ثلاثة أخبار تستوجب طرح الأسئلة

د. محمود عبابنة طالعتنا الصحف الأردنية بتاريخ 15/5/2022 بثلاثة أخبار بعضها صادم، أولها: أن هناك قوات سورية “غير منضبطة” تدعم تهريب المخدرات، وأن هناك حريقًا كبيرًا شبّ في محمية اليرموك ونتج عنه استشهاد آلاف الأشجار، وأن مستشفياتنا الخاصة تستعد لاستقبال المرضى الليبيين، وقد نضيف خبر ظاهرة نفاد وقود المركبات في الشارع، وتصنيف ذلك كمؤشر على حالات ازدياد رقعة الفقر. أما بالنسبة للموضوع الأول، فقد جاء على لسان مدير أمن الحدود الأردنية الموقر عن وجود قوات غير منضبطة تتعاون مع مهربي المخدرات، وأن هذه القوات تتعاون مع مليشيات حزب الله وإيران، وفي الحقيقة لا نملك أن نكذب الخبر، ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها هي: هل من المعقول أن سورية التي ما تزال تلعق جراحها وتعمل جاهدةً لتستقطب الدول العربية للوقوف إلى جانبها، وبالذات الأردن، تغامر لتغض الطرف عن قوات غير منضبطة لتهريب مخدرات إلى الأردن؟!! وهل هناك قوات منشقة في سورية؟! هل من المعقول أن أفذاذ السياسة السورية لا يدركون مصلحة سورية أن تكسب الأردن الى صفها بدلاً من مغانم لا تغني ولا تُسمن حكومة دمشق؟! تصريحات جلالة الملك أزالت اللّبس ونطقت بعين الحقيقة التي تشير الى احتمالية تصاعد التوتر التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار ونعالجها بجاهزية عالية مع جماعات التهريب وحكمة مع الحكومة السورية، فالأوضاع في اليمن وفي لبنان ليست على ما يرام، وقد آن الأوان لدول المنطقة أن تنطلق انطلاقة جديدة كما يؤكد جلالة الملك، أما القول الفصل الذي جاء على لسان الملك، فهو أن الهرولة نحو التطبيع لن تأتي بأي فائدة للقضية الفلسطينية، وهذا قول ينُم عن شجاعة وجرأة لزعيم دولة تعتمد بالكثير على المساعدات الأميركية. أما بالنسبة لإيران، فرغم أننا لسنا من مؤيدي حكم الملالي بشكل عام، لكن إيران التي تقترب من أن تصبح قوة إقليمية مؤثرة على مستوى المنطقة، وتملك من الثروات ما يجعلها مؤهلةً لدعم الحوثيين في اليمن وحزب الله لبنان وحماس في غزة، هذه الدولة هل تحتاج إلى بضعة آلاف أو ملايين من تجارة المخدرات على الحدود السورية الأردنية؟!!، هل تملك إيران المشغولة بإسرائيل وأميركا وكيفية التصدي لأي ضربة متوقعة منهما الوقت لتوظيف كتائب وإدارة تشرف على تهريب المخدرات على الحدود الأردنية السورية؟؟ وما ينطبق على إيران ينطبق على حزب الله في لبنان. لا نعرف المغزى أو الحقيقة حول هذا الموضوع، ولكننا نشد على أيدي قواتنا المسلحة وعلى رأسها قواتنا الأمنية، التي نثق بها لحماية ترابنا ومواطنينا من آفة المخدرات من أي جهة كانت. أما بالنسبة للخبر الثاني، فقد صدمتنا أخبار حريق محمية اليرموك في إربد، هذه المحمية التي نذهب إليها للنزهة والتمتع بغابة أشجار الملول والصنوبر، وعندها يتحول رأينا إلى أن الأردن ليس بلداً صحراوياً وليس فقيراً ببيئته الطبيعية، ولكنه فقير بخزان محبته للطبيعة وللأشجار المعمرة، ودليل ذلك حملات التحطيب التي تداهم غاباتنا ليلاً في جرش وعجلون، وكذلك الحرائق التي تنشب بين الحين والآخر، ليس بسبب الحر ولكنها بسبب الفعل البشري المهمل وغير المسؤول، ولا نملك إلا أن نوجه النداء رقم مائة لوزارة الزراعة لزيادة عدد الطوافين وشق الطرق الزراعية داخل الغابات الكثيفة، لتسهل معالجة الحرائق التي تنشب، لإنقاذ ما تبقى من غاباتنا المتواضعة العطشى. أما الخبر الثالث فيتعلق بملف السياحة العلاجية، وأن هناك جهوداً تُبذل ولجاناً تتشكل لإعادة الزخم لتسويق الأردن كمقصد علاجي للمرضى العرب وبالذات الليبيين، وهذا جهدٌ مشكور لوزارة الصحة وللمستشفيات الخاصة، وهو إن خلُصت النية مساهمة غير مباشرة في زيادة الدخل القومي، ووضع الأردن على رأس أجندة الدول المؤهلة والمتفوقة طبياً، وهي فعلاً كذلك، نتيجة للخبرات الطبية الموجودة، لكننا نتساءل وقد أتى الليبيون في السابق بالآلاف للعلاج في الأردن، ثم انقطع أثرهم فما هو السبب؟!! وهل جرت أي دراسة حول انقطاعهم؟ وهل كان ذلك بسبب ظروف ليبيا الجديدة؟ أم استغلال بعض الأطباء والمستشفيات الخاصة للمرضى الليبيين؟ الذين وجدوا في تركيا ومصر بديلاً طبياً عن الأردن. نأمل من جمعية المستشفيات الخاصة عدم تفويت فرصة استقطاب المرضى الليبيين بغض النظر عن موضوع الجنسية المقيدة، والتي يدّعي رئيس جمعية المستشفيات الدكتور المثابر والخبير فوزي الحموري أنها تُقيد جهود استقطاب المرضى من الدول العربية الى الأردن. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان