جائزة نوبل للشعب الأردني

للمرة الرابعة او الخامسة أرى دعوات دولية وازنة تدعو لإعطاء الشعب الأردني جائزة نوبل وذلك لتعامله الانساني الكبير والنبيل مع مسألة اللجوء. كان آخر هذه الدعوات من الكاتب الاميركي الشهير توماس فريدمان. الدعوة تأتي في إطار المديح لوقفة الشعب الأردني العظيمة مع اللاجئين التي ناظرت ما فعلته قارات ودول عظمى مع من هربوا من بلادهم طلبا للامن والسلام والكرامة والعيش الكريم. فعل الشعب الأردني ذلك بالرغم من ظروفه الاقتصادية الصعبة ومستويات البطالة والفقر المرتفعة وشح المياه ونقص الموارد، فاستحق لذلك الدعوة لمنحه جائزة تعطى لمن يقومون بأعمال استثنائية. تقاسم الأردنيون مواردهم الشحيحة مع من أصروا على تسميتهم ضيوف الأردن، عاملوهم بأخوة وإنسانية ودفء حتى في أحلك الظروف، وتبنت دولتهم خطابا سياسيا مرحبا بالضيوف رغم ضيق الحال داعية لنبذ أي لغة تحريضية ضد اللاجئين. يأتي الباحثون والصحفيون والدبلوماسيون الدوليون ومعهم سؤال واحد يبحثون إجابة عنه: كيف استطاع هذا البلد وشعبه أن يسطّر أسمى معاني الانسانية وينجح في التعامل مع كل هذه التحديات التي أطاحت بمن هم أكبر وأقدر منه؟ الجواب الذي يستخلصونه يرتبط بتاريخ الدولة ونبل ومروءة ناسها ووعي مواطنيها ومنظماتها وحكمة القيادة واحترافية الاجهزة، وفوق كل ذلك منظومة القيم النبيلة والعظيمة التي تشكلت لتصبح قوة منيعة للدولة والمجتمع.اضافة اعلان
كل ذلك يدعو أي أردني ليمتلئ صدره فخراً ببلده وقومه، ولا يغلب الأردنيون بالخارج ليتلقوا كيلا من المديح والاعجاب فقط لأنهم أردنيون. وبالرغم من هذه الحقائق تجد أن منسوب الاحباط مرتفع وأن بيننا من لا يفوتون فرصة لبث الاحباط والنفخ فيه، مستغلين منابرهم وحناجرهم وأقلامهم في سبيل ذلك. مجموعة محترمة منهم تفعل ذلك خوفا على المجتمع ورغبة في الاصلاح، والبقية تفعله للتكسب والصعود والابتزاز. إيانا ومكافأة هؤلاء! وإن كان لا بد من احتوائهم فليكن بطريقة مدروسة لا ترسل رسائل خاطئة للبقية المخلصة، فمكافأتهم علنا تعني أن الطريق للصعود والحصول على المكافأة هو المشاغبة وبث الاحباط والسواد ما سيؤدي لزيادته. الدولة أكبر من كل مبتزيها لا يجب ان ترضخ لهم، أما من ينتقدون بعقلانية واتزان بعيدا عن التأجيج والتحريض فهؤلاء عصب المجتمع ومن كرام قومه. والذي يحدد الفرق بين المبتز الباث للسواد والاحباط وبين من ينتقد لرفعة المجتمع وسموه هي التقييمات الموضوعية المتعددة في الحالة الأردنية ولدينا من هذه الادوات العديد والفاعل، ويثبت تاريخنا القدرة على التفريق بين الفئتين.
ثمة تناقض وأحجية يجب التعامل معها وتعريفها بدقة وهي لماذا يشعر غالبية الأردنيين بالاحباط في ذات الوقت الذي لا يكف العالم عن كيل المديح للأردن وشعبه وعن قناعة وبالادلة؟ الاجابة متعددة أحدها ما ذكر بالسطور أعلاه من نخبة لا ترى ولا تحب لأحد أن يرى الأردن بلدا كبيرا عظيما ناجحا "رايح" للتقدم والرفعة.