تمديد التعطيل.. قرار صائب في واقع مُصاب

أول الغيث قطرة، فما إن أعلنت الحكومة الاستمرار بتعطيل الوزارات والدوائر الرسميّة والمؤسّسات والهيئات العامّة، أعمالها، لمدة أسبوعين آخرين، يبدأ من صباح يوم غد الأربعاء، حتى طالبت نقابة المقاولين بصرف مستحقات المقاولين، واللجوء إلى صندوق التعطل في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لتسديد رواتب العمالة في هذه الظروف، وكأن «الضمان» هو الحل الوحيد.اضافة اعلان
لا يشك أحد بأن قرار العطلة، الهدف منه حماية المواطنين والحفاظ على صحّتهم، لكن التعطيل لأسبوعين إضافيين، يعني صعوبات جديدة للعاملين في القطاع الخاص، وخصوصا أولئك الذين يعملون بمؤسسات وشركات ومصانع متوسطة أو صغيرة الحجم، أضف إليهم معاناة عمال المياومة، الذين تُقدر أعدادهم بمئات الآلاف، فضلاً عن القطاع الزراعي، الذي يعتاش منه نسبة ليست بسيطة من أبناء الشعب الأردني.
كل القطاعات، باستثناء الحكومية منها، ستتأثر سلبا بذلك القرار (الصائب)، لو تم إخراجه بطريقة أخرى، تعود بالإيجاب على كثير من المواطنين، الذين حتماً سيُعانون من عدم توفر السيولة المادية لديهم، والتي هي سبب رئيس لضمان استمرارية وإدامة العمل، ولو بالحد الأدنى.
الكثير اطلع على رسالة مزارع بعثها إلى رئيس الوزراء عمر الرزاز، والتي أشار فيها إلى «أن المزارع أصبح قريبا من الهاوية، وعلى وشك الانسحاب من المشهد بسبب الوضع الزراعي»… الحكومة كان بإمكانها استثناء المزارعين والعمال الذين يعملون بالزراعة من قرارات «الحظر»، وكذلك «العطلة»، فمعلوم بأن مناطق الأغوار كلها، شمالها ووسطها وجنوبها، لم تسجل أي إصابة بفيروس كورونا المستجد، والحمد لله.
كما أن هناك الكثير من المناطق في العاصمة وخارجها بالمحافظات الأخرى، لم تُسجل إصابات أيضاً بذلك الوباء اللعين.. فكان من المعقول استثناؤها من تلك القرارات، وبذلك نضمن بقاء عجلة الاقتصاد تدور، تضمن توفر السيولة، وبالتالي البقاء على العمال والموظفين، الذين يعملون بمنشآت متوسطة وصغيرة، لا أن يصبحوا عرضة لفقدان وظائفهم، جراء الظروف الراهنة.
صحيح أن الصحة أهم شيء في هذا الوجود، لكن، يجب أن لا نذهب كثيراً بالعاطفة، فالاقتصاد والعمل أساسيان لبقاء الإنسان على قيد الحياة، فضلاً عن أنهما يسهمان وبشكل كبير في الحفاظ على صحة الإنسان.
قد يقول قائل، إن الحكومة من واجباتها تأمين المواطنين بما يحتاجونه من مال وغذاء ودواء وماء، وتقع عليها المسؤولية الكبرى… لكن الجميع يعلم أيضاً ولديهم درجة كبيرة من اليقين بأن الحكومة لا تقدر على ذلك، فالأوضاع الاقتصادية، حتى قبل انتشار «كورونا»، كانت صعبة، والآن تزداد صعوبة… فمن الظلم تحميل الحكومة المسؤولية الكاملة بشأن ذلك.
لكن نعتب على الحكومة، بأنه كان بإمكانها تقنين قراري «العطلة» و»الحظر»؛ أي بمعنى ثان حصرهما بمناطق فيها نسبة إصابات كبيرة، قد لا يمكن السيطرة عليها في حال تم التراخي فيها… إلا أن بقية المناطق، ولله الحمد، سليمة؛ إذ إن استثناء قاطنيها سيمكنهم من العمل وبالتالي تأمين قوت أفراد أسرهم، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فهم يخففون عن الحكومة الثقل الذي تحمله، وبالتالي تتفرغ لقاطني تلك المناطق وتأمينهم بما يحتاجونه، لكي يستطيعوا العيش أو على الأقل مجاراة الأمور.