جماهير الوحدات.. حالة عشق فطرية تترجم مواقف الرجال في أزمة خانقة

رئيس رابطة مشجعي الوحدات أبو سعدو وأحد الأطفال خلال حملة دعم الجماهير لنادي الوحدات - (الغد)
رئيس رابطة مشجعي الوحدات أبو سعدو وأحد الأطفال خلال حملة دعم الجماهير لنادي الوحدات - (الغد)
مصطفى بالو عمان- رددت جماهير الوحدات من المدرجات عبارات " اللي دفع ثمن تذكرته من رزقة عياله"، و"على الحلوة والمرة معاك يا وحدات"، و"حب النادي حتى الممات"، وردت إدارات نادي الوحدات المتعاقبة "جماهير الوحدات.. العزوة ورأس المال الحقيقي". لم تكن تلك الجمل مجرد شعارات فضفاضة، بل هي ترجمة لحالة عشق فطرية بين ناد وجماهيره لا تتكرر مرتين، مثل الموت أو الولادة، حيث لمع معدن جماهير الوحدات الأصيل، في الأزمة المالية الحالية التي يعاني منها النادي كسائر الأندية الرياضية، والتي راكمت ظروفها الصعبة في ظل تردي الوضع الاقتصادي العام بفعل جائحة كورونا العالمية. مواقف الرجال خزينة مالية تئن، ووضع مالي صعب، وفواتير مالية باهظة، لمختلف نشاطات وفرق النادي الرياضية، ويتقدمها فريق الكرة الذي له نصيب الأسد من الاهتمام والدعم والمصاريف المالية المرتفعة، باعتباره واجهة إنجازات النادي، خصوصا بعد موسم طويل وصلت مدته إلى عام ونصف العام. وكان فريق الكرة أول المستعدين للمنافسات المحلية، بصفقات مالية كبيرة حشدت أفضل نجوم الكرة الأردنية والمحترفين، وسط طموحات كبيرة بالألقاب المحلية للموسم 2020 التي تقلصت إلى لقبين، ونجح الوحدات في إحراز الأول "درع اتحاد الكرة"، ووجه نظره صوب الثاني "دوري المحترفين"، ومنه تفرع الطموح الأغلى بالمشاركة الرسمية الأولى لممثل الكرة الأردنية في دور المجموعات بمسابقة دوري أبطال آسيا، ليواصل الوحدات مسيرة إنجازاته التي زادت من صعوباته المالية، تحديات كبيرة واجهت الهيئات الإدارية المؤقتة في مسمياتها الأولى والثانية والثالثة، ومصادر دخل محدودة وفواتير مستحقة كبيرة، وسط آمال جماهيرية عالية محليا وخارجيا، وافتقاد الوحدات لأهم مصادر دخله من ريع جماهيره الغائبة عن المدرجات في المسابقات المحلية والخارجية. صرخت خزينة النادي، وكانت الجماهير على الموعد في الحملة الأولى التي أطلقتها الهيئة الإدارية المؤقتة الاولى، وسط طرح فكرة تذاكر افتراضية، تشتريها الجماهير لترفد خزينة النادي رغم عدم السماح بالحضور الجماهيري بسبب جائحة كورونا، وانتصر نداء الواجب الوحداتي عبر جماهيره ومحبيه داخل الأردن وخارجه، لتدعم جماهير النادي خزينة النادي في الحملة الأولى بمبلغ تجاوز الـ50 ألف دينار. وإن كان المبلغ قليلا مقارنة بفواتير النادي الباهظة، فإنه ترجم مواقف الرجال وجسد المثل العامي القائل "حجرة بتسند صخرة"، فضلا عن تفهم العديد من رجال الأعمال لوضع النادي الصعب، والتدخل بين الفينة والاخرى لتقديم المكافآت لفرق النادي الرياضية. الجماهير.. جهود كبيرة وقبل أيام، أطلقت مجموعة متناسقة من محبي الوحدات، عبر روابط الجماهير، واتحاد صفحات التواصل الاجتماعي الوحداتية، الحملة الثانية لدعم النادي وسمتها "دينار على دينار حنكمل المشوار"، والتي انطلقت يوم الجمعة الماضي بمجمع النادي الرياضي في منطقة غمدان. وزحفت جماهير الوحدات وكأنها ذاهبة لمؤازرة الفريق في مدرجات أحد الملاعب الكروية، وتوزعت على مدار أيام الحملة التي توقفت اضطراريا بسبب سوء الأحوال الجوية وتأثر المملكة بالمنخفض الجوي القطبي خلال اليومين المقبلين، لتعود إلى ممارسة نشاطها من معقل الأبطال في غمدان، وبعدها تتوجه الحملة نحو جماهير الوحدات في جميع محافظات المملكة، لتبيع التذاكر الافتراضية ابتداء من سعر دينار إلى 20 دينارا، في الوقت الذي تنتظر فيه الهيئة الإدارية الحالية لنادي الوحدات، الانتهاء من الإجراءات القانونية لإصدار محفظة الكترونية، وتسهيل عملية الشراء عبر "إي فواتيركم" ما يسهل على العديد من محبي وجماهير الوحدات في جميع انحاء العالم، دعم خزينة النادي المالية. وتمكنت حملة "دينار على دينار"، والتي يقودها مجموعة من محبي جماهير الوحدات، على رأسهم رئيس رابطة مشجعي نادي الوحدات سعيد الصيرفي "أبو سعدو"، من رفد خزينة النادي بمبلغ 21936 دينار خلال 5 أيام، بانتظار وصول حوالة من محبي النادي في الولايات المتحدة الأميركية الذين وعدوا بتحويل 20 ألف دولار. دينار على دينار حملت الحملة مفهوم "دينار على دينار حنكمل المشوار"، تفهما للوضع الاقتصادي العام في المجتمع المحلي، وانطلاقاً من رحم معاناة "الغلابة" الذين يشكلون السواد الأعظم من قاعدة جماهير الوحدات العريضة، توافدت الجماهير إلى مجمع النادي الرياضي، حين قصدته العائلات والأطفال، منهم من دعم بثمن قوت يومه، ومنهم أيضا من حمل "حصالات" أولاده الذين أثبتوا حبهم للوحدات، وعادوا إلى بيوتهم سعداء وكأنهم ملكوا الدنيا وما فيها. ولعل أبرز مثال على الولاء رغم ضيق الحال، ما قاله رئيس رابطة مشجعي الوحدات أبو سعدو في إحدى أيام الحملة: "عشنا مشهد من أكثر المشاهد المؤثرة، عندما أتى أب مع أبنائه الثلاثة، كل واحد منهم يحمل 3 دنانير بيده، ودفعوها إلى خزينة النادي وتغمر وجوههم السعادة، وعدما عادوا لاحظنا أحد الأبناء وقد تقطع حذاؤه، واضطر إلى تركه في إحدى زوايا المجمع الرياضي، وتابع المسير حافي القدمين في رحلة الإياب إلى بيته، كم آلمنا هذا المشهد، وكم هو كبير جمهور الوحدات، الذي يثبت يوما بعد يوم بأنه يستحق الاحترام والتقدير، وهو العزوة ورأس المال الحقيقي لنادي الوحدات".اضافة اعلان