ثمن الاستيطان

هآرتس - أسرة التحرير

قاد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو إسرائيل إلى أزمة خطيرة في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وإلى انهيار محادثات السلام مع الفلسطينيين عشية استئنافها. في ختام سنة من ولايته يتبين ان سياسة حكومته، التي وضعت في رأس اهتمامها توطين شرقي القدس باليهود، تؤدي إلى تشديد العزلة الدولية لإسرائيل وتعرض للخطر مصالح أمنية حيوية باسم ايديولوجيا يمينية متطرفة.

اضافة اعلان

بدأت الأزمة مع اهانة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ببيان حول اقرار الخطة لبناء 1600 شقة جديدة في حي رمات شلومو، نشرت في ذروة زيارته إلى إسرائيل. وقدر نتنياهو بأن ترضي معاذيره على نمط "لم أعرف، الموظفون افشلوني ومن الان فصاعدا سأشرف عليهم"، كي يغفر بايدن المس بكرامته وكرامة الولايات المتحدة.

وأمل نتنياهو بأن تكون الازمة انقضت، ولكن تقديره كان منقطعا عن الواقع، مثلما اوضحت له أول من أمس وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في حديث هاتفي طويل. بتوجيه من الرئيس باراك اوباما، قالت كلينتون لنتنياهو، ان البيان عن البناء في رمات شلومو كان "اهانة" للولايات المتحدة، وطلبت منه ان يتخذ خطوات تجسد التزامه بالعلاقات الثنائية وبالمسيرة السلمية. وقد أعلن عن هذه الرسالة على الملأ.

للازمة يوجد سبب واحد: اصرار نتنياهو على مواصلة البناء في شرقي القدس، على اسكان اليهود في الاحياء العربية وسلب الفلسطينيين منازلهم في المدينة. هذا لا يتعلق "بالتوقيت"، بل بالجوهر: من يضرم النار في النقطة الاكثر حساسية للنزاع، رغم التحذيرات المتكررة والتجربة المريرة من الماضي، من شأنه ان يتورط. نتنياهو أوضح في افعاله بأن الدعم الأميركي لإسرائيل – الحيوي الان على نحو خاص في ضوء التهديدات من إيران أهم له اقل من امكانية اسكان بضعة يهود في الشيخ جراح. وحتى لو كان خصوم نتنياهو في الادارة الأميركية استغلوا كبوته كي يحشروه في الزاوية، مثلما سيدعي بالتأكيد "مقربوه" فان سياسيا مجربا مثله كان يفترض به ان يحذر حذرا مضاعفا.

لقد اوضحت كلينتون لنتنياهو بأنه لا يمكن الاستيطان في شرقي القدس والتمتع بصداقة الولايات المتحدة. تذبذب نتنياهو بلغ منتهاه. كما انه بثمن المخاطرة الحزبية، عليه ان يختار المصلحة الوطنية وان يعمل على تعزيز الدعم الأميركي لإسرائيل.