جمالك لا حدود له

لقد مررت من هنا حيث البساتين الغناءة والينابيع العذبة، اتذكر المدرسة السيفية شعلة العلم والمعرفة، رأيت شموخ جبالها وروعة غاباتها وخصوبة أراضيها، تحسست جدران قلعتها والتي تعاقبت عليها الأحداث والسنين، أحببت صمودها وتحديها لمن أراد أن يقهرها ويخضعها، أبية دوما هي تاج على الرأس لا نظير لها في عزتها ورفعتها.اضافة اعلان
وتلك العين التي إن شربت منها شربة تروي الروح والفؤاد، مدينة يشهد لها التاريخ أفرد لها التراث الإنساني صفحات من عراقة وألق، يبقى اسمها في كل زاوية من زوايا حاراتها وكل ركن من أركان أحيائها وشوارعها العتيقة، تستحق أن ترتدى رداء الأصالة والفخر، هي متعة للناظر ونسيمها واشجارها وتلالها ترياق لكل عليل أصابه الوجد شوقاً لرؤياها.
وقعت عيناي على ذلك القصر البديع في تشييده الشامخ وسط الصحراء تنساب أشعة الشمس إليه لتحتضنه برقي وأناقة، لتكشف أسرار إبداع خطته ايدي المهرة من الحرفيين والبنائين آنذاك، تدلف حيث اروقته المنظمة كحبات عقد ليدرك المرء أن من قام بتصميمه عقل سابق لعصره.
مدينة الأمجاد وتمازج الثقافات والحضارات القديمة، مدينة السلط مدينة السحر والجمال، احتلت وما زالت مكاناً مهما على مدى التاريخ يفوح منها عطر الأصالة في شقيه القديم والحديث، صنفتها منظمة اليونسكو على قائمة التراث العالمي وهذا مدعاة للفخر لنا جميعاً ولم لا؟ أليست نموذجاً للتسامح والتعايش الإسلامي المسيحي؟
وقبل السلط كانت البتراء والتي أدرجت سابقا على قائمة التراث العالمي بالإضافة إلى قصر عمرة وأم الرصاص ووادي رم والمغطس. لقد سعت الأردن في مسيرتها الثقافية والسياحية أن تكون ضمن أكثر المناطق الأثرية قيمة في العالم، لذلك اجتهدت لضم مدينة السلط كموقع أثري مهم، يبرز فيه تلك الجوانب الإنسانية من التمازج الحضاري بين ثقافات متعددة ونموذج ثري بذلك التنوع الديني على أساس الاحترام المتبادل والتعايش الآمن الإسلامي المسيحي.
هو نتاج عمل دؤوب أثمر عن إدراج السلط ضمن قائمة التراث العالمي، وهذا مقدر لوزارة السياحة والآثار وإذ نتمنى أن تولى الوزارة وكل العاملين فيها الأهمية ذاتها لباقي المواقع الأثرية والسياحية في الأردن، وأن تضع لذلك خارطة طريق يتم فيها توفير الدعم اللازم لإحياء كل موقع في الوطن يحمل القيمة الأثرية والثقافية بالشراكة مع المؤسسات والشركات الخاصة.
فمسؤولية النهوض بالقيمة التراثية في الأردن مسؤولية ليست سهلة، فوزارة السياحة والآثار يقع عليها عبء تكثيف جهودها لتوعية المواطن بأن يشاركها تلك المسؤولية، وذلك بالحفاظ على المواقع الأثرية والسياحية، وعدم المساس بها أو التعرض لها بالتلف أو عدم الاكتراث بالمنظر الحضاري والسياحي لها وهو أول ما يشد انتباه اي زائر، فما معنى أن تكون هناك أماكن سياحية تتناثر فيها مخلفات بعض الزوار والسائحين المحليين ؟! إدراك المواطن ان الحفاظ على نظافة المكان السياحي الذي يزوره يعود بالنفع عليه اولا وقبل كل شيء من أهم الأمور التي يجب عليه أن يدركها.