تقرير دولي يحذر: الأردن قد يستنزف موارده القابلة للتجدد قريبا

انفوجراف يوضح أيام تجاوز البلاد للموارد الايكولوجية في العام 2018 -(من المصدر)
انفوجراف يوضح أيام تجاوز البلاد للموارد الايكولوجية في العام 2018 -(من المصدر)

فرح عطيات

عمان - كشف تقرير دولي عن "استنزاف الأردن لموارده القابلة للتجدد بحلول منتصف شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بسبب ارتفاع معدلات الاستهلاك وتزايد عدد السكان، الذي وصل لنحو عشرة ملايين نسمة.اضافة اعلان
وفي التقرير الصادر عن منظمة البصمة العالمية "جلوبال فوتبرنت نتويرك" غير الحكومية فإن "يوم تجاوز موارد الأرض أصبح أقرب من العام السابق، والذي صادف مطلع الشهر الحالي، وهو  التاريخ الذي تستخدم فيه الإنسانية موارد طبيعية أكثر مما يمكن للكوكب تجديده في ذلك العام بأكمله".
ووفق التقرير، الذي حصلت "الغد" على نسخة منه، فإنه "كلما ازداد استخدام البشر للموارد الطبيعية للأرض، أصبح موعد إحياء هذا اليوم أقرب من العام السابق، حيث كان يوم تجاوز الأرض في العام 2017، بتاريخ 2 آب (أغسطس)".
وتوقعت المنظمة في تقريرها أن يتجاوز طلب البشر للموارد الإيكولوجية على كوكب الأرض ما يمكن للطبيعة أن تجدده
بنحو 75 % بحلول العام 2020، وهذا يعني أننا "نستخدم حاليا موارد الطبيعة بمعدل 1.7 مرة أسرع من الأنظمة البيئية على كوكب الأرض التي يمكن تجديدها خلال سنة، نتيجة لتزايد معدلات استهلاكنا وتزايد عدد السكان"، وفق الخبيرة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي.
ووفق تقرير المنظمة فإن "الأفراد يستخدمون موارد وخدمات إيكولوجية أكثر مما يمكن للأرض تجديده نظرًا للإفراط في الصيد والاستغلال المفرط للغابات وتزايد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أكبر مما في وسع المحيطات والغابات امتصاصه".
ولفتت الجيوسي، في تصريحات لـ "الغد" إلى أن "الممارسات الفردية والجماعية هي التي تتسبب في نفاد موارد الأرض، باعتبار أن عدد سكانها حوالي 7.6 مليار فرد، وإذا كل واحد منهم، قرر الاستهلاك بطريقة غير مستدامة، فهذا يعني ان جميعهم مستهلكون لتلك الموارد، وهنا تكمن أهمية الوعي الفردي في الحفاظ عليها من الاستنزاف".
وضربت الجيوسي مثلا على ذلك بأن" كل فرد إذا قرر استخدام كأس بلاستيكي واحد ورميه واعتقد أن هذا أمر طبيعي، فإن هذا لن ينعكس سلبا عليه وحده بل على غيره كذلك"، مضيفة "بالنظر الى الصورة بشكلها الأكبر لقياس مدى خطورة ذلك الأمر، فإنه في حال اعتبر سكان العالم أجمع أن رمي الأكواب البلاستيكية في مختلف الأماكن العامة هو أمر طبيعي، فسنجد بلايين من الأكواب البلاستيكية بعمل فردي واحد فقط".
وبقياس أثر ذلك على الاردن، اشارت الى أن "وزارة البيئة إذا لم تقم بالحد من استخدام الأكياس البلاستيكية، والاقتداء بالدول العربية العربية مثل المغرب التي أصدرت قرارا بمنع تداولها واستعمالها بشكل تام، ولذلك سنجد ملايين الأكياس ترمى بصورة طبيعية".
ونوهت إلى "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأكياس غير قابلة للتحلل، ما يستدعي إقرار قوانين رادعة من الحكومة، وزيادة وعي الأفراد، والتي تقع مسؤوليتها على المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني على حد سواء"، محذرة من "استنزاف موارد الأرض غير القابلة للتجدد تلقائيا كونها ستؤثر سلبا على دورة حياة الكائنات وترفع من وتيرة التلوث البيئي".
ووفق التقرير الدولي ذاته، ومنذ اليوم الذي بدأ فيه إحياء هذا الحدث العام 1986، فإن موعد هذا العام يعد الأقرب، نظرا لاستهلاك الأفراد كل الموارد التي في وسع الطبيعة تجديدها في غضون عام كامل بشكل أسرع.
"وتعصف بالأردن موجة استهلاك متطرفة غير مسبوقة منذ العقدين الماضيين، التي دفع رأس المال الطبيعي الثمن الباهظ نتيجة هذه الموجة المصحوبة بعبثية في التخطيط لاستغلال الموارد الطبيعية بشكل مستدام، وفق رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (الاتحاد النوعي) عمر الشوشان.
وأدى ذلك بحسب الشوشان الى "فقدان الكثير من الانظمة البيئية والأنواع الحيوية، نتيجة التوسع الحضري، والصيد الجائر، وتبني أنماط زراعية خاطئة، على حساب الامتداد الطبيعي للأنظمة البيئية الأصيلة، التي كانت توفر الإنتاج المستدام للمواطن".
"وعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة، وارتفاع أعداد اللاجئين في المملكة، والذي سرع في عملية تآكل الموارد الطبيعية، إلا أن الجهود الرسمية ما زالت متواضعة في حماية المكون الطبيعي، وكبح جماح الاستهلاك المفرط الذي تشهده المملكة في هذه الأيام".
وطالب الشوشان "صانعي القرار بايلاء الأهمية للارتباط العضوي بين حالة الفقر والبطالة، مع الاستهلاك والإنتاج غير المستدام"، داعيا الى "التفكير بشكل منهجي، وبصورة شمولية لحماية ما تبقى من الموارد الطبيعية، حيث أن الإبقاء على النمط الحالي في الاستهلاك سيزيد من معدلات الانبعاثات والتغير المناخي ومن مستويات الجفاف والتصحر، التي ستؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني".
ولا يقتصر الامر على ذلك، في رأي الشوشان لأن "التأثيرات ستطال الاستقرار السياسي بسبب الاعتماد على الآخر في تأمين الموارد".
ولكن هذا الوضع قابل لعكس مساره، وهناك أمل لتأخير تجاوز قدرة الأرض لخمسة أيام كاملة، وفق دراسة أجرتها المنظمة التي أفادت أنَّ استبدال 50 % من معدلات استهلاك اللحوم بحميةٍ غذائيةٍ نباتيةٍ من شأنه المساهمة في التأخير، كما أن رفع الكفاءة الإنتاجية في البناء والصناعة قد يُحدث فارقاً يصل لثلاثة أسابيع، وخفض 50 % من مكونات الكربون في البصمة الإيكولوجية سيمنح ثلاثة أشهر لالتقاط الأنفاس، وفق الدراسة ذاتها.
وقال رئيس شبكة البصمة البيئية العالمية، وأحد واضعي المعيار الحسابي للموارد في احتساب البصمة البيئية ماتيس واكرناغل، في تصريحات له في التقرير "نعتقد في شبكة البصمة العالمية، أن الإفراط في استخدام النظم البيئية للأرض هو واحد من أكبر التحديات التي تواجه البشرية اليوم إضافةً إلى تغير المناخ".
ومن وجهة نظره فإن "تغيير اقتصادات الدول لمواجهة هذا التحدي ليس بالمهمة السهلة، ولكن كما استفادت الإنسانية من الإبداع والابتكار في الماضي، يمكن فعل الشيء نفسه مرة أخرى لخلق مستقبل زاهر خالٍ من الوقود الأحفوري ودون تدمير الكوكب".
ومن الحلول التي وضعتها المنظمة لتحسين الاستدامة الاعتماد على استراتيجيات تخطيط المدن والتنمية الحضرية، التي لها دور أساسي في تحقيق التوازن بين إمدادات رأس المال الطبيعي وطلب السكان.
كما أن "تحويل الاقتصادات إلى خالية من الكربون بعتبر أفضل فرصة ممكنة للتصدي لتغير المناخ، وسوف يتحسن معه التوازن بين البصمة البيئية والموارد الطبيعية المتجددة على كوكب الأرض".
ومن بين الحلول أيضا "تغيير طريقة تلبية احتياجاتنا الأساسية المتمثلة في الغذاء التي تعتبر حلا فعالا للتأثير على الاستدامة، مثل التصدي للنمو السكاني، وتمكين المرأة، الذي يعد شرطا أساسيا للاستدامة العالمية.