تهافت "الإسلامو-فوبيا" ردا على احتجاجات بريطانيا

مع الحادث الأخير في "ولووتش" بجنوب شرق لندن، والذي أدى إلى مقتل الجندي "لي رغبي" في هجوم متطرف مفترض، كان هناك ارتفاع حاد في الهجمات وأعمال الاحتجاج ضد الجالية المسلمة البريطانية. وتقول منظمة "فيث ماترز" التي تراقب الكراهية ضد المسلمين، إن عدد الحوادث ارتفع إلى 212 حادثاً منذ مقتل "رغبي"، بما فيها 11 هجوما ضد مساجد في أنحاء المملكة المتحدة.اضافة اعلان
ويجري إبراز الرهاب من الإسلام "الإسلامو-فوبيا" في الإعلام الوطني والعالمي على أنه السبب وراء هذه الهجمات. وقد تبنّى بعض المسلمين منظور الضحية في هذا الوضع، معتبرين هذه الموجة الجديدة من الهجمات إعادة تجسيد لمشاعر الخوف من الأجانب. إلا أنني أقترح منظوراً مختلفاً حول كيفية التفاعل مع الوضع في المملكة المتحدة.
فالصراخ بـ"الإسلامو-فوبيا" تكتيك سلبي، لا يشكّل حلاً للمشكلة. وإذا افترضنا أن انتقاد الإسلام ليس خطأ بديهياً، فيتبع ذلك أن الأسلوب الوحيد للردّ على هذا الانتقاد هو طرح سرد معاكس ومعلومات بديلة. أما الردّ على انتقاد الإسلام بادعاء "الإسلامو-فوبيا" فهو ردّ ضعيف.
الخيار الوحيد هو أن يبذل أصحاب المعتقدات المعارِضة لهذه الانتقادات إرادتهم الفكرية بأي أسلوب يرونه مناسباً، لإعادة كتابة السرد بحيث يعكس ما يعتقدون أن الإسلام والمسلمين يمثلونه، وأن يعملوا على تثقيف الجمهور البريطاني والمجتمعات الغربية الأوسع بناء على ذلك.
لا يؤدي الالتفاف على ما يشعر الناس أنه مصدر قلق حقيقي أو انتقاد موزون، ووصمه بـ"العنصرية" أو "الفاشية"، إلا إلى الاستياء من هؤلاء الذين يحملون وجهات النظر هذه. كما يقترح هذا الالتفاف أن ما يجري الدفاع عنه غير قابل للدفاع.
فالادعاءات بأن الإعلام هو سبب "الإسلامو-فوبيا" ضعيفة وعاجزة. ويتوجب علينا كمسلمين أن نتعلّم امتلاك المنظور ورعاية المعلومات المتعلقة بديننا، ونشرها في المجالات التي نستطيع التأثير فيها شخصياً. قد تكون عملية كتابة التقارير وجمع البيانات حول تمثيل الإعلام للمسلمين، رغم أهميتها، جهداً يتوجب بذله بشكل أفضل في سبيل بعث رسالة إيجابية. ومن الأمثلة على ذلك، قيام مسلمين في مسجد في "يورك" بتوزيع الطعام وممارسة الألعاب الرياضية رداً على الاحتجاجات التي كانت تتم ضدهم.
من حيث المبدأ، فإن أي قمع للحوار والنقاش تجب مقاومته. وبغض النظر عما إذا كان ذلك يعجبك أم لا، فإن الحالة الراهنة هي أنه لا شيء محميا من الانتقاد الفظ أو الرفيع؛ إذ يصعب من حيث المبدأ خنق الانتقاد بأي أسلوب كان، كما من غير المرغوب فيه خنقه أو وقفه.
يتوجب علينا أن نعيد كتابة سرد الإعلام الذي يبدو مترسخاً في الغوغائية والتعابير الضبابية، مثل التطرف، بدلاً من القيام بتوجه أكثر دقة للأحداث الراهنة.
من الأرجح أن يؤدي السرد المستمر عن "الإسلامو-فوبيا" إلى عقدة الضحية، وهي حالة سوف تؤدي إلى التراجع وعدم التصرف، ولتكون على الأرجح الجانب الأكثر خطورة للـ"إسلامو-فوبيا"، والذي يجب مقاومته إذا كان المسلمون يملكون أي فرصة لتحسين وضعهم في المجتمع ووجهة النظر نحو الإسلام. إذ لن نزدهر من خلال حشد تعاطف الناس، بل من خلال الأعمال والقوة نستطيع الحصول على الاحترام.
تحتاج مواردنا المادية والفكرية والروحية لأن يتم توجيهها بجد وجهد. وعلى افتراض أننا نرغب في تحقيق نجاح على المدى البعيد في جالياتنا التي نجد أنفسنا فيها، فإن أي فائدة مقترحة من جعل "الإسلامو-فوبيا" هو القضية (بالأسلوب الذي يتم الآن) لا تتكافأ مع استثمار مواردنا المحدودة.
بدلاً من تعقيد الظاهرة الحالية بـ"الإسلامو-فوبيا" كوسيلة سياسية في أعقاب تزايد الحقد والهجمات ضد المسلمين في المجتمعات البريطانية والغربية، فقد حان الوقت للجالية المسلمة أن تتفاعل إيجابياً مع هذه الظاهرة، وترفض سلبية عقدة الضحية كردّ. ونستطيع بهذا الأسلوب أن نستعيد سلطتنا على مصير جاليتنا، وأن نتمكن من التعبير عن إرادتنا، وأن نصنع مستقبلاً أفضل لأنفسنا.

*خدمة "الأرض المشتركة"