدون أي تغييرات. الملاحظات أعلاه، ليست تقليلا من الجهود الكبيرة التي بذلها أعضاء اللجنة المالية النيابية ورئيسها، فهي جهود مقدرة، ولكن نأمل أن يتم في المستقبل تغيير منهجية إعداد تقارير اللجنة المالية لتكون أكثر شمولية، وأكثر عمقا، لتعكس موقف مجلس النواب (من لجنة المالية المتخصصة) من السياسات الحكومية وتقديم سياسات بديلة لها قابلة للتنفيذ.اضافة اعلان