"جاذبية" بطل الأوسكار و"العبودية" نجمتها

مقدمة حفل جوائز الاوسكار الممثلة إيلين دي غينيريس - (ا ف ب)
مقدمة حفل جوائز الاوسكار الممثلة إيلين دي غينيريس - (ا ف ب)

إسراء الردايدة

عمان- فاجأ حفل جوائز الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون السينمائية "أوسكار" في دورته الـ86 الجميع من خلال الجوائز التي هيمن عليها فيلم المخرج ألفونسو كوارون "Gravity" بنيله سبع جوائز، بينما خرج الفيلم الأكثر ترشيحا وهو American Husle للمخرج ديفيد أو راسل بعد أن ترشج لـ10 جوائز خالي الوفاض، مع خيبة أمل كبيرة أيضا لفيلم المخرج مارتن سكورسيزي "The Wolf of Wall Stree" الذي نال خمسة ترشيحات.
وحصد "غرافيتي" جائزة أفضل مخرج، وهيمن على جوائز الإبداع التصويري والصوتي التي شملت كلا من جائزة أفضل مونتاج صوتي وموسيقى تصويرية وأفضل تصوير وأفضل صوت.
Gravity، وهو فيلم يدور في 91 دقيقة، يحمل تجربة صعبة وحبكة عميقة في إطار التشبث بالحياة وسط الكثير من الإثارة والقوة والذهول والرعب التي تدور في الفضاء الرحب وسط مشاهد مذهلة لمساحات من الصمت والسكون والوحدة، بعيدا عن الضوضاء الأرضي.
أحداث الفيلم وهو من بطولة ساندرا بولوك وجورج كلوني تدور في إطار دور بولوك إذ تلعب دور  دكتورة ريان ستون، المهندسة الطبية الماهرة التي تقوم بأول مهمة مكوكية لها مع رائد الفضاء المخضرم مات كوالسكي (جورج كلوني)، الذي يقود آخر رحلة له قبل تقاعده، ولكن الرحلة الروتينية في الفضاء تتعرض لكوارث، ويتم تدمير المكوك. حيث يصبح كوالسكي وستون وحدهما وغير مرتبطين بأي شيء، فيحتميان ببعضهما البعض، ويواجهان الظلام، ولا يحيط بهما شيء سوى صمت يصم الآذان ويوحي بأنهما قد فقدا أي صلة بالأرض أو أي فرصة للإنقاذ.
ويتحول الخوف إلى حالة من الذعر، فكل جرعة يستنشقانها من الهواء تستنفد ما تبقى من الأوكسجين القليل، والطريقة الوحيدة للعودة إلى الوطن قد تكون بالخروج إلى الفضاء المرعب.
تلك التفاصيل الصغيرة التي رسمها كوارون بمساعد ابنه جوناس في وضع نص الفيلم وحبكته، إذ يدور حول التخلص والتحرر من الماضي والخوف وفقدان ثيمة وأهمية الشعور بالحياة والاستسلام لتلك الصعوبات التي تجرد الفرد من إحساسه ومتعة العيش، لينسحب داخل ركنه الخاص متجنبا الاستمتاع بالحياة، وهو ما جسدته بولوك في دورها وشخصيتها حيث تعاني من ألم فقدان ابنتها الصغيرة وموتها لتنسحب الرغبة بالحياة منها.
والأهم من كل هذا في الفيلم هو تلك الصور الرائعة التي قدمها مدير التصوير وهو ايمانويل لوبيزكي، حيث قدم صورا حقيقية جدا للفضاء، لا يمكن الاقتناع إنه لم يصل لذلك العلو الشاهق، وكيف لا فهو صاحب تلك المشاهد في فيلم المخرج تيرانس ماليك "شجرة الحياة" من العام 2011 وهو ثاني تعاون بين كوارون ولوبيزكي بعد فيلم "Children of men" من العام 2006، حيث دفع التكنولوجيات ذات الصلة إلى أقصى حدودها في فيلم "غرافيتي" بوضوح بصري فاتن لا تشوبه شائبة، وسط التقاطات مختلفة وطويلة قصيرة وعالية التركيز في فيلم ثلاثي الأبعاد عرض بتقنية عالية هي تقنية IMAX.
من جهة أخرى كان للحفل الذي أقيم أمس على مسرح دولبي وقدمته الممثلة إيلين دي غينيريس  طابعا كوميديا من خلال دعابات أطلقتها على المسرح طالت الممثلين والممثلات، وحققت حضورا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر تغريدات بلغت 2.76 مليون تغريدة لصورة التقطتها مع مجموعة من الممثلين، أصروا على القيام من مقاعدهم لمشاركتها الصورة، ومنهم، ميريل ستريب، جينفر لورانس، برادلي كوبر، جينفر لورانس، جوليا روبرتس، وبراد بيت، انجلينا جولي، لوبيتا نيونج.
وجمعت إيلين النجوم لتلتقط الصورة بهاتفها الشخصي، ولكنها فشلت في التقاطها بنفسها، لذلك عرض برادلي كوبر مساعدتها، والذي كان جالسا في المقدمة مما مكنه من التقاط الصورة بضحكته الساذجة.
وعلقت إيلين دي غينيريس على الصورة قائلة "كنت أتمنى أن يكون ذراع برادلي أطول"، في إشارة إلى رغبتها في ضم المزيد من النجوم إلى الصورة.
وداعبت إيلين ديجينيريس، مقدمة حفل الأوسكار، متابعيها على موقع تويتر بوضعها الصورة الجماعية التي التقطها مع مجموعة من نجوم الحفل على رأسهم ميريل ستريب. كما قامت مقدمة الحفل، التي تتسم بمداعبتها وسخريتها طوال الوقت، بتوزيع قطع من البيتزا على الحضور في مسرح دولبي.
ولم يخل الحفل من اللحظات المميزة، من خلال الخطابات التي ألقاها الفائزون خلال تسلمهم جوائزهم ومنها كلمة الممثل جاريد لينو، الذي نال أوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي في فيلم 'Dallas Buyers Club للمخرج جان مارك فالي، حين قال "لكل من الحالمين هناك حول العالم يشاهدوننا هذه الليلة، في أماكن مثل أوكرانيا، وفنزويلا، أريد أن أقول، نحن هنا". فيما علقت على السجادة الحمراء الممثلة الكينية التي نالت جائزة أفضل ممثلة في دور ثانوي وهي لوبيتا نيونجو عن دورها في فيلم "12 عاما من العبودية"، "أردت أن أرتدي فستان أزرق اللون، لأنه اللون الذي يذكرني بموطني. كانت الجدران في غرف مدرستي ذات لون أزرق". أما صاحبة أوسكار أفضل ممثلة فكان من نصيب كيت بلانشيت التي نالتها عن دورها في فيلم المخرج وودي آلان "Blue Jasmine"، عن دورها كبرجوازية تفقد مكانتها الاجتماعية وتغوص في الجنون، في "بلو جازمن" لوودي الن، ممثلة متطلبة متعددة الأوجه في السينما والمسرح.
فـ"بلو جازمن" الذي صور في نيويورك وسان فرانسيسكو سجل عودتها الكبيرة إلى السينما بعد فترة طويلة كرستها كليا تقريبا للمسرح.
وتقوم في الفيلم بدور جازمن الزوجة المدللة لمستثمر ثري جدا على نهج برنارد مادوف (اليك بالدوين) تفقد ثروتها ومكانتها في المجتمع المخملي في نيويورك بعد توقيف زوجها بتهمة الاحتيال.
فتصاب باضطرابات وتعاني من وضع نفسي هش، فتقرر الانتقال إلى سان فرانسيسكو للإقامة مع شقيقتها (سالي هوكينز) التي لا يجمعها بها أي شيء.
وقد حازت الممثلة (44 عاما) في العام 2005 جائزة أوسكار أفضل ممثلة في دور ثانوي في فيلم "ذي افييتر" وباتت الآن صاحبة أوسكارين من خمسة ترشحيات.
وهذه الممثلة الشقراء قادرة على لعب كل الأدوار من خلال تحولها بشكل جذري بين دور وآخر حتى لو كانت أسابيع قليلة تفصل بينهما.فهي أدت دور الملكية اليزابيث الأولى في فيلم "اليزابيث" وبوب ديلان في "آيم نوت ذير" وكاثرين هيبورن في "افييتر" وملكة الجنيات "في "لورد اوف ذي رينغز" وفي "ذي هوبيت" لبيتر جاكسون.
في العام 1999 رشحت للفوز بأوسكار أفضل ممثلة عن دورها في "اليزابيث"، إلا أن الأكاديمية فنون السينما وعلومها فضلت غوينيث بالترو التي رغم موهبتها استفادت أيضا من حملة كبيرة لاستديوهات ميراماكس.
فيما الفيلم الذي نال جائزة أفضل فيلم للمخرج ستيف ماكوين وهو 12 Years a Slave، حيث علق المخرج لدى تسلمه الجائزة إلى جانب منتج الفيلم الآخر براد بيت "أهدي هذه الجائزة إلى كل الناس الذين عانوا من العبودية وما يزالون يعانون من العبودية اليوم".
ويروي "12 ييرز ايه سلايف" القصة الحقيقية لسولومون نورثروب وهو رجل أسود حر يخطف ويعامل كعبد لمدة 12 عاما قبل سنوات قليلة من حرب الانفصال.
وفاز الفيلم أيضا بجائزة أفضل سيناريو مقتبس فضلا عن جائزة أفضل ممثلة في دور ثانوي التي كانت من نصيب الممثلة المكسيكية-الكينية لوبيتا نيونغو وهي تؤدي في الفيلم شخصية عبدة معذبة.
وقد ارتدت الممثلة (31 عاما) التي تشارك في فيلمها الأول، فستانا مغصنا أزرق سماويا رائعا، وقالت عند تسلمها جائزتها وقد غلب عليها التأثر "من خلال هذا التمثال الذهبي الصغير أريد أن أتذكر دائما وأن يتذكر الأطفال جميعا أنه مهما كان أصلكم يحق لكم أن تحلموا".
وقد أخرج هذا الفيلم ستيف ماكوين الفنان البريطاني المعاصر الذي تحول مخرجا وهو يتناول العبودية من زاوية مختلفة تماما مقارنة مع أفلام أخيرة حول الموضوع، مثل "دجانغو انتشايند" لكوينتن تارانتينو و"لينلكولن" لستيفن سبيلبر.
وأتى الأوسكار ليتوج موسما ملفتا حصد خلالها الفيلم العديد من الجوائز مثل غولدن غلوب وبافتا وجائزة نقابة المنتجين الأميركيين.
و"12 ييرز ايه سلايف" مقتبس من مذكرات سولومون نورثوب التي نشرت في العام 1853 قبل 12 عاما على الغاء العبودية.
فعازف الكمان والسائق الأسود هذا المتزوج وله ثلاثة أبناء والذي يؤدي دوره البريطاني شويتيل إجيوفيور كان يعيش حياة هانئة في ساراتوغا سبرينغز (ولاية نيويورك) عندما خطف العام 1841 وبيع كعبد الى مزارعين في لويزيانا. واحتاج إلى 12 عاما ليثبت أنه رجل حر وللتحرر من قيوده بمساعدة كندي من دعاة إلغاء العبودية الذي أدى دوره براد بيت المشارك أيضا في انتاج الفيلم. وقد اكتشفت زوجة ستيف ماكوين، وهي مؤرخة مذكرات سولومون نورثوب التي لا تدرس في المدرسة ولم تقتبسها هوليوود من قبل.
وقرر المخرج صاحب فيلمي "هانغر" و"شايم" إلا يجنب المشاهد شيئا من القساوة والوحشية وأعمال العنف الجسدية، وأشكال الإذلال التي كان يتعرض لها العبيد وهم تحت رحمة أسياد وحوش، ويقوم بدور أحدهم الممثل مايكل فاسبندر.
وأوضح المخرج "مع العبودية لا يمكن لأحد أن يتوقع ماذا سيحدث له. فيمكن أن يتعرض المرء للضرب حتى الموت أو للجلد او الاستيقاظ عند الساعة الرابعة صباحا للرقص".
وقد استحسن النقاد الفيلم وعرف نجاحا جماهيريا كبيرا أيضا مع عائدات عالمية بلغت حوالي مائة مليون دولار، وهي نتيجة جيدة لفيلم مستقل أنتج بالكامل خارج اوستدويوهات هوليوود.
وهذا دليل بحسب ماكوين على أن الجمهور مستعد لرؤية أفلام غير تلك التي تقدم ابطالا خارقين ورسومات متحركة.
أما أوسكار أفضل فيلم أجنبي فكان من نصيب الفيلم الإيطالي "la grande bellezza": لمخرجه لباولو سورينتينو، وهو فيلم مميز على كافة الصعد، وكان قد شارك في مسابقة مهرجان كان 66 الأخيرة.
ويتناول الفيلم بقالب ساخر حياة كاتب إيطالي كبير تجاوز الخمسين أو الستين من عمره، أعزب بعيش بمفرده في شقة كبيرة على سطح إحدى البنايات العالية التي تطل على "الكولوزيوم" في العاصمة الأيطالية روما.
ويعكس الفيلم سحر هذه المدينة من جهة وصخب الحياة من جهة اخرى من وجهة نظر رجل خمسيني، فهو يعيش كمراهق يحتفل في ترحاله وتجواله في شوارع مدينة روما وملاهيها ومراقصها وقصورها وحفلات الطبقات الأرستقراطية وسهراتها التي تمتدّ إلى الصباح الباكر، وتضم أجناساً وأنماطاً عجيبة غريبة من البشر، ليكشف عوالمهم وجنون أفكارهم وتحديدا تلك الطبقة البرجوازية في روما.
الفيلم تحفة بصرية نوعا ما، ورحلة تغوص في الذات وكشف الكثير من المشاعر التي ترتبط بالروحانية لعشق الحياة لرجل في خريف العمر.وبالطبع لم يخل الحفل 86 للاوسكار من الرقص والمرح، حين أدى المغني فاريل ويليامز اغنيته الشهيرة Happy، على مسرح دولبي، حيث رقصت كل من ميريل ستريب وايمي آدامز على أنغامها إلى جانب كل من الممثلة لوبيتا نيوغو التي رقصت مع فاريل. كما فاز ماثيو مكونهي بجائزة أوسكار أحسن ممثل عن دوره في فيلم (دالاس بايرز كلوب DALLAS BUYERS CLUB) في الحفل الذي أقامته أكاديمية فنون وعلوم السينما في هوليوود بلوس انجلوس في ساعة متأخرة ليل أول من أمس. وهذه هي أول مرة يفوز فيها مكونهي بجائزة أوسكار.
ويدور الفيلم حول رون وودروف الذي يقوم بدوره مكونهي وهو كهربائي ومدافع يحاول مساعدة المرضى المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) في الثمانينيات من القرن الماضي للحصول على الدواء الذي يحتاجون إليه.
ومع انتهاء الحفل يبقى القول، إن كل الأفلام التي فازت وسميت للترشيحات تعد فائزة على حد سواء، فهي تحمل إبداعا ورؤية فنية مختلفة تخلد في كل دورة لهذه الجوائز.

اضافة اعلان

 

الفائزون في جوائز الأوسكار 86

وفيما يلي القائمة الكاملة بأبرز الفائزين في الفئات الـ24:
- فيلم Twelve Years A Slave يفوز بجائزة أفضل فيلم.
- ماثيو مكونهي يفوز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم Dallas Buyer's Club.
- كايت بلانشيت تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم Blue Jasmine.
- ألفونسو كوارون يفوز بجائزة أفضل مخرج عن فيلم Gravity.
- فيلم Her يفوز بجائزة أفضل نص سينمائي.
- فيلم Twelve Years A Slave يفوز بجائزة أفضل نص مقتبس.
- فيلم Frozen يفوز بجائزة أفضل أغنية في فيلم.
- فيلم Gravity يفوز بجائزة أفضل موسيقى.
- فيلم The Great Gatsby يفوز بجائزة أفضل تصميم إنتاج.
- فيلم Gravity يفوز بجائزة أفضل مونتاج.
- فيلم Gravity يفوز بجائزة أفضل تصوير.
- لوبيتو نيونغو تفوز بجائزة أفضل ممثلة في دور مساند عن دورها في فيلم Twelve Years A Slave.
- فيلم Gravity يفوز بجائزة أفضل مكساج صوت.
- فيلم Gravity يفوز بجائزة أفضل صوت.
- فيلم The Great Beauty يفوز بجائزة أفضل فيلم أجنبي.
- فيلم Twenty Years From Stardom يفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي.
- فيلم The Lady in Number 6 يفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير.
- فيلم Helium يفوز بجائزة أفضل فيلم قصير.
- فيلم Gravity يفوز بجائزة أفضل فيلم في فئة المؤثرات البصرية.
- فيلم Dallas Buyer's Club يفوز بجائزة أفضل مكياج.
- فيلم The Great Gatsby يفوز بجائزة أفضل تصميم ملابس.
جاريد ليتو يفوز بجائزة أفضل ممثل في دور مساند عن دوره في فيلم Dallas Buyer's Club.

[email protected]

Israalradaydeh@