توطين صناعة السيارات الكهربائية

حمزة العلياني تتواصل جهود الأردن إلى تنويع اقتصادها وفق رؤية المملكة للتحول نحو الطاقة النظيفة وتخفيض انبعاثات الكربون، وذلك من خلال التوسع في جذب وتوطين الصناعات، ومن بينها صناعة السيارات الكهربائية من خلال تحالف يهدف لإنشاء أول مصنع سيارات كهربائية داخل الأردن، حيث ستستثمر شركة «M-Glory» حوالي 550 مليون دولار لبناء مصانع سيارات «كروس أوفر – Crossover» كهربائية في الأردن، ومصر والإمارات. ستضم هذه المصانع خطوطاً متكاملة متخصصة لإنتاج وتجميع السيارات بسعة إنتاجية سنوية 40 ألف سيارة في الثلاث سنوات الأولى، ومن خلال هذا التعاون سيتم تصنيع السيارات الكهربائية بالكامل داخل المملكة، حيث سيتم نقل المعرفة والإمكانيات وتبادل الخبرات وخلق وظائف عالية الجودة وتنويع مصادر الدخل، وأيضا زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وبالتالي تحقيق جزء من الاكتفاء الذاتي في قطاع السيارات وتحول المملكة من دولة مستهلكة إلى دولة منتجة في هذا القطاع، بالاضافة الى جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية الأخرى في قطاع السيارات والتعدين والخدمات المساندة. شكّلت مصادر الطاقة المتجددة 90 % من النمو العالمي في توليد الكهرباء العام الماضي، مع زيادة التوليد من الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح بنحو 275 تيراواط/ساعة، وهو رقم قياسي سنوي جديد، كما استمرت كهربة النقل في اكتساب الزخم خلال عام 2022، مع بيع أكثر من بلغ 10.83 مليون سيارة بزيادة 61.3 % على عام 2021، بما يتجاوز 14 % من مبيعات السيارات العالمية حسب شركة أبحاث السوق «إس إن إي ريسيرتش». ولذلك كانت زيادة انبعاثات الكربون من قطاع الطاقة في عام 2022 أقل بكثير من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ 3.2 %، بفضل تعزيز قدرة الطاقة النظيفة، وساعد الانتشار المتزايد لتقنيات الطاقة النظيفة مثل مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والمضخات الحرارية في تحييد 550 مليون طن إضافية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العام الماضي. تعاني صناعة السيارات الكهربائية من كلف أعلى بكثير من نظيرتها ذات الاحتراق الداخلي، لكن وفقًا لتقرير بلومبرغ نيو إنرجي فايننس، من المتوقع أن يصبح عام 2026 نقطة التحول، إذ سيتساوى متوسط تكلفة شراء سيارة احتراق داخلي متوسطة الحجم مع السيارة الكهربائية. ولدعم هذا الطلب، يتوقع صانعو السيارات والموردون استثمار ما لا يقل عن 526 مليار دولار في السيارات الكهربائية والبطاريات لغاية 2026، وبالتالي كل هذا الاستثمارات بالمركبات الكهربائية التي أحصتها شركة «أليكس بارتنرز» الاستشارية ستأتي على حساب الأموال المخصصة لتطوير السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي الجديدة والمعاد تصميمها. حيث كشفت دراسة حديثة أعدتها شركة ماكينزي أن 70 % من السيارات في العام 2040 ستكون سيارات كهربائية، لذلك تُعدّ بطاريات الليثيوم نفط المستقبل الجديد، وتعاني من نفس المخاطر الجيوساسية التي يعاني منها خام النفط حالياً، مثلما ظهر هدف الانبعاثات الصفرية كأولوية في رسم السياسات، كانت الصين جزءاً منه، وهذه مشكلة لأن الصين تسيطر وحدها على 70 % أو أكثر من أحد عشر قطاعاً رئيسياً من سلاسل التوريد العالمية للطاقة الشمسية والبطاريات، بما فيها تكرير الليثيوم. إن الوصول إلى أهداف اتفاقية باريس المتضمنة تحقيق الحياد الكربوني، بحلول 2050، يتطلب مضاعفة إنتاج النحاس والألومنيوم، مع زيادة إمدادات النيكل 3 مرات، كما يحتاج العالم إلى 9 أمثال كمية الليثيوم المنتجة حاليًا. بينما تلعب أسعار المواد الخام دورا رئيسيا في رفع تكلفة البطاريات، وتهدد وتيرة تبنّي السيارات الكهربائية، ولذلك يحاول صانعو السيارات والبطاريات ضمان الإمدادات المستقبلية من المعادن، وسط مخاوف من النقص المتزايد. وهنا تبرز فرصة أردنية مهمة لجذب استثمارات شركات عالمية لبناء مصانع سيارات محليًا وتصديرها، اعتمادًا على الثروات التعدينية لاقتحام صناعة مكونات السيارات الكهربائية، وتطوير تكنولوجيا صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، من خلال امتلاك خامس احتياطي عالمي للفوسفات، حيث تستطيع المملكة الاستفادة من ذلك المعدن في تصنيع بطاريات الليثيوم القائمة على الفوسفات، والابتعاد عن بطاريات معادن الكوبالت والنيكل والمغنيسيوم، بالإضافة لمشاريع النحاس، والسيلكا، والعناصر الارضية النادرة. المقال السابق للكاتب رفع كفاءة شركات المقاولات الوطنيةاضافة اعلان