ثورات سورية يحتاجون الدعم الاستخباري أكثر من الأسلحة

جاي نيوتن - سمول
 (مجلة تايم)
 ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
استغرقت عملية توظيف شركة "تويتر" لمدير حملات إعلامية في واشنطن خمسة أعوام وحسب. وكان ذلك سريعاً جداً قياساً مع ما استغرقته شركة "أبل" التي احتاجت إلى 25 عاماً للشروع في دفع الأموال رجل لوبي ليقوم بتمثيل مصالحها في العاصمة.اضافة اعلان
 وكان العنف ما يزال يتصاعد في سورية منذ 14 شهراً قبل يتمكن الجيش السوري الحر، الذي يعد أضخم قوة في معارضة نظام الرئيس بشار الأسد، من توظيف بريان سايرز لتمثيل مصالحه في واشنطن. وبالطبع، تمس حاجته إلى ما هو أكثر بكثير من ذلك.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فقد قتل نحو 10.000 شخص منذ أن وصل الربيع العربي إلى دمشق، كما أن وتيرة العنف ازدادت في الشهور الأخيرة وسط تدفق الأسلحة إلى كلا الجانبين (كما يكشف سايمون شستر من موسكو). لكن، وبينما تقوم موسكو بتسليح نظام الأسد –على الرغم من تعهدها بعدم الإقدام على منحه مبيعات جديدة، فهناك 4 بلايين دولار قيمة عقود قيد التنفيذ- فإن المعارضة لا تسعى إلى الحصول على الشيء نفسه من الولايات المتحدة.
ويحصل الجيش السوري الحر على الكثير من الأسلحة والأموال من دول خليجية، استناداً إلى مصادر أميركية. لكن ما يريده الجيش السوري الحر من واشنطن هو طريقة أكثر ذكاء لاستخدام هذه الأسلحة. ويقول سايرز:"الجميع يقولون: أعطوهم كمية من الأسلحة وحسب. حسناً، إن القنابل ذات الدفع الصاروخي جيدة. لكن ما يحتاجون إليه في نهاية المطاف هو دعم استخباراتي من أجل الإطاحة بالنظام". ويضيف: "في النهاية يتوافر النظام على أسلحة أكثر تطوراً. ولا يتوافر الجيش السوري الحر على أي شيء يقترب من تلك القدرة. وهذا هو المكان الذي تستطيع الولايات المتحدة تقديم حجم ضخم من الدعم فيه، وباستطاعتها فعل ذلك بشكل سري".الآن، تقدم الولايات المتحدة للمجموعات السياسية السورية -غير المسلحة مثل الجيش السوري الحر- مساعدات إنسانية ومعدات اتصالات وتدريب. وفي الأثناء، تبحث وزارة الخارجية الأميركية ما إذا كانت ثمة روابط إرهابية لهذه المجموعات المعارضة. ثم يفتح ختم الموافقة الأميركي مسارب التدفق للبلدان الأخرى، مثل الدول الخليجية المعنية بالصراع السوري، لتقديم مساعدة مميتة أيضاً.
لكن البعض يقولون إن ذلك ليس كافياً تقريباً. ويقول عمار عبد الحميد، المنشق السوري الذي ما يزال يعيش في المنفى في واشنطن منذ العام 2005: "إذا كانت الولايات المتحدة تقوم بدور تسهيل تدفق الأسلحة إلى البلد، فإن ذلك ليس كافياً لاستتباب الأمور ووضع حد للعنف". ويضيف: "وفي الحقيقة، ذلك يجعل الأمور أسوأ".
ويريد عبد الحميد من واشنطن والناتو فرض منطقة حظر للطيران كما فعلوا فوق ليبيا. لكن المسؤولين الأميركيين يقولون إن ثمة فرصة ضئيلة لحدوث ذلك في ضوء وجود الأسلحة المضادة للطائرات التي يتوافر عليها نظام الأسد. ويقول بن رودز، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي: "لن نوافق على فكرة أن باستطاعتنا التدخل عسكرياً، وإن ذلك التدخل سينهي الوضع". ويضيف: "ليس ثمة خيار يجعل الحالة أفضل، ليس فقط بسبب الافتقار إلى تفويض من الأمم المتحدة، وإنما بسبب طبيعة الصراع. ففي ليبيا، كانت لديك عدة مساحات ضخمة من البلد التي أمكن تطويقها بالقوة الجوية. وليس الحال كذلك في سورية... وبالإضافة إلى ذلك، لا توجد عملية سهلة حيث نستطيع انتقاء مجموعة وتسليحها، ومن شأن ذلك أن يقلب الموازين".
كل ذلك يفسر لماذا يشرع سايرز فيما يعتبره طلباً عقلانياً للحصول على معلومات استخباراتية. ويقول سايرز الذي كان حتى وقت قريب مسؤول سياسياً في مقر "الناتو" في بروكسل: "لن يكون لنا قوات على الأرض... وقد قلنا ذلك أصلاً، والناتو لن ينخرط هناك". وأضاف: "ولن ندعم إقامة منطقة حظر للطيران. ولذلك، ومن أجل أن يكون هناك منطقة حظر للقتل، لن يكون الجيش السوري الحر هو الذي يقوم بذلك، لكنهم سيحصلون على دعم استخباراتي لفعله".
وفي الأثناء، يعتقد معظم المحللين في واشنطن بأن روسيا ستزود الأسد باستخبارات مماثلة. وتنطوي روسيا، مثل الولايات المتحدة، على سياسة تزويد بيانات أقمار اصطناعية للحلفاء عندما يرغبون بذلك، كما يقول كونستانتين سيكوف، الاستراتيجي العسكري الروسي. ويشير سيكوف إلى إن "الدولة الروسية تنخرط في هذه الممارسة"، لكنه لم يشأ "تأكيد أو نفي" ما إذا كانت روسيا قد أقدمت على شيء من هذا القبيل في سورية، لأن هذا التعاون يعد أسرار دولة. أما حليفا سورية الرئيسان الآخران، إيران وحزب الله الذي يتمركز في سورية، فمن المؤكد أنهما يعطيان الأسد كل شيء يستطيعانه. ويطرح سايرز بناء على ذلك القول بأن إعطاء المعارضة قدرات مشابهة من شأنه أن يفضي فقط إلى تسوية ميدان اللعب.
وكانت الولايات المتحدة قد فعلت شيئاً مشابهاً في ليبيا مع أفول نظام القذافي. وتكمن الخطوة الأولى نحو تسليم المعلومات ووسائل الاستخبارات في عملية التمحيص المنخرطة فيها وزارة الخارجية: هل هذا المصدر المعني موثوق به، بحيث لا يعطي المعلومات إلى تنظيم القاعدة؟
 وتكمن الخطوة التالية في تدريبهم على التعامل مع المعلومات الاستخبارية. وفي هذا الصدد، يقول جيف وايت، المدير السابق لوكالة استخبارات الدفاع، والذي يعمل راهناً زميلاً في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "مع الوقت، فإن الناس الذين كانوا هناك يقدمون النصح ويساعدون الليبيين إنما كانوا يقدمون لهم ذلك النوع من المعلومات". ويضيف: "لقد سمعت عن أناس يحاولون مساعدة السوريين بصدد التحرك قدماً في تلك الطريق، وفي تدريبهم على عملية تحليل المعلومات وتصنيفها".
وبالنسبة لرئيس ما فتئ يستثمر أكثر في العمليات السرية مقارنة مع أي من أسلافه، فإن إعطاء مجموعات المعارضة السورية هذا النوع من الاستخبارات، قد يكون الطريقة الأكثر قبولاً لمساعدتهم في الدفاع عن أنفسهم والحد من وتيرة العنف، في الوقت الذي تنضج فيه العملية السياسة لتؤتي أكلها.

*نشرت هذه القراءة تحت عنوان: The Rebels: We Need Intel More Than Arms