"جلسات نسائية": الانحياز لتناول قضايا المرأة عبر دراما معاصرة

مشهد من  المسلسل السوري "جلسات نسائية" -(أرشيفية)
مشهد من المسلسل السوري "جلسات نسائية" -(أرشيفية)

غيداء حمودة

عمان- منطلقاً من قصص أربع نساء من الطبقة الوسطى وعلاقتهن بأنفسهن ومجتمعهن والرجل على وجه التحديد، يسلط مسلسل الدراما الاجتماعية المعاصر "جلسات نسائية" الضوء على مجموعة من مشكلات النساء وصراعاتهن مع المجتمع وقضاياهن الحساسة وبحثهن عن الحب والسعادة والاستقرار. اضافة اعلان
هن ثلاث أخوات، "عايدة" التي تقوم بدورها الفنانة يارا صبري و"هالا" التي تجسد شخصيتها نسرين طافش و"سلمى" التي تلعب دورها نازلي الرواس وصديقتهن "رويدا" والتي تؤدي دورها الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة، لكل منهن قصتها الخاصة التي يتعرض لها العمل عن نص الكاتبة السورية أمل حنا وإخراج المخرج السوري المثنى صبح في ثاني تعاون بينهما بعد مسلسل "على حافة الهاوية".
يارا صبري التي تقوم بدور الأخت الكبرى "عايدة" والمتزوجة من رجل يكبرها في السن تعاني من مشكلة عميقة لا تتعلق بالعُقم فقط، إذ تكتشف أن هناك شيئا ما ينقصها بعد أن كان زوجها محور حياتها والأهم بالنسبة لها، وعندما تبدأ البحث عن نفسها تكتشف أنها بحاجة لطفل، وتبدأ المشاكل بينها وبين زوجها الذي يرفض فكرة التبني، حتى تضطر هي لترك البيت للحفاظ على الطفل المتبنى.
أما "هالا" التي ترملت منذ أن كانت صغيرة وقررت المضي بحياتها والتركيز بشكل أساسي على عملها وابنتها، الى أن تقع في الحب مع "عدنان" الذي يقوم بدوره باسم ياخور وهو شاب سوري مغترب يعود لبلده، ويبدو أنه متخبّط في حياته لا يعرف ماذا يريد ويتصف نوعا ما بالأنانية. وتقرر "هالا" أكثر من مرة الابتعاد عنه من أجل ابنتها، وتعاني مرارة الفراق ومرارة الضغوطات التي تضعها ابنتها عليها بعد معرفتها عن العلاقة.
حصار المجتمع للفتاة من خلال التركيز على أهمية الزواج وأنها "لازم تتزوج" نراه في قصة "سلمى" التي "ترضخ" لهذه الضغوطات، وتتزوج بشكل شبه تقليدي، إلا أنها تكتشف بعد ذلك أنها تحب زوجها فعليا وهو يحبها، وأن العلاقة بينهما ليست بتقليدية.
الشخصية المحورية الرابعة في "جلسات نسائية" هي "رويدا" الفتاة السورية من الأقاليم والتي تأتي إلى دمشق للدراسة، وتلتقي العائلة المؤلفة من ثلاث فتيات، وتنشأ بينهما صداقة عميقة، لتصبح مثل أختهن الرابعة.
و"رويدا" امرأة ناجحة، وتتمتع بشخصية قوية وعملية، تربطها علاقة معقدة إلى حد ما بزوجها طبيب الأسنان ويجسد دوره "ميلاد يوسف"، اللذين ما ينفكان عن العراك في الدائرة نفسها وهي دائرة الشك، خاصة وأنها تكتشف خيانات زوجها لها وتنفصل عنه وتطلب منه الطلاق.
شخصية نسائية أخرى يقدمها المسلسل، الذي يعرض على عدة قنوات منها "ام بي سي دراما"، من خلال الفنانة القديرة أنطوانيت نجيب التي تقوم بدور أم البنات الثلاث، والتي ينصب اهتمامها على الاطمئنان على بناتها ومستقبلهن. وتقبل الأم قبل نهاية المسلسل أن تعيش جارتها معها والتي يتركها ولدها ويفضل بيع البيت الذي كانت تسكن فيه ويقترح عليها العيش معه خارج سورية.
ويتناول المسلسل أعمارا نسائية مختلفة عبر شخصياته، حتى سن المراهقة من خلال شخصية "منى" ابنة "هالا" والتي تقوم بدورها هيا مرعشلي وتتسم شخصيتها بالجرأة الزائدة أحيانا، وتبحث عن الاستقلالية وتبدأ بتجربة العلاقات العاطفية على مستوى بسيط هي الأخرى.
العمل الذي أنتجته "سورية الدولية" يظهر المرأة وهي تحاول دائماً إخفاء ضعفها، وإيهام الذين حولها أنها قوية حتى لو كانت في أكثر حالاتها ضعفاً، ويتعرض لتفاصيل المشاعر الإنسانية عبر مشهدية طويلة نوعا ما، قد تصيب المشاهد ببعض الملل أحيانا.
فالأحداث لا تأتي سريعة في المسلسل، ويركز المخرج على إخراج المشهد بتفاصيل دقيقة بخاصة مع نغمات الموسيقى التصويرية التي وضعها الموسيقي الأردني طارق الناصر، والتي تصبغ المشهد بصبغة رومانسية تكمل رومانسية الصورة نفسها.
ويبحث "جلسات نسائية" عبر شخصياته عن أسباب الفشل والنجاح في علاقة المرأة والرجل، ويعرض وبشكل بسيط اختلاف نظرتهما الى الأمور وإلى بعضهما بعضا، وهو الجدل القائم من الأزل بينهما.
وتبحث شخصيات المسلسل عن التفسير لبعض أسباب الفشل والنجاح في بناء العلاقة بين المرأة والرجل. وتحار هذه الشخصيات في إيجاد تعريفات واضحة لمفاهيم كبيرة تقع على طرفي نقيض مثل الأنانية والتضحية؟ ثم تسأل من خلال الأحداث عما تعنيه الحاجة للآخر والفشل في الحفاظ عليه.
ويبين المسلسل للوهلة الأولى أن الرجل هو من يتحكم بسير العلاقات، إلا أنه يؤكد أن المرأة هي الأخرى صاحبة قرار، وهي الكتف الذي يتوارى خلفه الرجل ويتكئ عليه؛ فهي الأكثر استيعاباً لأنانية الرجل.
من جهة أخرى يؤكد المسلسل ديمقراطية العيش والمفاهيم، ويسهم في بلورة القيم الحداثية والحريات الفردية والخصوصيات.
أما على صعيد الإخراج فاستطاع المخرج المثنى صبح أن يلامس جماليات فنية عدة في العمل، معتمداً على إظهار بعض اللوحات التجريدية للفنان العالمي "صفوان داحول" والتي تعبر عن المناخ النفسي الذي يسود المشهد، إضافة إلى اعتماده على البذخ البصري في ديكور منازل شخوص المسلسل.
هذا ويشارك في بطولة العمل أيضا الفنان رفيق علي أحمد من لبنان بدور زوج "عايدة"، إضافة إلى الممثل سامر المصري زوج "سلمى".

[email protected]