جدل جدوى الحظر يثير زوبعة بين "الصحة" وخبراء الأوبئة

أحد شوارع عمان في أيام حظر سابقة -(تصوير: ساهر قدارة)
أحد شوارع عمان في أيام حظر سابقة -(تصوير: ساهر قدارة)
محمود الطراونة عمان – زوبعة كبيرة وتراشق وضرب تحت الحزام شهدته الساحة الصحية قبل أيام بين وزير الصحة فراس الهواري وعدد من خبراء الاوبئة والفايروسات والصدرية ابرزهم وزير الصحة الاسبق سعد خرابشة وخبير الأوبئة عزمي محافظة. الردود السريعة للوزير الهواري مقابل الانتقادات العلمية التي يسوقها الخبراء ساهمت إلى حد كبير في اتساع فجوة الثقة بين الوزارة والناس، فتعالت المطالبات المتعلقة بإلغاء الحظر الجزئي والشامل باعتبار أن لا جدوى منه، والتركيز على الإجراءات والبروتوكولات التي يتوجب أن تتبعها وزارة الصحة لمنع تسلل السلالات الجديدة إلى المملكة ومن بينها السلالة الهندية. ويطالب هؤلاء الخبراء بتسريع إجراءات التطعيم وبشكل مؤسسي قبيل وصول الذروة الثالثة وتسرب حالات كبيرة من السلالة الهندية للمملكة. القائم بأعمال نقيب الاطباء رئيس لجنة تسيير أعمال نقابة الأطباء محمد رسول الطراونة، انتقد الحجر المنزلي فيما يتعلق بمصابي السلالة الهندية، داعيا وزارة الصحة الى تنفيذ بروتوكولات الحجر المؤسسي. كما دعا الطراونة في تصريح لـ "الغد" وزارة الصحة إلى الاسراع بعمليات التلقيح لمطعوم فيروس كورونا بشكل مؤسسي وليس بشكل فردي. وكان وزير الصحة فراس الهواري أكد في تصريحات صحفية ان الدراسة التي أعدها الوزير الأسبق سعد الخرابشة "تم عرضها خلال اجتماع لجنة الاوبئة وكان فيها خطأ قاتل يشكك بصحة نتائجها". وأشار الهواري إلى أن الدراسة استندت على فحص الأسابيع التي تم فيها الغاء حظر الجمعة في 15 كانون الثاني (يناير) الماضي وكان الأجدى بمن أعد الدراسة ان يبتعد على الأقل 6 أسابيع وهنا ادرج خلال الدراسة فترة زمنية هي حقيقة تعكس واقع الحظر". وبين أنه كان من الأفضل أن تكون بداية الدراسة في شهر شباط (فبراير) وليس في شهر كانون الثاني (يناير) لتكون نتائجها دقيقة وصحيحة، مشددا على "ضرورة إبقاء نقاشات اللجنة الوطنية للاوبئة في داخلها، وإن لم يستطع أي فرد أن يقنع الباقين برأيه يظل رأيه شخصيا، ويبقى الرأي للأغلبية في اللجنة". ونوه بأن "الخروج بآراء تخالف اللجنة لا يعالج المشهد ويهز ثقة المواطنين باللجنة"، نافيا أن تكون للدراسة التي أجريت حول تأثير حظر الجمعة على الوضع الوبائي أي أثر على خروجهم من اللجنة، وما بزال بعض من أجروها أعضاء". وكانت تصريحات وزير الصحة فراس الهواري في الثالث والعشرين من آذار (مارس) الماضي التي أعلن فيها أن أعداد إصابات "كورونا" ستزداد يومياً حتى نهاية نيسان (ابريل) وبعد هذا الإعلان بأقل من أسبوع بدأت الحالات تتناقص بشكل كبير وليس بعد خمسة أسابيع على الأقل كما أعلن الوزير. واعتبر الخبراء أن هذا يدل على أن المنحنيات المتطابقة تماماً غير موجودة لأنها لو كانت حقيقية لكان بإمكانها أن تتوقع بدقة لشهر قادم حيث أنها كانت متطابقة تماما لتسعة أشهر سابقة. من جهته رد اختصاصي الصدرية والعناية الحثيثة وأمراض النوم الدكتور محمد حسن الطراونة ان الدراسة التي أعلن عنها وزير الصحة فراس الهواري "هي معلومات يتم جمعها ودراستها على أرض الواقع وبعد مراجعتها من قبل علماء ومختصين يتم نشرها في مجلة معتمدة بعد الموافقة عليها غير أن ما تحدث عنه الوزير ليس دراسة وإنما نموذج مبني على فرضيات وتوقعات ولا يستند الى بيانات واقعية". وتابع الطراونة، ان "الإصابات انخفضت لأن المنحنى بلغ ذروته وهذا ما يحدث في كل العالم وبدلا من زيادة ساعات الحظر الجزئي غير المبرر يتوجب زيادة ساعات التلقيح الذي هو السلاح الوحيد لمواجهة الموجة الثالثة"، لافتا إلى أن دولا في العالم بدأت تعود إلى الحياة الطبيعية بسبب إدراكها ان الحل الوحيد هو اللقاح، واكتساب ثقة الجماهير بالتثقيف وليس بالتخويف. وأوضح أنه إذا كان الهدف من الحظر الجزئي المسائي وحظر الجمعة بدون دليل علمي أو دراسة على المجتمع الأردني هو التقليل من أعداد الإصابات وكسر سلاسل العدوى بين أفراد المجتمع عن طريق تقليل التواصل، "فإن الأردن ثاني أعلى دولة عربية بأعداد الإصابات بعد العراق والدولة 34 حول العالم". وتساءل الطراونة عن الفائدة المرجوة من تجمع الناس لشراء الأغراض بأعداد كبيرة جدا بين الرابعة والسادسة مساء يومياً والأعداد المهولة في الأسواق والمولات مساء يوم الخميس، والتجمعات والسهرات ايّام الجمع في المنازل بسبب الحظر. وأشار إلى أن من الملاحظ ان الموجة الأولى لم تنته حتى بدأت مباشرة موجة ثانية أكثر شدة والسبب يعود الى ان مثل هذا النوع من الحظر له آثار عكسية "وستكون هناك موجة ثالثة اذا لم يتم زيادة وتيرة التطعيم ومراكز التلقيح لأن السلاح الوحيد لمواجهة الموجة الثالث هو اللقاح وليس الحظر الجزئي المتقطع غير المجدي ذي النتائج العكسية". من جهته، قال اختصاصي علم المناعة عميد عبدالنور أن على وزارة الصحة "فحص جميع الحالات الإيجابية لجميع أنواع الطفرات والمتحورات والتي تكون عادة بنسبة 30 % من مجموع الفحوصات وفقا لمصادر مطلعة في وزارة الصحة". وأضاف "يجب اعتبار أي حالة فيها طفرة قبل تعريفها على أنها تشكل خطرا ويجب حجر المصابين والمخالطين بشكل فعال". وكانت "الغد" حاولت الاتصال بوزير الصحة فراس الهواري للحصول على تعليق حول القضية لكن لم يتسن لها ذلك رغم المحاولات المتكررة.اضافة اعلان