جمعية نساء ضد العنف تحذر من تفشي ظاهرة "أشبال الخلافة في سورية والعراق"

عمان - الغد- حذرت رئيسة جمعية نساء ضد العنف خلود خريس "من تفشي ظاهرة ما بات يعرف بأشبال الخلافة التي تتسع في الأراضي السورية والعراقية".اضافة اعلان
وقالت في ورقة عمل قدمتها الى الندوة الدولية السادسة لمناهضة العنف ضد النساء التي عقدت في الرباط مؤخرا "ان هناك مضاعفات اجتماعية ونفسية لهذه الظاهرة".
وأوضحت أنه حتى لو قام الأطفال بأعمال أقل خطرا مما يفرض عليهم التواجد في جبهات القتال، "تبقى ارتدادات الوظائف التي يكلفون بها من قبل التنظيم كارثية وذات ترسبات في شخصيتهم وتترك آثارا وخيمة على سلوكياتهم".
وعرضت خريس في ورقة العمل التي تعد الأولى من نوعها، لعدد من هذه الوظائف وأبرزها "مشاركة الأطفال في رجم النساء الأمر الذي يكرس لديهم شعورا بالتمييز الجنسي ينعكس بشكل تلقائي على علاقة الرجل بالمرأة".
وأشارت الورقة إلى أن بعض الذين تم الإفراج عنهم من سجون (داعش) أو تمكنوا من الفرار، كشفوا عن وجود أطفال "يتولون دور السجان"، إضافة إلى استخدامهم في أعمال وضيعة مثل التجسس على المواطنين.
وتفيد بعض المعلومات المتداولة، بحسب الورقة، أن الأطفال الذين يتم تجنيدهم يتعرضون لاعتداءات جنسية.
وقالت خريس في ورقتها إن المخاطر الناجمة عن تجنيد (داعش) للأطفال لا تقتصر عليهم بل تمتد إلى مختلف شرائح وفئات المجتمع.
وتشير بهذا الصدد إلى أن الأطفال المجندين يتجسسون في كثير من الأحيان على عائلاتهم ويبلغون عن ذويهم إذا ارتكبوا ما يمس القوانين التي تضعها (داعش) مثل منع التدخين، ويعتقد المجندون الصغار أنهم يقومون بواجب ديني وهم ينفذون مثل هذه المهام.
وفي المقابل من ذلك، تقول الورقة إن الأهالي يعلمون أن أبناءهم مخطوفون لدى (داعش)، إلا أنهم يخشون الكشف عن ذلك خشية العقاب.
ونتيجة للظروف الصعبة التي يعيشها الأهالي تحت حكم (داعش) يرسل البعض أبناءه للالتحاق بالتنظيم، لا سيما وأن راتب المقاتل في صفوفه يتراوح بين 400 و1000 دولار شهريا.
ولفتت خريس في ورقتها إلى أن ظاهرة تجنيد الأطفال الذين تطلق عليهم بعض وسائل الإعلام اسم "أشبال الخلافة" ليست جديدة، فهي من الظواهر الممتدة منذ ظهور تنظيم القاعدة حيث كان يطلق عليهم كتائب "طيور الجنة" في زمن أبو مصعب الزرقاوي الذي وضع أساسات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وقبل ذلك سجلت حالات تجنيد أطفال في أفغانستان خلال الحرب ضد الاتحاد السوفيتي، والحروب الداخلية بين المجاهدين الأفغان.
وأضافت، أن هذه الظاهرة لا تبتعد عن ظواهر أخرى شبيهة في قارتي إفريقيا وآسيا الأكثر توترا حيث شهدت الحرب العراقية ـ الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي زج آية الله الخميني الأطفال "لاقتحام حقول الألغام بعد إعطائهم مفاتيح تم إقناعهم أنها تفتح أبواب الجنة".
وأفادت أن تكرار هذه الظاهرة في الحروب التي "تأخذ طابعا عقائديا لم يشرعنها" هي جريمة حرب في نظر القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية، وتضاف المنظمات التي تقوم بمثل هذه الممارسات "إلى قائمة العار التي يصدرها الأمين العام للأمم المتحدة".
وجاء في الورقة أن هذه الحقيقة لا تحول دون قيام التنظيمات الأصولية المتطرفة بتكييف أفعالها مع الظروف المحيطة بها، لا سيما وأنها تمتلك مفاهيمها الخاصة للبقاء خارج القانون الدولي، فيما تبقى المؤسسات الدولية عاجزة عن وضع حد لهذه التجاوزات في زمن الحروب.
وقالت خريس، إن استخدام تنظيم "داعش" للأطفال يبقى الأكثر خطرا من استخدامات أي تنظيم آخر، "فهو التنظيم القائم على التطرف الديني، والتأثير في المؤمنين بالإرهاب والتكفير، ووجود الأطفال الذين يحملون مفاهيمه في صفوفه يعني تفريخا للظاهرة التي ابتليت بها المنطقة، بالشكل الذي يتيح له البقاء أعواما مقبلة".
وشددت على أن بشاعة ظاهرة تجنيد الأطفال في المناطق التي يسيطر عليها (داعش) في سورية والعراق تجاوزت قدرات المخيلة الاجتماعية والسياسية والتربوية في منطقتنا على تصور الحلول، وما تزال معالجة الظاهرة خارج دائرة أولويات التحالف الدولي المناهض للإرهاب، ما يستدعي جهدا أوسع وخططا استراتيجية يضعها خبراء ومؤسسات دولية معنية بالطفولة، لا سيما وأن "ترجيحات ديمومة الظاهرة الداعشية تعزز القناعة بأننا أمام إفرازات مستمرة لسنوات مقبلة، تحتاج إلى متابعة حثيثة وغوص في تفاصيل واستعداد لمفاجآت قد تحدث خلال حرب القضاء على التنظيم".