جامعة وجمعية

سميح المعايطة طريقة تفكير ايجابية هي التي دفعت رئاسة الجامعة الهاشمية الى اتخاذ قرار ببناء مركز صحي شامل، بكلفة اجمالية تصل الى 3 ملايين دينار اردني، لخدمة المجتمع المحلي لمحافظة الزرقاء، واداء جزء من دور الجامعة في خدمة الناس. الجامعة رصدت مليون دينار من موازنة العالم الحالي لبناء المركز الصحي الذي سيتبع الجامعة، ويتولى إدارته كادر من اساتذة كلية الطب. وسيحتوي على مختبر متطور، ويقدم خدمات الاشعة والصيدلة وخدمة طب الاسنان. وسيعمل المركز على مدار الساعة، وفي ايام العطل والاعياد، ويستفيد منه اضافة الى موظفي وطلبة الجامعة كل مواطني المحافظة. والعبرة ليست في حجم المركز وما يمكن ان يقدم، بل في شعور ادارة الجامعة ان عليها واجبا تجاه سكان محافظة الزرقاء؛ اي واجب ان تترك الجامعة بامكاناتها المالية والعلمية والادارية لمسات في حياة الناس، فهي ليست مكانا لاستقبال الطلبة وتدريسهم فقط، بل مؤسسة تنموية، يمكنها ان تقدم شيئا للمحافظة او المدينة. والجامعة الهاشمية ليست اولى الجامعات التي تركت بصمة على مجتمعها، ومع ذلك فإن هناك الكثير من الجامعات الرسمية والخاصة التي لم تؤد ما عليها من واجب تجاه مجتمعاتها المحلية. واذا كانت الجامعة في منطقة مكتفية، فيمكنها نقل خدماتها الى مناطق اردنية في الوسط او الشمال أو الجنوب تحتاج الى هذه الخدمات. والامر ليس فقط انشاء مركز صحي، إذ هناك الكثير من الادوار التنموية التي يمكن ان تقدمها الجامعات للناس. وعلى الجانب الآخر، هناك حكاية لجمعية خيرية في احدى القرى الاردنية ارسلت ادارتها حوالي 200 رسالة الى شركات وبنوك ومؤسسات رابحة وكبيرة من القطاع الخاص، تطلب فيها تبرعات لهذه الجمعية. وعادة ما تكون طموحات هكذا جمعيات متواضعة؛ فهي تتوقع بضع عشرات من الدنانير. وقد كانت تتوقع من تلك الجهات الخاصة الكبيرة نوعا من التعاطف، او على الاقل هاتفا او رسالة اعتذار، لكن -كما يقول رئيس هذه الجمعية- فقد تلقى شيكا بقيمة 100 دينار من أحد البنوك، وهاتف اعتذار من إحدى الشركات كونها تقدم المعونات عبر وزارة التنمية، اما بقية الرسائل فلم تتلق عليها الجمعية ردا، إن تبرعا او اعتذارا! وحتى شركات كبرى منضوية في ظل المحافظة لم تتفاعل اكثر من غيرها، ربما لان بعضها يتبرع لمؤسسات وجمعيات تعود عليها بترويج اعلامي وسياسي واعلاني، فيما التبرع للجمعيات الصغيرة يتم وفق مقاييس البحث عن الاجر والثواب، او الشعور بحاجة هذه الجمعيات إلى العون والتضامن. وحتى نكون منصفين، فان فئات عديدة من القطاع الخاص تؤدي دورا ايجابيا في دعم العمل الخيري والتطوعي، لكن هذا لا يغطي على تقصير البعض، اوالانتقائية في تقديم المعونات. مرة اخرى، وما بين الجامعة والجمعية، هناك منهجيات وعقليات في العمل وادراة العلاقة مع المجتمع، ومن الواجب دائما ان لا نبحث عن اقامة جزر معزولة للمؤسسات، بل ان تكون عونا للدولة وسندا للناس، سواء كانت هذه المؤسسات شبه رسمية او مستقلة او قطاعا خاصا. وربما نطمح الى دور حقيقي لاحزابنا ونقاباتنا في تنمية المجتمعات المحلية. [email protected] المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان