ثمن الثأر

دوري غولد- اسرائل هيوم
كل بضعة أسابيع يظهر تقرير جديد يثير الغضب في أوساط الاسرائيليين عن شعارات منكرة رشت على حائط مسجد أو كنيسة. مثلا، يوم الثلاثاء الماضي رش شعار على حائط كنيسة في القدس. ليست هذه حالة شاذة، إذ إنه في 7 شباط (فبراير) رشت شعارات تندد بالمسيحية على حائط دير في سهل الصليب وفي حديقة الألعاب في المدرسة متعددة اللغات في حي بات. الزعران الذين رشوا الشعارات في سهل الصليب تركوا خاتما في شكل "شارة ثمن". اضافة اعلان
ظاهرة شارة الثمن نشأت في السنوات الاخيرة عن جهات أملت في الإيضاح بأنه اذا اتخذت الحكومة خطوات ما ضد البؤر الاستيطانية التي توجد مكانتها القانونية قيد الخلاف، فإنهم سيجبون ثمنا ردا على ذلك في شكل اقتلاع اشجار، هجوم على مساجد أو اقامة حواجز عشوائية.
العدد الكبير للحالات يدل على أن الحديث يدور عن ظاهرة ترفض الاندثار. هل المنفذون ينتمون الى الموازي الديني للعدميين الذين لا يؤمنون بأي مرجعية؟ مفهوم "شارة ثمن" يبدو أنه اختير كي يبرر الاعمال، ولكن هذه مغسلة كلمات تغطي على نشاطات غير قانونية.
في السنة الاخيرة كانت مساعي شجب عديدة، من كل اطراف الطيف السياسي ضد نشطاء شارة الثمن. الواضح هو أنه بينما يعتقد المنفذون بأنهم ينقذون الاستيطان اليهودي، فإنهم عمليا يدخلونه في خطر أكبر. فالهجمات على المساجد وعلى الكنائس ستشكل ذخيرة اضافية ضد اسرائيل، التي تكافح ضد الضغوط الدولية التي تدعوها الى الانسحاب الى خطوط  1967 وتقسيم القدس. هذه الأعمال تشكك في ادعاء اسرائيل في أنها الوحيدة التي يمكنها أن توفر حماية وحرية عبادة للأديان الثلاثة في القدس: اليهودية، المسيحية والإسلام.
ولكن الحقيقة هي أن الحديث يدور عن أمر أكبر من مجرد المس بصلاحية حجج اسرائيل في الساحة الدبلوماسية. ولما كان يبدو أن قسما مهما من نشطاء شارة الثمن يتماثلون مع معسكر ديني معين، يربطون أفعالهم بقيم يهودية. هذا بالطبع تفسير أشوه لحجارة اليهودية الأساس.
هذه الأفعال تتناقض مع ذاكرة الشعب اليهودي في أن كنسه، ومقدساته ومقابره أفسدت أو هدمت على مدى الأجيال. كما أن الامر يتناقض مع الكلمات التي وردت مرتين في موعظة الاسبوع الماضي والتي تحظر على ابناء اسرائيل المس بالغير.
اسرائيل تتصرف بشكل مختلف تماما عن جيرانها. عند الجيران، أعمال الشغب في المواقع المقدسة للأديان الأخرى هي في حالات غير قليلة من عمل السلطة، مثلما فعل نشطاء فتح في قبر يوسيف عدة مرات في العقد الماضي، الإسلاميون الذين أحرقوا كنيسة قبطية في مصر وكذا الهجمات على المساجد في العراق والتي كانت منتشرة في المواجهات العنيفة بين السُنة والشيعة.
موقف اسرائيل في هذا الموضوع حاسم، وهو يقوم أولا وقبل كل شيء على الفكر الأخلاقي والقيمي الأكثر وضوحا. في ضوء تكرار الظاهرة، يحل واجب على المؤسسة الأمنية أن تبذل جهدا أسمى آخر كي تعثر في أقرب وقت ممكن على من يمس بالأملاك والأماكن المقدسة للأديان المختلفة (كنس أفسدت ايضا في الآونة الأخيرة)، واعتقالهم ورفع لوائح اتهام ضدهم.