تلاعب إسرائيلي بـ"ناقل البحرين"

يواجه مشروع ناقل البحرين عدة مطبات جراء تنصل الجانب الإسرائيلي من مسؤولياته أمام المجتمع الدولي وشراكته مع الأردن بخصوص أهم الأولويات الاستراتيجية المتعلقة بالتعاون في جانب المياه، حيث يواصل اللعب على وتر الضغط على المملكة في قضايا مختلفة، وظهر ذلك جليا إبان حادثة السفارة التي قتل فيها أردنيان على يد إسرائيلي مجرم، وعند عدم تجديد تأجير منطقتي الغمر والباقورة، وفي أكثر من محاولة على أكثر من صعيد.اضافة اعلان
تجهد إسرائيل بين الفينة والأخرى إلى تسريب معلومات أو تقارير من شأنها إبعاد النظر عن الطرح الأردني للمشروع، وتبني طرحها التاريخي وهو مشروع ضخم منذ الثمانينيات، كانت ترى أنه يمكن أن يساهم في إنقاذ البحر الميت (ينخفض مستواه مترا واحدا كل عام حيث كان في بداية التسعينيات 392 تحت سطح البحر ويتراوح حاليا بين 418 و420)، ويتضمن هذا المشروع اقتراح مد قناة من البحر المتوسط إلى البحر الميت، كون استفادتهم المجنية من ذلك أعلى مقارنة بمد القناة بين البحرين الأحمر والميت، وهو المسار الذي تبناه الأردن واتفق عليه مسبقا.
تطرح عمان المشروع (تكلفته تبلغ 283 مليون دينار وتوقف العمل به بشكل مؤقت نتيجة أزمة سياسية بين الجانبين في العام 2017) على أساس أنه مصلحة ملحة لها، إذ إن المملكة ستجني منه فوائد عدة كونه سيوفر 85 مليون متر مكعب خلال المرحلة الأولى، كما سيزود البحر الميت بكميات مائية تصل الى 200 مليون متر مكعب سنويا، إضافة إلى إحداث تنمية شاملة في منطقة وادي عربة حيث سيعمل المشروع على توفير 2000-3000 فرصة عمل جديدة أثناء أعمال التنفيذ وفرص عمل دائمة لأبناء وأهالي المنطقة. غير أن إسرائيل طرف أساسي لتحقيق المعادلة التي يرغب بها الأردن، وهي قادرة على إعاقته وتهديده في حال لم تحصل على مكاسب منه.
الحكومة تمسكت بالمضي بتنفيذ المشروع و"إن كان ذلك بشكل منفرد"، بحسب تصريحات رسمية سابقة، نتيجة لأهميته أردنيا، ولمواجهة سياسة "الابتزاز والتلويح بالانسحاب" التي تحاول إسرائيل اتباعها بحجة أن ناقل البحرين ليس أولوية بالنسبة لها، وكوسيلة ضغط يعمد خبراؤهم إلى الترويج بأن "البحر الميت سيتوقف عن الانخفاض في نقطة ما. وإن احتياجات إسرائيل من المياه أكثر أهمية من مصير البحر الميت ذي المياه المالحة غير القابلة للاستعمال". ويقولون "لا نفكر في أمر البحر الميت عندما نفكر في نقص المياه، وبدلا من أن نغذي البحر الميت يجب القيام باستصلاح الصحراء".
في المقابل نادت أصوات أردنية بإقامة مشروع تحلية المياه بالعقبة كبديل للكميات التي قد يوفرها ناقل البحرين، وهروبا من التلكؤ الإسرائيلي، إلا أن ترويج هذا المشروع من أجل الحصول على تمويل له أمر في غاية الصعوبة، فالمجتمع الدولي ليس معنيا بحاجتنا للماء بقدر ما يرى في "ناقل البحرين" أنموذجا للتعاون والاستقرار الإقليمي بالمنطقة، لذا على الأردن مواجهة المراوغة الإسرائيلية بدفع الأميركان والأوروبيين للضغط على دولة الاحتلال للإيفاء بالتزاماتها بهذا الاتجاه.
ناقل البحرين هو الحل الاستراتيجي للوضع المائي في الأردن، ومشروع الديسي (يوفر نحو 100 مليون متر مكعب من المياه في ظل العجز المائي السنوي الذي يتجاوز 400 مليون متر مكعب) غير متجدد، لذا يجب أردنيا وضع جميع الملفات الثنائية على الطاولة، والتأكيد على أن أي تفاوض في باقي الملفات سيكون رهينا بالملف المائي نظرا لأولويته القصوى، فليس من المعقول أن يقتصر موقفنا تجاه ذلك فقط هو نفي ما تخرج به التقارير الإسرائيلية بهذا الشأن!.