‘‘جزيرة الحياة‘‘.. مسرحية تخاطب الطفل ‘‘كيف نحيا سعداء‘‘؟

مشهد من مسرحية "جزيرة الحياة"- (من المصدر)
مشهد من مسرحية "جزيرة الحياة"- (من المصدر)

عزيزة علي

عمان- عرضت أول من أمس مسرحية "جزيرة الحياة" من تأليف د. نهلة الجمزاوي وإخراج سهاد الزعبي، ضمن فعاليات مهرجان مسرح الطفل الأردني في دورته "14"، الذي تقيمه وزارة الثقافة، ومديرية الفنون بالتعاون مع نقابة الفنانين الأردنيين.اضافة اعلان
العرض كان جاذبا ومناسبا للأطفال واليافعين من خلال استخدام بعض المصطلحات اللغوية، فهناك مفردات يستطيع الطفل فهمها، وأخرى أقرب لعقول اليافعين.
استهل المشهد الأول في المسرحية باستعراض غنائي، من تلحين وغناء وموسيقى نور سرحان، مما أسهم في تقديم فكرة المسرحية؛ حيث قام الممثلون وهم: محمد شحادة، ورسمية عبدو، ودانا خصاونة، وراتب عبيدات، والطفلة ميس أمين الشيخ، والطفل ليث فراس دعسان، بالرقص على أنغام الموسيقى والغناء لإيصال الفكرة بشكل بسيط وواضح للأطفال.
تتمحور فكرة العمل حول من يحكم "الجزيرة" بعد وفاة والد الأميرة، التي تقوم بالتشاور مع الوصيفة التي يطلق عليها "فطينة" لشدة ذكائها، باقتراح أن يكلف أحد الحكماء في الجزيرة بالبحث عن الحاكم المناسب من خلال إعلان مفاده، "بأن يقدم كل شخص يملك الحكمة خطته لإدارة الجزيرة وإسعاد سكانها".
يقوم أحد الحكماء وهو "راجح"، بالبحث عن رجل لديه القدرة على أن يحكم جزيرة ويملك موصفات الحاكم العادل ويقع الخيار على "5"، يتنافسوا على المنصب وهم "العالم والفنان والشاعر والقوة والفروسية والدين والفن".
اللافت في المسرحية، هو تغير موقف الأميرة الصغيرة من الأعراف والتقاليد التي لا تقبل أن تحكم امرأة الجزيرة.. ثم تقبل بها، وتقوم بمقابلة هؤلاء من أجل أن يتم تنصيب أحدهم حاكما للجزيرة.
تنتهي المسرحية بطرح فكرة "بأن من يحكم البلاد.. يجب أن يملك تلك الصفات، ويكون قادراً على التعامل معها ودعمها"، وجميعها مطلوبة كأدوات فاعلة في دعم الحاكم وتطوير البلاد حتى تكون دولة قوية وشعبا سعيدا.
حاول العرض أن يقدم صورة بأن الحكم يجب أن يكون تشاركيا، وليس من قبل فرد واحد بل مجموعة من الأفراد، لكل منهم معرفة وحكم ومال وشجاعة، وعليه يمكن وصف المسرحية بأنها تحمل الكثير من المضامين الاجتماعية والثقافية والدينية.
أبدع الممثلون الذين كانوا كـ"الفراشات" على المسرح من خلال حركاتهم الخفيفة والسريعة والرشيقة والبسيطة، كما أن الموسيقى والغناء والإضاءة والديكور أسهمت جميعها في تفاعل وجذب الأطفال للعرض والممثلين.
ويذكر أن الأعمال المشاركة في هذا المهرجان تتنافس على الجوائز الذهبية، والفضية، البرونزية لأفضل عرض مسرحي، المقدمة من وزارة الثقافة، فيما يترأس لجنة تحكيم المهرجان الذي يستمر 8 أيام الدكتور عدنان مشاقبة، وعضوية الفنانتين نزيرة أديب وسوزان البنوي.
مؤلفة النص د. نهلة الجمزاوي، قالت "إن "جزيرة الحياة" هي عمل ينتمي إلى فنتازيا التاريخ حيث اللازمان واللامكان المحددان، وإنما تقع الحكاية في جزيرة تسمى "جزيرة الحياة" حيث الحلم الإنساني الأزلي بحياة كريمة، فتدور الأحداث حول السؤال الجدلي المشروع: كيف نحيا سعداء؟".
وأضافت الجمزاوي أنها قدمت الفكرة للأطفال من خلال استعراض غنائي لا يخلو من الكوميديا، يبتعد عن الخطاب الوعظي المباشر، لكنه يؤشر على الأعمدة الأساسية التي من شأنها صنع وطن جدير بالحياة أرضا وإنساناً، ويبدأ الصراع بين أقطاب مختلفة وأساسية وضرورية لبناء النظام اللازم لإدارة هذا الوطن ويكون الصراع حول من الأقدر والأهم: "القوة، المال، العلم، الفن والأدب، الدين، الثقافة"، كلّ حسب رمزه الوارد متمثلا في شخص من شخوص العمل.
كما يؤكد العمل قدرة المرأة على صنع القرار في مواجهة بعض الأعراف التي تقصيها عن هذا الدور.
ونوهت المؤلفة إلى أن ثيمة العمل تظهر عبر حوار الأميرة مع وصيفتها في نقاش يدور حول عرف قديم يقضي بأن تختار الأميرة زوجا، ليكون حاكما للجزيرة  بعد وفاة أبيها، وهنا تبدأ حيرة الأميرة وغضبها؛ إذ يتم تظهير اعتداد الأميرة بنفسها وبقدرتها العقلية على حكم الجزيرة وحدها ورغبتها في تحدي العرف المستمد من الموروث الأسطوري الذي يقضي بضرورة الزواج من رجل يحكم الجزيرة، الا أن عملية البحث عن شريك تعود لتنطلق من قناعتها بضرورة المشاركة في الحكم وعدم التفرد في الحكم لرجل أو امرأة أو صاحب توجه أو مهنة دون آخر.
أما الفكرة المغايرة، كما قالت الجمزاوي، فتكمن في الخيارات المقدمة للأميرة تمثل أقطاب الحياة المتنوعة والضرورية، يدور التساؤل حول: من الأصلح للحكم "الناسك أم التاجر، أم الفارس أم العالم، أم الشاعر والفنان"، تنصحها مربيتها بأن تختبرهم جميعا فيفشل كلّ منهم بالمهمة اذا قام بها منفردا لأنه لا يرى الجزيرة إلا بعين مهنته.
وتستمر الخيارات كما أشارت المؤلفة حتى يأتي أحد رموز الجزيرة وهو شاب حكيم فيلسوف مثقف ليرشد الأميرة إلى مفتاح للحل عبر لغز محير يلقيه عليها، هو أن جميع من تقدموا لديهم القدرة على الحكم. ثم يمضي ويترك الأميرة في حيرة البحث عن الحل إلى أن تهتدي هي بنفسها إلى فكرة عمل مجلس حكم مكون من جميع من يمثلون أقطاب الحياة المتنوعة وتطلب من الحكيم ترؤس هذا المجلس، وكل ذلك بإدارتها هي وبمشاركة شعبها وحوارها معهم.
وخلصت الجمزاوي الى أن الهدف من هذا النص هو ترسيخ مبدأ الديمقراطية وضرورة المشاركة وزج ذوي الاختصاص في موضع صنع القرار، وبالتالي نكون قد أسهمنا في تربية جيل محب متعاون يعترف بالآخر كضرورة من ضرورات الوجود وليس كقيمة أخلاقية محمودة فقط.