جرش: جمع ‘‘جوال‘‘ الزيتون مهنة موسمية قاسية لنساء غزيات

سيدة تقوم بجمع ثمار الزيتون المتساقط على الأرض "الجوال"-(أرشيفية)
سيدة تقوم بجمع ثمار الزيتون المتساقط على الأرض "الجوال"-(أرشيفية)

صابرين الطعيمات

جرش – مع انتهاء موسم قطاف الزيتون، بدأت نساء في مخيم غزة بمحافظة جرش يجهدن في جميع "جوال" الزيتون، بهدف توفير مصدر رزق يساعدهن في تأمين قوت أبنائهن لبقية العام، في ظروف عمل وطقس قاسية.اضافة اعلان
وتنطلق النساء من المخيم منذ ساعات الصباح الباكر مشيا على الاقدام إلى كروم الزيتون في القرى والبلدات المجاورة، لجمع ما تبقى من ثمار الزيتون على الشجر او الملقى على الأرض وبين الصخور، ثم حملها على ظهورهن لمسافات طويلة إلى معاصر الزيتون يوميا في سباق مع موعد إغلاق هذه المعاصر مع مطلع الشهر المقبل.
وتعتبر مهنة "جوال الزيتون"، وفق الخمسينية أم عمر الغزية من المهن الموسمية التي تنتظرها على مدار العام، مشيرة الى أنه كل أسرة تجني يوميا ما يقدر بصفيحة واحدة من الزيت، ثمنها لا يقل عن 85 دينارا.
وتؤكد ام عمر أن هذا العمل يغني الكثير من الأسر انتظار صدقات محسنين يدقون باب منازلهم في المخيم بين الفينة والأخرى.
وتقول إنها تعتمد على هذه المهنة حالها كحال المئات من نساء مخيم جرش، واللواتي قست عليهن ظروف الحياة وحملهن فقدان الزوج أو مرضه مسؤولية إطعام أفواها تنتظر في ساعات المغيب ما يسد جوعها.
وتضيف ام عمر أنها تتشارك و4 نساء أخريات من المخيم في عملية "الجوال"، مؤكدة انهن يجمعن يوميا ما يقارب 3 "شوالات" من ثمار الزيتون، حيث يقمن بعصرها وبيع زيتها، بعد تخزين "مونة المنزل"، ثم يقمن بتقاسم الارباح فيما بينهن.
من ناحيته قال يوسف أبو دية إن موسم جوال الزيتون من المواسم التي ينتظرها الغزيون، سيما وأنهم لا يملكون أراضي زراعية ولا يقدرون على شراء احتياجات الأسر من زيت الزيتون، خاصة وان تعداد أغلب أسرة لا يقل عن 10 أفراد.
ويضيف ابو دية ان عملهم يبدأ عند انتهاء أهالي جرش من قطاف الزيتون من بداية كانون الأول حتى نهاية كانون الثاني لحين قرب إغلاق المعاصر.
 ورغم انها تصفه بالمرير الا ان ختام لا تتحرج من عملها في جوال الزيتون بل تحاول التشبيك - قدر الإمكان – مع أكثر من امرأة لمواصلة العمل على مدار الموسم لادخار مبلغ من المال، يعينها على تجاوز قساوة برد أشهر الشتاء، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف توفير سبل التدفئة.
وتقول إنها تخرج منذ ساعات الصباح الأولى، ويعملن في الخلاء وبين الأراضي الزراعية ويمشين مسافات طويلة وهن يجبن عدة قرى في اليوم الواحد في ظل ظروف برد قاسية.
وأوضحت أنهن يبقين يعملن في جمع جوال الزيتون حتى تساقط الأمطار، حيث يختبئن تحت الأشجار، وبعد توقف سقوط المطر يتابعن العمل.
ويعد موسم القطاف وغيره من المواسم الزراعية باب رزق تنتظره عائلات اللاجئين في المخيم في كل عام، في وقت تتفشى فيه البطالة لتصيب غالبية سكانه بنسبة تصل إلى 50 %، وبشكل يضطر معه العديد من الطلبة الى هجر مقاعدهم الدراسية لغايات البحث عن مهنة تساعد العائلة للبقاء على قيد الحياة.
ولخصوصية أبناء المخيم الذين لا يتمتعون بالجنسية الأردنية بخلاف نظرائهم من اللاجئين الفلسطينيين فإن منظومة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المخيم تأخذ منحى أكثر حدة مقارنة بغيره من المخيمات.
وكان المخيم أقيم كمعسكر طارئ عام 1968 لاستيعاب 11500 من اللاجئين الفلسطينيين، الذين غادروا قطاع غزة بعد نكبة 1967، ولا يحمل معظم سكانه أي اثبات للشخصية، وينطبق ذلك على جيل الأبناء والأحفاد.
وكان سكانه يحملون وثائق مصرية من السفارة المصرية في بداية إنشاء المخيم يصدرها الحاكم العام المصري لقطاع غزة إلا أن السلطات المصرية أوقفتها بعد العام 1987.
وتصل البطالة بين الرجال 39 %، فيما تبلغ بين النساء 81 % وهي مرتفعة بالمقارنة بـ39 % للاجئات الفلسطينيات بالأردن، وفق دراسة تعد الأولى من نوعها أعدتها وكالة الغوث الدولية بتمويل من الإتحاد الأوروبي العام 2007.
وتحاكي عائلات ما فرض عليها من أوضاع اقتصادية واجتماعية فتنشئ أطفالها منذ نعومة أظفارهم على تمرس الأعمال الحرة، ومرافقة والدتهم في العمل في الحقول والمزارع.
ضيق الحال وعدم قدرة معيلها على تدبر مصروف أصغر أبنائه سنا، دفع بمهند لمرافقة والدته في جوال الزيتون، وكغيره من أقرانه يجهد بجمع كميات أكثر من الزيتون، وتتلخص مهمته بالصعود إلى قمم الاشجار وجمع ما ترك عليها من حبات.
وتؤكد نساء مخيم "جرش" أنه "لا بد من الشد على ايدي أطفالنا وتحفيزهم على العمل"، مشددات على أن "الطفل لازم يكبر على ذهن متفتح".
يذكر أن عدد سكان المخيم حاليا يزيد على 30 ألف نسمة، وتبدو مظاهر الفقر فيه واضحة إذ أن 64 % من سكان المخيم يعيشون على دولار في اليوم، ونسبة من هم تحت خط الفقر النسبي هو 42 %، بحسب الدراسة، التي بينت ان "97 % من الأسر ليس لديها مدخرات لمواجهة الاحتياجات المفاجئة من سكان المخيم".