تقرير دولي يؤكد انتهاكات الاحتلال الخطيرة في الخليل

برهوم جرايسي الناصرة - كشف النقاب أمس الثلاثاء، عن تقرير للقوة الدولية الخاصة في مدينة الخليل، التي مهمتها مراقبة تطبيق الاتفاق الخاص بالمدينة الذي تم توقيعه العام 1998. يستعرض سلسلة واسعة جدا من انتهاكات الاحتلال الاستبدادية والاستيطانية في البلدة القديمة في المدينة، وبضمن ذلك السيطرة على أملاك الفلسطينيين، ومنع حرية الحركة. وقالت صحيفة "هآرتس"، التي عرضت حيثيات التقرير، إنها المرّة الأولى التي يتم فيها تسريب تقرير القوة الدولية "تي.آي.بي.اتش"، إلى وسائل الإعلام، وهي قوّة أقيمت بموافقة اسرائيل والسلطة الفلسطينية في اطار اتفاق "واي ريفر" التي وقع عليها في 1998 بين ياسر عرفات ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ولايته الاولى. وتضم "تي.آي.بي.اتش" 64 مراقب من خمس دول مانحة: ايطاليا والنرويج والسويد وسويسرا وتركيا. والتقرير المشار اليه، تم نشره في نهاية 2017، وهو يرتكز على 40 ألف "تقرير عن احداث" جمعتها القوة الدولية، على مدى هذه السنوات. ويقول معدو التقرير فإن الخليل تسير في الطريق المعاكس لذلك الذي وافقت عليه في 1997 اسرائيل والسلطة الفلسطينية في اتفاق الخليل، وهو ملحق في اتفاقات اوسلو. الاتفاق قسم المدينة الى قسمين: اتش 1، وهي منطقة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وتضم نحو 80 في المئة من المدينة التي يعيش فيها 175 ألف فلسطيني. واتش 2، وهي البلدة القديمة، التي يستوطن فيها ما بين 500 إلى 800 مستوطن، من أشد العصابات الاستيطانية إرهابا، ينغصون حياة 40 ألف فلسطيني في البلدة القديمة. ويؤكد التقرير أن الاحتلال تقيد حرية الحركة وحقوق العبادة للفلسطينيين الذين يعيشون في منطقة اتش 2. بهذا تكون اسرائيل مسؤولة عن "خرق واضح وروتيني" لحق عدم التمييز، خلافا لما كتب في الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه اسرائيل في 1991. كما جاء في التقرير أن اسرائيل تخرق بصورة مستمرة المادة 49 من ميثاق جنيف الرابع، التي تحظر طرد الناس من منطقة محتلة. حسب الوثيقة، إن السعي لـ "حياة طبيعية" لا يوجد في أي جزء من المدينة، وبالأساس ليس في منطقة البلدة القديمة، التي تقع في منطقة اتش2. هكذا مثلا فإن سوق الخضار الفلسطيني القديم تحول الى منطقة عسكرية للاحتلال، الذي سيطر عليه المستوطنون اكثر مرة. وهو يستخدم كساحة لعب لأولادهم. وتؤكد "تي.آي.بي.اتش" فإن كل وجود لمستوطنة في الخليل يشكل خرقا للقانون الدولي. ويشكك التقرير ايضا بالادعاءات التي اسمعها مستوطنون فيما يتعلق بملكية عقارات في البلدة القديمة. إذ يدعي المستوطنون انهم يمثلون اصحاب ملكية يهود قدامى هربوا أو قتلوا في احداث 1929 في المدينة. ولكن حسب القوة الدولية، فإنه لا يوجد للمستوطنين الحاليين أي علاقة عائلية بالمالكين القدامى للمناطق، التي كانت غير مأهولة أو يستخدمها يهود قبل 1929، ومسألة الملكية على الارض لم تحل بعد. كما جاء في التقرير أن تقسيم المدينة يناقض ما جاء في اتفاق الخليل، ويصعب حرية الحركة للأشخاص والبضائع والسيارات. هكذا فإن العوائق والحواجز العسكرية الكثيرة التي اقيمت بين شطري المدينة تعيق بالأساس الأهالي الفلسطينيين فيها. ويركز التقرير على شارع الشهداء، أحد الشوارع التجارية المركزية في البلدة القديمة، المغلق بأيدي الاحتلال منذ مجزرة الخليل في العام 1994. وهو اليوم فارغ كليا، وكل المحال التجارية فيه مغلقة. ويحظر الاحتلال على الفلسطينيين المرور فيه. ويشير التقرير الى كيف أنه في السنوات العشرين الاخيرة تابعت القوة الدولية قيود الحركة المشددة التي فرضت على الفلسطينيين في الشارع، وتطرقت ايضا الى اجزاء اخرى في منطقة اتش2. السائقون المستوطنون في المقابل سمحت لهم اسرائيل بالوصول الى كل الشوارع في منطقة اتش2. وتوقف التقرير، عند "تصاريح" الاحتلال لعصابات المستوطنين، للبناء في البلدة القديمة، وتوسيع البؤرة الاستيطانية. كما يحصل المستوطنون على افضلية في كل ما يتعلق بالبنى التحتية للبناء وصيانة الشوارع وشبكة المياه. ويقول التقرير إن اعضاء "تي.آي.بي.اتش" كانوا شهودا على استخدام الامر العسكري من اجل اغلاق طريق الوصول الى اراضي في مستوطنة تل الرميدة، من اجل القيام بحفريات أثرية، كي تشكل بينات على وجود يهودي في المكان من القرن الاول قبل الميلاد، وبذلك منع وصول الفلسطينيين الى المكان بعد سنوات طويلة كان مسموحا لهم ذلك فيها. كما أن حركة الفلسطينيين الذين يعيشون في تل الرميدة تضررت جدا. فخلال السنين طوقت المنطقة بالحواجز، ولا يسمح للفلسطينيين باستقبال ضيوف لا يظهرون في قوائم جيش الاحتلال، الذي يضيق مجال الحياة على الفلسطينيين، إذ وضع امام الفلسطينيين في الحي، عقبات كبيرة في نشاطات مثل التعليم والعمل واجراء العلاقات العائلية. ويفصّل لتقرير يفصل ايضا كيف تم شق شوارع على اراضي زراعية فلسطينية مخصصة فقط للمصلين اليهود، الذين يسافرون من مستوطنة كريات اربع الى وسط الخليل. وتم هدم بيوت فلسطينية من العهد العثماني، كانت في الجزء الاخير من هذا المسار. وينتقد التقرير العوائق الكثيرة التي وضعت أمام الفلسطينيين في الوصول الى الحرم الابراهيمي، فحاليا يوجد فقط نقطتين للوصول الى المسجد، ويضطر المصلون الى عبور عدة حواجز من اجل الوصول اليه. كذلك، المصلون يضطرون الى اجتياز تفتيش وأحيانا يضطرون الى خلع جزء من ملابسهم. وأشار التقرير إلى كثرة حظر الأذان، وفي الملخص يقول، إن عدد المصلين في المسجد هبط الى النصف جراء هذه القيود.اضافة اعلان