جميل النمري يكتب: نصر قريب مع صفر خسائر بشرية؟!

جميل النمري
جميل النمري

إذا استمر عدم تسجيل حالات جديدة لأسبوع آخر يمكن أن نعلن انتصارنا على فيروس كورونا، ونحتاج أسبوعا آخر من استمرار الإجراءات القائمة للتأكد من ذلك، ولكن في الأثناء يجب التوسع في إجراء الفحوصات للحالات المشتبه بها لأن الوصول للاختبار ليس ميسرا، ومعظمهم ممن لديهم بعض أعراض الرشح والانفلونزا والتهاب الحلق أو من خالط مصابين لا يراجعون أو يجدون صعوبة شديدة في الحصول على الفحص، ويجب الانتظار 6 أيام لدى المختبرات الخاصة المقررة، وهي تتقاضى سبعين دينارا تعد صعبة على كثيرين.اضافة اعلان
سرّ النجاح كان في استجابة الأردن الفورية لموجبات المواجهة واتخاذ أقصى الإجراءات حتى قبل ظهور أي حالات باستثناء الحالة اليتيمة للمواطن القادم من إيطاليا، وأعترف شخصيا أنني كنت أرى في الإجراء استعجالا وتطيرا غير مبرر، ثم ظهرت 6 حالات دفعة واحدة سبقها بيوم واحد إعلان الإجراءات القصوى بإغلاق حدود المملكة والحجر على القادمين وتعطيل جميع المؤسسات، بما في ذلك دور العبادة ثم إعلان حالة الطوارئ وتقييد الحركة والتنقل. هذه قصة نجاح للسلطات وللشعب الأردني نأمل بأن تتأكد في الأيام المقبلة والحاسمة.
الصين التي انتبهت الى خطورة الوباء متأخرة بضعة أيام بعد اكتشافه في بؤرة انتشاره في مقاطعة ووهان، سجلت قصة نجاح بإجراءات حاسمة واستنفار شامل انتزع إعجاب العالم، بعكس الدول الغربية التي تعاملت بشيء من التراخي وأعلن بعض زعمائها عن خطة مختلفة (استراتيجية القطيع) لا تقوم على العزل وتعطيل المؤسسات ومنع التجمعات باعتبار أنه محاولة غير مجدية وثمنها باهظ جدا على الاقتصاد، وبدل ذلك القبول بخسائر محدودة مقابل نشر المناعة عند أغلبية من يصلهم الفيروس، لكن سرعان ما تهاوت هذه النظرية أمام ما كان يراه الجميع في إيطاليا التي تعيش كارثة حقيقية مع تسارع انتشار الوباء وآلاف الوفيات وانهيار النظام الصحي فعادت إجراءات العزل والتعطيل في كل مكان.
قبل كورونا كان منسوب الثقة بالمؤسسات وكل ما تقوم به السلطات في أدنى مستوياته وفي هذه الأزمة ارتفع الى أعلى مستوى. الحكومة أظهرت عزما وحزما وسرعة مبادرة في القرارات والإجراءات والجمهور أيد وساند ودعم. بل إن بعض الأصوات المشككة والمتذمرة التي كانت تظهر في تعليقات وفيديوهات كانت تقابل بوابل من الردود الغاضبة والساخطة التي تظهر وعيا ومسؤولية والتزاما، وحتى أشرس المعارضين في الحراكات في الداخل والخارج قدموا خطابا حريصا متضامنا يدعو للتضامن والالتزام والوقوف بلا قيد ولا شرط خلف الدولة والسلطات في هذه الأوقات. وإزاء بعض التصرفات المستهجنة مثل التهافت على شراء السلع، كان مستخدمو وسائل التواصل يقومون بمسؤولية بالنقد والتوجيه وظهرت مبادرات ذاتية بفيديوهات تثقيفية جميلة، أما التثقيف الصحي في مواجهة الوباء فلم يقتصر على أحد، ومع التوجيهات الرسمية ظهرت عشرات الجهات الخاصة والتطوعية التي تقوم بهذا العمل. وإنه لشيء يبهج القلب رؤية المسؤولية الاجتماعية والوطنية والانتماء تبرز هكذا حقيقية صادقة نزيهة. نحن إذن ما نزال مجتمعا واحدا ودولة راسخة وعلى ذلك نبني رؤية للمستقبل.
قريبا نعلن النصر -إن شاء الله– مع صفر خسائر بشرية. لكن سنحصي أيضا خسائر مادية ضخمة. إن خسائر مؤسسة واحدة مثل الملكية الأردنية هي الآن بعشرات الملايين وستزيد بقدر توقف الرحلات. الدولة لم تلفت الى أي خسائر أو كلف، وأبرز مثال حجز فنادق البحر الميت للحجر الصحي على الآلاف وكان هذا موقفا صحيحا، وربما يتوجب الآن وجود أفراد طواقم وخبراء من جميع المؤسسات لإحصاء الخسائر ودراسة الإجراءات في مواجهتنا الوباء حتى لو كان باستخدام قانون الدفاع لبعض منها.