تكون أو لا تكون.. المسؤول

سايمون مسترد*

وأنا اكتب هذا المقال، أكون قد أوشكت على إنهاء فترتي كقائم بالأعمال في السفارة البريطانية في عمان؛ وأتطلع كثيرا لوصول سفيرنا الجديد إدوارد أوكدين. اضافة اعلان
لقد قمت بهذا الدور لعدة أسابيع، عقب مغادرة السفير بيتر ميليت. ووزارة الخارجية البريطانية تسمي هذه الفترة بالانتقالية، وأنا لست متأكداً ما معنى ذلك حرفيا، ولكنها ليست بتلك الأهمية الكبيرة. وهذا يفسر نوعا ما الفترة التي تكون فيها قائما بالأعمال.
لقد كانت هذه الفترة حافلة بالعديد من الزيارات والاجتماعات مع أفراد من العائلة المالكة، كما مع كبار الوزراء والمسؤولين الأردنيين، والتي جميعها تشير إلى قوة العلاقات الثنائية. نحن نعمل بجد مع زملائنا الأردنيين على نطاق واسع من القضايا المتعلقة بالاستقرار والمساعدات الإنسانية والأمور الأمنية. كما تطلّبت جميع الأحداث الإقليمية في اليمن والعراق وسورية اهتماما منّا.
إضافة إلى ذلك، ومن أجل المراجعة وحسن التدبير، قام فريقان من لندن بزيارتنا لضمان صرامة وشفافية العمليات المالية والإدارية لدينا.
خلال هذه الفترة اضطررت إلى ارتداء "قبعتين"؛ واحدة "كرئيس للبعثة"، محاولا إظهار قيادة واضحة وتحديد الرؤية لباقي السفارة. والأخرى، المهام اليومية كنائب للسفير، لضمان سير العمل بشكل صحيح (في معظم الأحيان)، ومساعدة الموظفين على القيام بأعمالهم بسلام وأمان، إضافة الى التأكد من أننا جميعا على تواصل مع أفراد الشعب الأردني.
كما شهدت في بعض الأحيان مواقف غريبة مع الموظفين والزملاء الأردنيين. فكل اجتماع تقريبا، كان يبدأ بعبارة "متى يصل السفير الجديد؟". لم يزعجني هذا السؤال أبدا، بل ذكرني بالأهمية التي يراها الجميع في دور وشخصية "السفير البريطاني". فمن الطبيعي جدا أن يتساءل الناس كيف سيكون إدوارد مختلفاً عن السفراء السابقين.
إذن، ما الذي تعلمته؟ الكثير من الأشياء. فكرئيس للبعثة، تحتاج إلى تجسيد الدور والتصرف بثقة (بغض النظر عن درجة التوتر التي قد تكون فيها). كما يتوقع منك كل من يلتقي بك أن تعرف كل شيء. عليك تحديد الأولويات بصرامة، وتفويض العمل للآخرين. كما وذكرتني الأسابيع القليلة الماضية بقيمة الفريق الجيد الذي يعرف وظيفته واتصالاته الرئيسة. فمع وجود سفارة كبيرة وأقسام متعددة، لا يمكن الوقوف عند التفاصيل، ولا يمكن أخذ الأمور بطريقة شخصية؛ فالناس يتكلمون الى المسمى الوظيفي، بقدر ما يتكلمون مع الشخص نفسه.
ذكرتني هذه الأسابيع أيضا أن الأمور البسيطة غالبا ما تُحدث فرقا. الحصول على بعض من الهدوء، على الأقل مرة واحدة في اليوم، هو أمر مهم لإعطاء نفسك مساحة للتفكير. لا تفوتوا فرصة الذهاب في نزهة والالتقاء بالزملاء والتحدث إلى الناس. وتذكروا دائماً أن الناس من داخل السفارة وخارجها مهتمون بما نقوم به ونقوله؛ فلا تهملوا الدبلوماسية العامة -وهي القيام بمهامنا- بغض النظر عن كمية الصور المحرجة!
لقد استمتعت كثيرا!

*نائب السفير البريطاني في الأردن