تنديد دولي بعد تقارير عن هجوم كيميائي في دوما

حشود لجنود ودبابات  الجيش السوري على مشارف دوما الشرقية.-( ا ف ب )
حشود لجنود ودبابات الجيش السوري على مشارف دوما الشرقية.-( ا ف ب )

بيروت- أثارت تقارير حول هجوم محتمل بـ"الغازات السامة" استهدف السبت مدينة دوما في الغوطة الشرقية تنديداً دولياً ودفعت بالرئيس الأميركي إلى توعد دمشق وحلفائها بـ"دفع ثمن باهظ".اضافة اعلان
واعتبرت دمشق الاتهامات الموجهة لها "أسطوانة مملة غير مقنعة"، فيما حذرت روسيا واشنطن من تدخل عسكري "بذرائع مختلقة" نافية استخدام النظام السوري اسلحة كيميائية.
وكان مسعفون ومعارضون أول من اتهم قوات النظام متحدثين عن سقوط عشرات الضحايا.
وتزامن التصعيد الدولي مع إعلان دمشق الاحد عن اتفاق لإجلاء فصيل جيش الاسلام "خلال 48 ساعة" من دوما، الجيب الأخير تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية.
وكتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على حسابه على تويتر "قتل كثيرون بينهم نساء وأطفال في هجوم كيميائي متهور في سورية"، مضيفا "الرئيس (فلاديمير) بوتين وروسيا وايران مسؤولون عن دعم الأسد الحيوان. سيكون الثمن باهظا".
ويأتي تصريح ترامب بعد عام ويوم على ضربة أميركية استهدفت قاعدة عسكرية للجيش السوري رداً على هجوم كيميائي أودى بالعشرات في شمال غرب البلاد، واتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه، فيما نفت دمشق ذلك.
واعرب وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان عن "قلقه البالغ"، مؤكداً أن بلاده "ستتحمل مسؤولياتها كاملة باسم الكفاح ضد انتشار الأسلحة الكيميائية".
وهددت واشنطن وباريس خلال الفترة الماضية بشن ضربات في حال توافر "أدلة دامغة" على استخدام السلاح الكيميائي في سورية.
ونفت موسكو، حليفة دمشق، الاتهامات، وقالت وزارة الخارجية الروسية "علينا مرة أخرى التحذير من ان التدخل العسكري بذرائع مختلقة ومفبركة في سورية (...) هو أمر غير مقبول بتاتاً ويمكن أن تنجم عنه أوخم العواقب".
واعتبرت ايران، حليفة دمشق أيضاً، الاتهامات "مؤشراً لمؤامرة جديدة وذريعة للقيام بعمل عسكري".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن "21 حالة وفاة السبت جراء الاختناق واصابة 70 آخرين" من دون أن يتمكن من "تأكيد أو نفي" استخدام الغازات السامة.
إلا أن الحصيلة التي أوردتها منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) تراوحت بين 40 و70 قتيلاً جراء القصف بـ"الغازات السامة"، وفق قولها.
وتحدثت المنظمة والجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) في بيان عن وصول "500 حالة" إلى النقاط الطبية. وأشارتا إلى أعراض "زلة تنفسية وزرقة مركزية وخروج زبد من الفم وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور". واعتبر مصدر في وزارة الخارجية السورية، وفق ما نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا)، مساء الأحد إن "مزاعم استعمال الكيميائي باتت أسطوانة مملة غير مقنعة إلا لبعض الدول التي تتاجر بدماء المدنيين وتدعم الإرهاب في سورية".
وتحدثت أنقرة بدورها عن "شبهات قوية بأن النظام نفذه حيث سجله في استخدام الأسلحة الكيميائية معروف لدى المجتمع الدولي". وطالبت لندن بفتح تحقيق حول التقارير "المقلقة بشدة".
وقال الاتحاد الاوروبي إن الأدلة تشير الى ان النظام السوري شن هجوما كيميائيا في دوما، داعيا روسيا وايران، حليفتين دمشق، الى المساعدة في منع وقوع هجوم آخر.
وقال الجهاز الأوروبي للعمل الخارجي إن "الادلة تشير الى أن النظام شن هجوماً كيميائيا آخر .. وندعو روسيا وايران اللتين تؤيدان النظام، الى استخدام نفوذهما لمنع أي هجوم آخر".
وقال البابا فرنسيس "لا شيء يمكن أن يبرر استخدام هذا النوع من أدوات الإبادة ضد أشخاص وشعوب عزل".
ومنذ بدء النزاع السوري في 2011، اتُهمت قوات النظام مرارا باستخدام اسلحة كيميائية. ولطالما نفت دمشق الأمر، مؤكدة أنها دمرت ترسانتها الكيميائية إثر اتفاق روسي أميركي في العام 2013 بعد اتهامها بشن هجوم كيميائي قرب دمشق أودى بحياة المئات.
ونشرت الخوذ البيضاء على حسابتها على تويتر صوراً قالت إنها للضحايا تظهر جثثاً متراكمة في إحدى الغرف، وأخرى لأشخاص بينهم أطفال يخرج الزبد الأبيض من أفواههم.
وقال فراس الدومي، من الخوذ البيضاء، انه حين وصلت فرق الإغاثة إلى مكان الاستهداف "كان المشهد مروعاً، الكثيرون يختنقون، أعداد كبيرة جداً. وهناك من توفي فوراً". واضاف "لا أستطيع وصف الموقف، مجزرة مروعة، رائحة المكان قوية جداً، حتى إنها أدت لضيق نفس لدى عناصرنا، وثقنا وخرجنا مباشرة من المكان".
وجراء التصعيد يومي الجمعة والسبت على دوما، وثق المرصد السوري نحو مائة مدني، بينهم من توفوا السبت اختناقاً.
وأعلن الهلال الأحمر السوري خروج مركزه عن الخدمة في دوما.
وقال أحد عناصره "خرجنا في جولة في المدينة اليوم، ووجدنا جثثاً ملقاة في الطرقات"، مضيفاً "المستشفيات مكتظة بالجثث والجرحى".
وإثرَ عملية عسكرية جوية وبرية وعمليتي إجلاء لمقاتلين معارضين، تمكن الجيش السوري من السيطرة على 95 في المائة من الغوطة الشرقية لتبقى دوما وحدها تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام الذي دخل في مفاوضات معقدة مع روسيا.
وأعلنت روسيا من جانب واحد عن اتفاق لإجلاء مقاتلي جيش الإسلام تم بموجبه بداية الأسبوع الماضي إخراج نحو ثلاثة ألاف مقاتل ومدني إلى شمال البلاد، قبل أن يتعثر مع محاولة الطرفين فرض المزيد من الشروط ووسط انقسام في صفوف الفصيل المعارض.
واستأنف الجيش السوري حملته العسكرية اليومين الماضيين ضد دوما للضغط على فصيل جيش الاسلام، لتعقد مفاوضات مباشرة بين الطرفين الأحد انتهت باتفاق إجلاء.
وأعلن مصدر سوري رسمي  التوصل الى اتفاق ينص على "خروج كامل إرهابيي ما يسمى جيش الإسلام إلى جرابلس (شمال) خلال 48 ساعة"، كما يقضي بإفراج الفصيل المعارض عن معتقلين لديه.
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من قبل الفصيل المعارض. إلا أن اللجنة المدنية المشاركة في المفاوضات أكدت الاتفاق، مشيرة إلى انه ينص على دخول شرطة عسكرية روسية الى المدينة.- (أ ف ب)