تونس: جدل حول منع النقاب في الأماكن العامة ومخاوف من الإرهاب

امرأة ترتدي  النقاب (ارشيفية)
امرأة ترتدي النقاب (ارشيفية)

تونس - أثار مشروع قانون يتعلق بمنع إخفاء الوجه بالنقاب في الأماكن العامة تقدم به نواب من كتلة الحرة التونسية الارتياح لدى شريحة من التونسيين باعتباره يستجيب لطبيعية الأوضاع الأمنية الراهنة.اضافة اعلان
وصرح رئيس كتلة "الحرة" التونسية عبدالرحمن الشريف أن عددا من نواب كتلته أودعوا بمكتب الضبط بمجلس النواب، بمشاركة عدد من نواب الكتل الاخرى والمستقلين، مشروع قانون يمنع ارتداء النقاب في الاماكن العامة.
وتكون مشروع القانون من أربعة فصول، حيث يتحدث الأول عن منع النقاب في الأماكن العامة، ويحدد الثاني طبيعتها، وينص الثالث على العقوبات التي تصل إلى 15 يوما سجنا، وغرامة قدرها 2200 دولار، بينما يعاقب الفصل الرابع كل من يجبر شخصا على ارتداء النقاب بالسجن لمدة عام.
و"الحرة" تتكون من 26 نائبا، وهي الكتلة الثالثة ترتيبا في البرلمان التونسي.
ويرفض خطها السياسي الخلط بين الدين والسياسة، كما يرفض التحالف مع الإسلاميين في ائتلاف سياسي.
وأضح عبدالرحمن الشريف في تصريح لاذاعة موزاييك أن هذا المشروع يأتي في اطار بحث نواب الشعب عن المساهمة التشريعية في تسهيل مهمة السلطات الأمنية والعسكرية في محاربة الارهاب.
والقت وزارة الداخلية التونسية في وقت سابق القبض على منقبات لانتمائهن للخلايا الارهابية ولاستعمالهن النقاب لاخفاء تحركاتهن.
وافادت السلطات الأمنية أنها تمكنت من اعتقال العشرات من المتطرفين وهم متخفين بالنقاب في تونس العاصمة وفي محافظات سوسة والمنستير وجندوبة والقصرين المتاخمة لجبال الشعانبي لافتتة إلى أنها نجحت في تفكيك خلايا ارهابية بعد عناء كبير لأن عناصرها كانت تتنقل بسهولة من مدينة إلى أخرى متخفين بلباس النقاب.
واعتبرت الداخلية التونسية أن الوزارة لا تستطيع منع النقاب رغم كل الشبهات والشكوك التي تحوم حول عدد من المنقبات وأن الأمر يحتاج لقرار سياسي.
وكانت وزارة الداخلية أصدرت بيانا رسمّيا عبّرت فيه عن موقفها الصارم من النقاب.
وقال الوزارة في بيان "في ظل التهديدات الإرهابية التي تشهدها البلاد ونظرا لتعمّد بعض المشبوه فيهم والمطلوبين للعدالة ارتداء النقاب قصد التنكر والإفلات من الوحدات الأمنية، تُعلم وزارة الداخلية أنّها ستتولى تشديد المراقبة الترتيبية على كلّ شخص يرتدي نقابا وذلك في إطار ما يخوله القانون". وفعّلت الداخلية هذا القرار من خلال إجبار المنقبات عند نقاط التفتيش في الفضاءات العامة على الكشف عن وجوههن والتأكّد من هوّيتهن.
واعتبر النائب عن كتلة الحرة مصطفى بن أحمد إن هذا المشروع ليست له علاقة بالبحث عن إثارة أي جدل سياسي أو البروز في المنابر الإعلامية، وإنما له علاقة بتنامي الاعتداءات المسلحة، وبروز مخاوف من توظيف ارتداء النقاب من قبل الإرهابيين للتستر والتخفي.
واضاف أن الغاية من هذا المشروع ليست التضييق على حرية اللباس، وإنما "تعزيز مواجهة كل أساليب التخفي التي ينتهجها الإرهابيون للهروب من قبضة العدالة، أو للقيام باعتداءات مسلحة"، مؤكدا أن حرية اللباس يجب أن تكون منظمة في إطار يتناغم مع أمن البلاد.
وناصره في موقفه النائب عن الجبهة الشعبية اليسارية زهير حمدي الذي يرى أن أي مظهر في سلوك الإنسان ولباسه يجب أن ينسجم مع مقتضيات أمن المجتمع التونسي، الذي قال إن من حقه أن يكون محميا في الفضاءات العامة من "خطر تخفي إرهابيين وراء النقاب".
ورأى زهير حمدي أن مشروع قانون منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة "مسألة طبيعية لأنه يستجيب للأوضاع الأمنية الراهنة التي تمر بها البلاد في ظل تصاعد اعتداءات الإرهابيين"، مؤكدا أن تمرير القانون يشكل حماية لأمن البلاد.
ويدعو عدد من شيوخ المدرسة الزيتونية وفقهاؤها السلطات إلى استصدار قانون يمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة وإلى ضرورة كشف المنقبة عن وجهها في المؤسسات الإدارية والتعليمية حتى يتسنى التعرف عن هويتها. واعتبر الشيخ خميس العبيدي إنه "يحق للسلطة القائمة منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة درءا للمفسدة إذا كان استعماله ينطوي على مساس بالأمن العام وتهديد لاستقرار المجتمع".
وأفتى العبيدي بأن "استعمال النقاب في أغراض إرهابية للإضرار بالمجتمع وقتل الذات البشرية يجعله في حكم المحرمات شرعا".
وألبت فتوى الشيخ العبيدي عليه الجماعات السلفية حتى أنها رمته بالكفر وبـ"التشريع لانتهاك حدود الله".
ويستدل عدد من الفقهاء على أن النقاب "ليس لباسا شرعيا" بالآية الكريمة من سورة "النور"، "وقل للمؤمنين يغضوا أبصارهم.." لافتين إلى أن غض البصر لا معنى له إذا كانت النساء منقبات.
وشق على الجماعات السلفية الترويج للحجاب لدى الفئات التي تنتمي للطبقة الوسطى المترفهة والمتحصنة بثقافة دينية متينة في حين نجحت تلك الجماعات في الترويج للنقاب كـ"فرض شرعي" في أوساط الفئات الفقيرة حيث ترتفع نسبة الأمية في صفوف النساء إلى أكثر من 70 في المائة.
وعلى الرغم من أن المنقبات لا يمثلن سوى 3 بالمائة من النساء وفق بعض التقديرات فإن "ظاهرة النقاب" باتت تؤرق المنظمات النسوية الناشطة في مجال الدفاع حقوق المرأة حيث أطلقت صيحة فزع من خطورة "تداعيات النقاب على طمس هوية المجتمع التونسي".
وتطالب تلك المنظمات بضرورة منع ارتداء النقاب في الأماكن العمومية والمؤسسات لأنه وسيلة لطمس هوية الأشخاص".
وكانت تونس قررت منع المدرسات في المدارس الابتدائية وفي المعاهد الثانوية من ارتداء النقاب أثناء مباشرتهن التدريس وشددت على أنها لن تسمح بوجود منقبات داخل مختلف المؤسسات التربوية وطالبت بضرورة الالتزام بالهندام المدرسي.-(وكالات)