جلسات النساء الصباحية.. قصص لا تنتهي

تقبل بعض النساء على الجلسات الصباحية رغبة في الفضفضة وقضاء وقت ممتع - (أرشيفية)
تقبل بعض النساء على الجلسات الصباحية رغبة في الفضفضة وقضاء وقت ممتع - (أرشيفية)

ديما محبوبه

عمان- تنتظر سحر عبد الهادي يوم السبت بفارغ الصبر؛ إذ تجتمع فيه هي ونساء العائلة وبعض الجارات بشكل دوري عند إحداهن.اضافة اعلان
تقول "أشعر بأنه اليوم الوحيد الذي يكون لي، فلا أحمل هم الطبخ أو ترتيب المنزل والكثير من المسؤوليات المرهقة في حياتي طوال الأسبوع".
وتبين سحر أنها تستيقظ نشيطة في ذلك اليوم وترتدي أجمل الملابس وتهتم بأناقتها ومظهرها وتجتمع مع النساء لشرب القهوة وتناول وجبة الفطور وأحيانا الخروج في الصباح للتمتع بأشعة الشمس.
وتذكر أنها على هذه الحال منذ أكثر من عام؛ إذ تجتمع بصديقاتها وجاراتها بشكل دوري، لتغيير الأجواء الروتينية من جهة ولتبادل الأحاديث من جهة أخرى، الأمر الذي يجعلها تعود الى المنزل بمزاج جيد ونشاط ونفسية أفضل بعد ضغط عمل مستمر طوال الأسبوع، وفق قولها.
وتذكر عيناء هايل بأن جمعات النساء تحمل قصصا متنوعة، بدءا من الأعباء الاقتصادية، وحتى الأوضاع السياسية التي تمر بها المنطقة، مرورا بآخر خطوط الموضة وما يعرض على الفضائيات من أفلام ومسلسلات تعريجا على الحديث عن وصفات أطباق شهية وليس انتهاء بالشكوى من الأولاد والأزواج.
وتتحدث ريم علاء أنها دائما تجتمع هي وجاراتها في الصباح الباكر يشربن القهوة، حتى يبدأن نهارهن بنشاط وخفة، مبينة أنها تجد في ذلك راحة نفسية بمجرد إخبار جاراتها ما حصل معها من مشاكل وما بداخلها من هموم أو أحزان.
وترى الثلاثينية أن "فضفضة النساء لبعضهن لها إيجابياتها"، وتقول "ما إن تبدأ المرأة بالحديث عن همومها لإحدى المقربات منها حتى تشعر وكأن جبلا قد أزيح عن صدرها".
فيما تقوم الطالبة الجامعية رنيم عماد بالتنسيق مع صديقتها، لتحديد موعد لتناول الغداء أو الذهاب إلى أي مقهى للحديث والفضفضة، مشددة على "أن هناك هموما مشتركة تجمعها مع صديقتها، على رأسها المشاكل الجامعية والعائلية".
وفي هذا السياق، يؤكد المستشار الأسري أحمد عبدالله "أن العلاقات الإنسانية في الحياة العامة أمر ضروري ومطلوب"، وبخصوص الفضفضة وبوح الهموم، فيرى عبدالله أنه رغم وجود إيجابات لها، إلا أنها قليلة مقارنة بالسلبيات.
والإنسان يحتاج نتيجة تعرضه لضغوط داخلية وبيئية مختلفة إلى الحديث مع شخص آخر يثق به ويسمعه، وفق عبدالله، الذي ينصح أن يكون "هدف من يود الفضفضة حل مشكلة ما لا بقصد الحديث فقط"، مبينا أن اتباع المرأة هذا الهدف يعمل على "غربلة الصديقات لتتحدث إلى من تستطيع أن تقدم لها النصح والمشورة".
من جهتها، تبين ربة المنزل أم أحمد "أن فنجان الصباح بين الجارات يشهد على دموع كثيرات منهن، إضافة إلى الفضفضة اللامنتهية"، متابعة "في أحيان أخرى، يكون شاهدا على ضحكاتهن في حال كن فرحات أو امتثالا لقول شر البلية ما يضحك".
وتشير أم أحمد إلى أنها من خلال جلساتها مع الجارات اكتشفت أن لكل سيدة هموما خاصة بها، وبعد انفضاض المجلس تكون متيقنة بأنه "لا أحد يخلو من الهموم والمشاكل"، مضيفة "نخرج جميعنا ونحن نردد من شاف بلوة غيره تهون عليه مصيبته".
وبخصوص لجوء المرأة إلى الفضفضة للجارات أو زميلات العمل، فيعزوها عبدالله إلى "طريقة التنشئة والتربية التي لا تعزز القدرة اللفظية للتعبير عن المعاناة أو الهموم".
وتكمن الجوانب الإيجابية في مجالس الفضفضة النسائية، وفق عبدالله، في "تفريغ المشاعر المكبوتة وإدامة العلاقة مع الأخريات"، أما السلبية فتتمثل في "إعطاء المستمعة آراء ووجهات نظر معتمدة على الخبرة الشخصية أو مستوى الإدراك والفهم والذي قد لا يتناسب مع ما تحتاجه المتحدثة".
ومن جانبه، ينصح اختصاصي علم الاجتماع الأسري د. مفيد سرحان، النساء في حال شعورهن بالضيق النفسي وتراكم الأعباء والهموم بممارسة بعض الهوايات المفيدة مثل، الرياضة أو الالتحاق بدورات مهنية معينة بدل الفضفضة "التي لا طائل منها في كثير من الأحيان".
لكن إن كانت التجمعات لأجل التغيير النفسي، والتقرب من الجارات أو أفراد العائلة فلها ميزات كثيرة؛ فهي تحث، وفق سرحان، على التواصل مع الأرحام والأقارب، والجيران، وعلى ضرورة أن تكون العلاقات جيدة مع الجميع. ومن طرق التواصل الزيارات الشخصية والجلسات العائلية وجلسات الجارات فيما بينهن، لتبادل الأحاديث. وهذه الجلسات واللقاءات، من حيث المبدأ، ضرورية ومفيدة، إذا روعيت فيها الضوابط الشرعية والاجتماعية، والابتعاد عن النميمة.
ويقول "إلا أن البعض، للأسف، لا يلتزم بهذه الضوابط، وبدل أن تحقق هذه الجلسات فوائد للجميع، فإنه كثيرا ما تنتج عنها مشكلات بين الجارات، وربما تنتقل هذه المشكلات إلى خارج هذا الإطار، وقد تؤثر على العلاقات داخل الأسرة، وربما تنجم عنها مشكلات كبيرة بين الزوجين".
الأصل أن الأمور الخاصة بالزوجين والأسرة، حسب سرحان، لا يتم إطلاع الآخرين عليها، فهي أسرار خاصة. فقد يسبب الاطلاع عليها من قبل الآخرين مشكلات كبيرة، وخصوصا عندما يصبح تناقلها على ألسن جميع الجيران، وتصل إلى مسامع الرجال والأبناء، وهو ما قد يسيء إلى العلاقات بين الجيران.