تقرير: 22 % نسبة ارتفاع الاحتجاجات العمالية العام الماضي أغلبها للقطاع الخاص

اعتصام سابق لعمال الفوسفات أمام مجلس النواب- (تصوير: أمجد الطويل)
اعتصام سابق لعمال الفوسفات أمام مجلس النواب- (تصوير: أمجد الطويل)

عمان-الغد- ارتفعت الاحتجاجات العمالية العام الماضي بنسبة 22 % عما كانت عليه في العام 2015، حيث بلغ عددها 288 احتجاجا، مقارنة مع 236، ونفذ أغلبها القطاع الخاص، بحسب التقرير السنوي السابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أمس.اضافة اعلان
واشار التقرير الذي أصدره المركز بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية إلى أنه "بالرغم من استمرار الاحتجاجات العمالية عند مستويات أقل مما كانت عليه في أعوام 2011-2013، الا أن أعدادها ما تزال ملفتة، وتعكس اختلالات جوهرية في علاقات العمل وتوترات في سوق العمل الأردني".
وقال إن "كثافة الاحتجاجات العمالية تعكس عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الأردن، حيث استمرار تراجع مؤشرات العمل اللائق، وانخفاض مستويات الأجور وتفاوتها، واتساع رقعة التهرب التأميني، وارتفاع العبء الضريبي على المجتمع".
ورأى أن سوق العمل في الأردن "ما يزال يعاني من فجوات كبيرة في تطبيق معايير العمل اللائق والمبادئ والحقوق الأساسية في العمل بمختلف أبعادها ومؤشراتها، من حيث التشريعات والسياسات والممارسات، سواء بتوفير فرص العمل الكافية واللائقة، أو توفير كافة أشكال الحماية الاجتماعية للعاملين وتمكينهم من ممارسة حقهم في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية".
وأضاف أن "من شأن استمرار حالة الإنكار والإهمال للفجوات الحقيقية التي يعاني منها سوق العمل أن يعمق الاختلالات الاجتماعية، والتي ستؤدي بالضرورة الى عدم استقرار على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسة، ما يؤثر سلبا على استقرار الأردن بشكل عام".
وأكد أن "المشهد الاحتجاجي العام الماضي شهد استمرار الحكومة وأصحاب الأعمال في التعامل السلبي مع الاحتجاجات العمالية، سواء في عدم الاستجابة لمطالب المحتجين، أو منع بعض العاملين من الاحتجاج، أو إيقاع العقوبات الإدارية بحق النشطاء النقابيين، أو في توقيفهم من قبل الحكام الإداريين".
وأضاف أن من أساليب معاقبة المحتجين "وقف بعض الاحتجاجات بالقوة، حيث اعتقل ثمانية من المعتصمين العاملين، وممثلي العمال في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية بسبب اعتصامهم، وجرت محاولات لفض الاحتجاج بالقوة أكثر من مرة".
وجرى كذلك، وفق التقرير، "إغلاق ساحة اعتصام سائقي العمومي على دوار المشاغل في منطقة طبربور لمنعهم من الاحتجاج، وكذلك فض أكثر من اعتصام للمتعطلين عن العمل في محافظة مادبا الذي جاء للمطالبة بتوفير فرص عمل، وفض اعتصام سائقي سرافيس في محافظة إربد، وفض اعتصام سائقي خط سفريات عمّان السعودية الذي جرى تنفيذه بسبب منع السلطات السعودية للسيارات الأردنيّة العاملة على الخط دون سنة صنع 2010 من دخول أراضيها".
وقال إنه "تم منع قوات الأمن العاملين في شركة الأبيض للأسمدة والكيماويات من تنفيذ اعتصامهم أمام مجلس النواب، وكذلك فض احتجاج بحارة الرمثا من قبل قوات الأمن، وجاء الاحتجاج بسبب معارضة البحارة لتعامل بعض موظفي الجمارك معهم، ومنع حملة شهادة الدكتوراة من ذوي الإعاقة الحركية من إقامة اعتصامهم أمام السفارة السويدية".
وأضاف: "بلغ عدد الاحتجاجات التي نفذها العاملون في القطاع الخاص ما مجموعه 185 احتجاجا بنسة (64 %) من مجموع الاحتجاجات، فيما نفذ العاملون في القطاع العام ما نسبته (23 %) وبواقع 67 احتجاجاً عمالياً، فيما نفذ المتعطلون عن العمل 36 احتجاجاً بنسبة (13 %)".
وأشار إلى "التراجع الملموس للاحتجاجات العمالية في القطاع العام، حيث بلغت عام 2011 ما نسبته (58.5 %)".
وفي تفسيره لتراجع هذه النسبة، أشار مدير المركز أحمد عوض، إلى أن هنالك عدة أسباب تمثلت في "تراجع زخم الاحتجاجات العمالية بشكل عام، والتغييرات الهيكلة التي جرت على رواتب وموظفي القطاع العام، والتي أدت الى زيادة أجور قطاعات واسعة منهم، هذا الى جانب إيقاع العديد من العقوبات بحق العديد من النشطاء النقابيين العاملين في القطاع العام، وتشديد عمليات التضييق عليهم".
وأشار إلى "زيادة نسبة الاحتجاجات العمالية في القطاع الخاص مقارنة مع القطاع العام، والتي يمكن تفسيرها باستمرار تراجع شروط العمل المختلفة، خاصة في جانب الأجور، واستمرار بقائها عند مستويات منخفضة، أما المتعطلون عن العمل فاستمر ارتفاع نسبة الاحتجاجات لديهم، والذي يعود في جانب كبير منه الى ارتفاع معدلات البطالة خلال السنوات الأخيرة، حيث سجلت في الربع الأخير من العام الماضي 15.8%، وهي نسبة غير مسبوقة منذ ما يقارب عشرة أعوام".
وأشار إلى أن "عدد الاعتصامات العمالية بلغ 162، بنسبة (56.0 %)، أما الإضرابات العمالية فكان عددها 71، بنسبة (25.0 %)، وبلغ عدد التهديدات بإجراءات احتجاجية 41 تهديداً، بنسبة (14.0 %)، أما التهديد بإيذاء النفس (الانتحار) فبلغ عددها 14 بنسبة (5.0 %)".
وقال إنه "بالرغم من أن فريق المرصد العمالي الأردني رصد 14 حالة تتعلق بالعمل بشكل مباشر، إلا أن الأردن وخلال العام الماضي شهد 117 حالة انتحار، جزء غير قليل منها كان لأسباب اقتصادية، مرتبطة بشكل غير مباشر بالعمل".
وأفصح عن "تعدد الأسباب التي نفذت لأجلها الاحتجاجات العمالية، لتشمل المطالبة بزيادة الأجور والعلاوات، وتحسين المنافع والحوافز للعاملين، والاعتراض على الفصل من العمل، والمطالبة بالتثبيت في أماكن العمل، إلى جانب أسباب أخرى".
وتشير الأرقام إلى أن "أولويات العاملين بأجر في الأردن تركزت في المطالب العمالية متعددة الأهداف، إذ احتلت المرتبة الأولى لأول مرة منذ ستة أعوام، بواقع 86 احتجاجا، وبما نسبته 30 % من مجمل الاحتجاجات، وتلا ذلك الاحتجاجات على تطبيق تعليمات وأنظمة جديدة سببت أضراراً للعاملين بواقع 73 احتجاجا، بنسبة 25 %، فيما احتلت المطالبات بتوفير فرص عمل المرتبة الثالثة بواقع 36 احتجاجا وبنسبة 13 %".
وأضاف: "تراجعت نسبة الاحتجاجات التي تهدف إلى زيادة الأجور إلى المرتبة الرابعة بواقع 32 احتجاجا وبنسبة 11 %، وتلا ذلك الاحتجاجات على عمليات الفصل الجماعي، حيث تم تنفيذ 29 احتجاجا بنسبة 10 %، ونتيجة لغياب الاستقرار والأمن الوظيفي للعاملين في مواقع عملهم، فيما تم تنفيذ 3 احتجاجات بنسبة 1 % للمطالبة بالتثبيت في أماكن العمل".
وتابع: "أما الاحتجاجات التي طالبت بتوفير الصحة والسلامة المهنية في أماكن العمل، والاحتجاج على اعتقال عدد من العاملين، وتوفير التأمين الصحي، إلى جانب المطالبة بالإجازات، فبلغت نسبتها 10 % بواقع 29 احتجاجا".
وبين أنه "نُفذت غالبية الاحتجاجات العمالية من قبل فئات لا يتوفر لديها إطار نقابي ينظمها، حيث بلغت نسبة الاحتجاجات التي نفذها العاملون خارج إطار تنظيماتهم العمالية 60 %، بواقع 174 احتجاجا، فيما نفذت النقابات العمالية ولجانها (الرسمية، المستقلة) 62 احتجاجا بنسبة 22 %، أما النقابات المهنية فنفذت 5 % من الاحتجاجات بواقع 16 احتجاجا، أما المتعطلون عن العمل فنفذوا 13 % بواقع 36 احتجاجا".
وعزا عوض سبب ذلك إلى ضعف أو غياب قنوات الحوار والتفاوض بين العاملين بمختلف فئاتهم من جهة، والإدارات وأصحاب الأعمال من جهة أخرى، ما انعكس على زيادة أعداد الاحتجاجات.
وأشار التقرير الى أن الاحتجاجات العمالية توزعت على عدد من القطاعات الاقتصادية بدرجات متفاوتة، إذ شكلت احتجاجات العاملين في قطاع النقل ما نسبته 18 % بواقع 53 احتجاجا، تلاه قطاع الخدمات بنسبة 15 % وبواقع 44 احتجاجا، أما قطاع الغزل والنسيج فنفذ العاملون فيه 14.5 % من مجمل الاحتجاجات بواقع 42 احتجاجا، والمتعطلون نفذوا 12.5 % بواقع 36 احتجاجا، وتلتهم قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والتعليم والصحة والكهرباء والبلديات والمياه والإنشاءات.
وأفاد أن العاصمة احتلت المرتبة الأولى في عدد الاحتجاجات خلال عام 2016، بواقع 105 احتجاجات بنسبة 35%، تلتها إربد بواقع 64 وبنسبة 22 %، وحلت معان ثالثا بـ26 احتجاجا وبنسبة 9 %.
وأوصى التقرير بضرورة تطبيق مبادئ ومعايير العمل اللائق والمبادىء والحقوق الأساسية في العمل، الى جانب إعادة النظر في سياسات الأجور في القطاعين والعام والخاص باتجاه زيادتها.
كما أوصى بضرورة تعديل نص المادة 31 من قانون العمل، والمتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات التي تسمح بعمليات الفصل الجماعي من العمل، وتعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بتشكيل النقابات العمالية، والسماح لجميع العاملين بأجر في الأردن بتشكيل نقاباتهم بحرية، وإلغاء احتكار تمثيل العمال من النقابات العمالية القائمة.
كذلك طالب بتعديل نصوص نظام الخدمة المدنية، ليسمح للعاملين في القطاع العام بتأسيس نقاباتهم بحرية، وبما يضمن حقوقهم المنصوص عليها في التعديلات الدستورية التي جرت عام 2011، وقرار المحكمة الدستورية التفسيري رقم 6 لعام 2013، والذي ضمن للعاملين في القطاع العام حق تشكيل نقابات خاصة بهم، ولتنسجم مع نصوص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صادق عليه الأردن ونشره في الجريدة الرسمية.