تهديد وجودي

دوف فايسغلاس - يديعوت أحرنوت

يوجد في أساس قرار رئيس المحكمة العليا المقبل آشر غرونس في شأن سلب فلسطينيين تزوجوا اسرائيليين حقهم في الإقامة والمواطنة، مقولة ان "حقوق الإنسان ليست وصفة لانتحار وطني". لا جدل في ان قداسة الحياة والإبقاء عليها مبدأ أعلى مطلق. وتثور الصعوبة مما يلي ذلك من كلامه: "إبطال القانون سيجلب الى البلاد آلاف الفلسطينيين". الرئيس المقبل يرى ان دخول بضعة آلاف من الفلسطينيين الى اسرائيل بمقتضى القانون سيؤدي الى ضياع الدولة وهو يشبه انتحارا.اضافة اعلان
اذا كان غرونس يعرف شيئا ما لا نعرفه يختص بضعف الدولة، أي انه يكفي بضعة آلاف من العرسان أو العرائس الفلسطينيين للقضاء على اسرائيل – فهذا مخيف جدا. واذا كان العرسان والعرائس خطرا وجوديا فكيف سيكون حالنا في مواجهة صواريخ أو قنابل أو ذرة ايرانية؟ واذا لم تكن اسرائيل ضعيفة جدا – لأن الجميع يعلمون أن قوتها كبيرة في البر والبحر والجو والفضاء – فعن أي انتحار يتحدث القاضي؟ هل يمكن ألا تعرف القوة الامنية الاسرائيلية مواجهة بضعة أزواج؟ ان هذا التعليل باعتباره تسويغا لمس شديد بحق أساسي انساني، يشير الى علة شديدة في تقدير اولئك الذين استقر رأيهم على هذا.
يمكث آلاف الفلسطينيين مخالفين للقانون في اسرائيل وهم يأتون ويخرجون كما يريدون، وهم غير مسجلين وليست لهم هوية معروفة ولا مكان سكن معروف ولا توجد عليهم أية رقابة. ولم يتم تعريفهم قط بأنهم مشكلة "انتحارية"؛ ومن المؤكد ان بضعة آلاف من الأزواج الفلسطينيين الذين يدخلون اسرائيل بمقتضى القانون ومع تصاريح وفي شروط، ليسوا خطرا وجوديا على اسرائيل.
لا حاجة الى إكثار الكلام في مبلغ كون الحق في الزواج والإتيان بالزوج الى البيت حقا أساسيا انسانيا. وكما أعلم لا توجد دولة في العالم لا تمنح الاقامة – ثم المواطنة – لاجنبي يتزوج مواطنة أو مواطنا ويطلب السكن داخلها. ومن المناسب ان تسلك اسرائيل هذا السلوك: فالأزواج الفلسطينيون الذين يُشك في أنهم يقصدون أعمالا مخالفة يُعالجون بوسائل استخبارية وشرطية وبالتحقيق المقبول، ويُمنع دخولهم الى اسرائيل ومن يدخل يعتقل أو يُطرد، لكن ينبغي عدم الموافقة على حظر دخول لمجموعة من البشر بصورة شاملة بسبب انتمائهم العرقي – الديني فقط.
من بين آلاف الفلسطينيين الذين دخلوا اسرائيل حتى الآن بموجب القانون اشتُبه في قلة منهم فقط أو دينوا بأعمال مسلحة. وهذه النسبة العددية لا تسوغ إضرارا شديدا جدا بحق انساني أساسي. ومن المناسب ان نذكر ان فكرة حظر الدخول قد ظهرت ايام الانتفاضة الثانية. ومنذ ذلك الحين هدأت البلاد، ولا ضرورة أمنية محسوسة في الواقع الحالي يمكن ان تسوغ إضرارا شديدا جدا بناس يريدون تحقيق حقهم في عائلة في اسرائيل. واذا كانت ارادة الحفاظ على الأكثرية اليهودية هي سبب قرار الحكم – فمن حق الحكومة ان تحدد مقدار الهجرة اليها (بأن تكون معقولة ومنطقية بالطبع). هكذا تتصرف دول مستنيرة.
ان صورة اسرائيل باعتبارها دولة ديمقراطية تحرص على حقوق الإنسان أُضر بها إضرارا شديدا منذ بدء ولاية الحكومة والكنيست الحاليتين. فقد جلبت على اسرائيل عارا في العالم وأضعفت مكانتها.
ان كل ما بقي هو ان نأمل ان تُجنبنا وزارة الداخلية – التي اكتسبت في السنين الاخيرة خبرة كبيرة في اصطياد "الاجانب" وطردهم – منظر الأمهات أو الآباء الذين يُفصلون عن أزواجهم واولادهم ويطردون من بيوتهم؛ وهي مناظر صعبة.