جامعيون يتطوعون لإثراء محتوى الإنترنت "بالعربي"

بدون-عنوان-1
بدون-عنوان-1

منى أبو حمور

عمان- من رحاب كلية الطب في الجامعة الأردنية، أخذ مجموعة من الشباب على عاتقهم إثراء المحتوى العلمي باللغة العربية، لينجم عنه مشروع "بالعربي"، كمؤسسة غير ربحية.
ولدت فكرة "بالعربي" وفق أحد أعضاء المشروع والناطق باسمه زياد رائد محيسن في إحدى محاضرات البروفيسور سعيد إسماعيل عندما اقترح على طلابه فكرة ترجمة المحتوى الطبي الموجود على شبكة الإنترنت على موقع الموسوعة المفتوحة "ويكيبيديا" ليكون متاحا للقراء العرب.
وخلال فترة قصيرة اجتمع فريق طلابي من الكليات الطبية ومن المتحمسين للفكرة وبدؤوا العمل لجعل الفكرة واقعا ملموسا.
الإشاعات والمعلومات المغلوطة التي تفتقر إلى مصادر موثوقة، وما تلعبه من دور هدام في المجتمع، وفق محيسن، جعلت الحاجة ماسة إلى إيجاد محتوى علمي مؤصل وموثوق.
ويقول محيسن "كانت من القصص التي تحدث عنها الدكتور سعيد إسماعيل على هذا العمل، عن سيدة كانت تفضل النصائح الطبية المتداولة على وسائل التواصل من مصادر غير موثوقة على نصائح الطبيب في ما يخص مشكلة تعاني منها ابنتها"، لافتا إلى تفاقم حالتها الطبية، وذلك كان لنقص الثقافة عند الكثير من الناس غير المختصين.
كذلك النقص في قدرة مقدم الخدمة الطبية بعض الأحيان في توصيل المعلومة كاملة وواضحة لصعوبة ترجمة أفكاره من الإنجليزية الى العربية.
ويعود الفضل بإيجاد فكرة "بالعربي" إلى البروفيسور سعيد إسماعيل، ومن بعد ذلك إلى أفراد أسرة بالعربي كافة، الذين قطعوا عهدا على أنفسهم منذ البداية أن يجعلوا من مشروعهم رسالة، وإن اختلفوا في توجهاتهم وآرائهم، فاللغة العربية لهم تمثل عماد الهوية.
ويتكون أعضاء مشروع "بالعربي" من المتطوعين من طلبة جامعيين بالمجمل، بالإضافة للأطباء المختصين والمحاضرين الجامعيين وغيرهم؛ حيث اتسعت عائلة "بالعربي" لتشمل 9000 متطوع ومتطوعة من خمسة أقطار عربية هي الأردن، وفلسطين والعراق وسورية والكويت، أغلبهم من الطلبة الجامعيين من مختلف التخصصات.
ويركز مشروع مؤسسة "بالعربي" على كل ما يعود بالنفع والفائدة على المجتمع، تواؤما مع الرسالة التي تحملها بالعربي، وفي هذا المسعى يعمل الفريق على إنتاج محتوى شامل يركز على أهم الحالات الطبية المنتشرة في المنطقة العربية بالمقام الأول، والمنتشرة في العالم بشكلٍ عام.
يقول "نظرا لأن الهدف العام لـ"بالعربي" هو الارتقاء بالوعي المجتمعي، فنحن نخاطب ونستهدف جميع الفئات من مختلف الأعمار والخلفيات المعرفية والفكرية"، مؤكدا أن مشاريعهم وآراءهم ليست فقط بالقطاع الطبي، ولكن في جميع المجالات والتخصصات من طب وهندسة، وعلوم عامة والعلوم الإنسانية والحقوق واللغات وغيرها.
ويستدرك محيسن أن الحاجة الملحة في الوقت الحالي لتثقيف المجتمع صحيا وافتقار محتوى الإنترنت الطبي من المعلومات الموثقة جعلت الأولوية للمواضيع الطبية، مشيرا إلى شعار المؤسسة "بالعربي علم ولغة وفن"، ما يؤكد أن أثر مشاريعهم متعدّ للمواضيع الطبية.
ومن أهم أهداف "بالعربي"، وفق محيسن، إتاحة المعرفة للجميع، وتأكيد أهمية البحث عنها من المصادر الموثوقة وإفساح المجال لاستغلال الطاقات الشبابية غير المستغلة، فضلاً عن خلق مساحة للإبداع الشبابي في مختلف المجالات العلمية، وردم الهوة بين العلم واللغة، إضافةً للنهوض بالعلم واللغة والفن بشكل متوازٍ في المجتمعات العربية.
وحول التحديات التي واجهت فريق المشروع، يشير محيسن إلى أن التحديات المالية كانت عائقا كبيرا في بداية حركة بالعربي، تلتها اللوجستية والتنظيمية والإدارية، إلا أن وجود الدافع القوي لدى أفراد "بالعربي" وامتلاكهم المهارات اللازمة سهلا من تجاوز هذه التحديات. ويضيف "أن مرحلة الترجمة، كانت تحديا آخر، خصوصا بتنقيح المحتوى المكتوب، نظرا لأنه كُتب من قبل المتطوعين غير المتخصصين، مما أوجد حاجة ملحة لمراجعته وتدقيقه"، وذلك لم يكن بالمهمة السهلة، بسبب التدفق الغزير الذي وصل إلى قرابة الـ34 ألف صفحة مكتوبة.
ويقوم فريق "بالعربي" بنشر المحتوى العلمي والطبي المكتوب والمرئي عبر صفحاتهم في موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، إضافة إلى نشر المقالات العلمية والطبية والقانونية والأدبية والتاريخية في الموقع الإلكتروني bel-arabi.com.
"بالعربي" ليست التجربة الوحيدة في الشرق الأوسط، وفق محيسن، إلا أنها جمعت الشباب من طلبة الجامعات من مختلف التخصصات في خمس دول عربية ليس لإثراء المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية فحسب، ولكن للسعي وراء تعزيز الروابط فيما بينهم لهدفهم الأسمى وهو سمو لغتهم، وهذا المشروع دليل على وعي الشباب وحاجتهم لمثل هكذا مبادرات. ومن أهم المشاريع التي قامت بتنفيذها مؤسسة "بالعربي"؛ بيت بالعربي وهو مكان يتجمع فيه الشباب للدراسة ويعد بيئة محفزة على الإبداع والتفوق والنشاط ويعد مقر المؤسسة، ومشروع المرئيات جاء بالتعاون مع مؤسسة عبدالحميد شومان، وينقسم الى قسمين؛ الأول يتحدث عن أهم المواضيع الطبية التي تهم العامة وكيفية الوقاية منها وتدعيم المعلومات الواردة في المقاطع بمقالات متعمقة ومتخصصة. والقسم الثاني يحمل اسم "باحثون بيننا"، يسلط الضوء فيه على أصحاب الأفكار الإبداعية والخلاقة التي تجد حلولا مبتكرة لمشاكل نواجهها في الحياة اليومية التي لم تلق الاهتمام الكافي من الجهات المعنية.
كما تعمل "بالعربي" على مشروع المرصد العربي للعلوم الذي سيكون ثورة في عالم العلوم وصاحب أثر كبير في المستقبل.
في حين يتميز مشروع البحث العلمي، وفق محيسن، بأنه أولى الخطوات للارتقاء نحو المعرفة؛ إذ تم التنبه إلى ضرورة تعزيز البحث العلمي، لما يلعبه من دور أساسي في نهضة الأمم وتقدمها، فكان مشروع البحث العلمي؛ الذي يعمل على عقد دورات تدريبية للمهتمين، وعلى تشكيل مجموعات بحثية نظرية وعملية تضمهم وتدعمهم، إضافةً لسعيه إلى تسليط الضوء على أبرز ما توصل إليه الباحثون عربيا وعالميا.
إلى ذلك، كان للأطفال مشروع مميز، فقد أطلقت "بالعربي" مشروعا يعمل على عقد دورات تدريبية مع أصدقاء "بالعربي" من الأطفال في مدارسهم؛ إذ تتضمن هذه اللقاءات تمارين ومسرحيات ومناظرات ترمي إلى تنمية فكرهم، وإرشادهم في مجال تأصيل المعلومات والتحقق منها.
وعلى الصعيد الفني، أنشأت "بالعربي" مشروع الجداريات لتأكيد الهوية العربية في الفن من خلال جداريات تمثل رموزا عربية وإسلامية كان لها الأثر في تاريخنا أو لاختراعات أصحابها ممن كان لهم الأثر في نهضة الحضارة العربية الإسلامية، وأشهر هذه الجداريات في مكتبة الجامعة الأردنية، والعمل قائم على توسيع المشروع لكل مكان في الوطن.

اضافة اعلان