تقييم يوم الانتخاب

رغم العدد المحدود من التجاوزات التي حدثت يوم الانتخاب سواء لجهة محاولات شراء الأصوات أو بعض الاحتكاكات الانتخابية بين أنصار المرشحين، إلا أن يوم الانتخاب جرى بيسر ونظام مارس خلاله الأردنيون حقهم باختيار ممثليهم في مجلس النواب المقبل. الإجراءات الصحية والانتخابية كانت واضحة ومنظمة، لم يكن هناك أي نوع من الاكتظاظ أو التأخير، وربما أهم ما ميز تجربة الانتخاب هي أعداد المتطوعين الذين كانوا يبادرون للمساعدة ويستخدمون هواتفهم للبحث للناخبين لمعرفة صندوقهم الانتخابي.اضافة اعلان
هذه هي الديمقراطية والانتخابات، مرشحون يتنافسون ومقترعون يقررون. التجاوزات على محدوديتها كانت مؤسفة؛ قلة قليلة حاولت شراء الأصوات والبعض صور ذلك وتم تداول التصوير، اتخذت اجراءات قانونية بحق بعضهم ممن عرفوا، لكن هذا لم يبطلْ الضرر الذي أحدثه هؤلاء الذين حاولوا شراء الأصوات مع كل أسف. ربما كان يجب التشديد على عدم إدخال الهواتف النقالة إلى صناديق الانتخاب، لأن ذلك كان سيحد من الظاهرة رغم أنه لن ينهيها فقد لجأ البعض للحلفان على كتاب الله من أجل ضمان التصويت للصوت الذي تم شراؤه!! تخلل التصويت والفرز أيضا بعض أحداث العنف المحدودة جدا والتي تمت السيطرة عليها. ظاهرتا العنف وشراء الأصوات المحدودتان لم تؤثرا على النزاهة العامة للانتخابات، فهذه الظواهر كانت غير منتشرة رغم تداولها بكثافة على منصات السوشال ميديا. بانتظار تقارير الجهات الرقابية المتخصصة والمعتمدة، لكن يمكن القول إنه بالمجمل حققت الانتخابات بحسب المشاهدات الأولية درجة محترمة من الشفافية والنزاهة عكست اختيارات جمهور الناخبين.
تراجعت نسبة المشاركة الانتخابية لحدود 30 % مقارنة ب 36 % في انتخابات العام 2016، ويعود ذلك لسببين رئيسين هما انتشار الوباء والحظر الشامل. الوباء أخاف أعدادا من الناس من المشاركة خاصة فئة كبار السن رغم أن الإجراءات الصحية كانت ممتازة داخل غرف الاقتراع. هذه الفئة من الأردنيين فضلت عدم المشاركة تجنبا لتعريض صحتها للخطر. أما الحظر الشامل فقد شغل الأردنيين واضطرهم لصرف الوقت والجهد على التمون لأربعة أيام الحظر، وهذا بدوره كان على حساب قرارهم بالذهاب للاقتراع. 30 % ليست نسبة سيئة رغم أنه كان من الممكن أن تكون أفضل، ووجب التذكير هنا أن هذه الانتخابات وما سبقها تمت دون مرحلة التسجيل للانتخاب وهذا انعكس مباشرة على الأرقام. بالسابق وقبل تعديل قانون الانتخاب مؤخرا، كان يسجل للاقتراع نحو نصف من يحق لهم الاقتراع، وممن سجلوا كان يقترع حوالي 50 % أيضا ما يجعل النتائج النهائية للمشاركة بحدود 50 % لأنها استندت لأعداد المسجلين للانتخاب وليس لكامل مجموع من يحق لهم الانتخاب كما حدث في هذه الانتخابات والتي سبقتها. لذلك كان الأفضل استخدام الأرقام المطلقة للمشاركة الانتخابية وليس النسب لأنها قد تكون مضللة لمن لا يعلم خفاياها.
العنوان العريض أن الانتخابات جرت بنجاح، وعلينا أن نحذر الآن من جمهور الراسبين بالانتخابات التي ستطعن بنزاهتها لتبرير إخفاقها وهي ما يحدث عادة بعد كل انتخابات.