جميل راتب.. صاحب الأناقة الباريسية يغادر الحياة تاركا إرثا فنيا كبيرا

الراحل جميل راتب- (ارشيفية)
الراحل جميل راتب- (ارشيفية)

 عمان-الغد-  كان رحيل الفنان القدير جميل راتب مؤثرا وصعبا لدى كل محبيه وأصدقائه ومعجبيه، وهو الذي قدم باقة من أجمل الأعمال المصرية والعربية، كذلك العالمية، تاركاً إرثاً كبيرا عبر سنوات طويلة. 

اضافة اعلان

وشيعت جنازة راتب أمس في الأزهر بحضور عدد محدود من الفنانين في مقدمتهم الفنان عزت العلايلي، والفنانة سلوى محمد علي والفنان أشرف زكي، نقيب الممثلين، كذلك خالد عبدالجليل مستشار وزيرة الثقافة، والذي ناب عنها لتوديع الفنان الراحل. 

وكان قد غادر الحياة أمس عن عمر يناهز 92 عاما بعد صراع طويل مع المرض، وهو الذي اشتهر بأدوار الشر المعقدة دون أن يتخلى عن أناقته الباريسية.

ولد الفنان في القاهرة العام 1926 في عائلة ثرية، وبدأ حياته العملية حينما أوقفت أسرته مصروفاته المالية عنه في باريس، وانقطع عن دراسة الحقوق والسياسة والتحق بمعهد خاص للتمثيل، فكان عليه أن يعمل بجانب دراسته في المعهد. وانضم فيها إلى فرقة "الكوميدي فرانسيز" حيث شارك في العديد من المسرحيات وعمل في عدد من الأفلام الفرنسية والأميركية من أشهرها "لورنس العرب" من إخراج البريطاني ديفيد لين العام 1962 إلى جانب بيتر أوتول وأنطوني كوين ومواطنه عمر الشريف.

بدأ راتب عمله ممثلا في باريس، وألقت تلك الظروف به في معترك الحياة الواسع، بكل أطيافها وشخوصها وصعوباتها وملاحمها، فبدأ بالاهتمام بالشأن السياسي، وشعر بوجود طبقات مهمشة وفقيرة في المجتمع. تدرج جميل راتب بعد ذلك على خشبة المسرح الفرنسي، حيث شارك في أعمال لشكسبير وراسين وكورناي وموليير، وشارك مع فرقة "كوميدي فرانسيس" العريقة.

وعاد الفنان الراحل إلى القاهرة العام 1974، وعمل مع المخرج المصري كرم مطاوع في مسرحية "دنيا البيانولا". وعمل في تلك الفترة بين مصر وفرنسا، ووصل مجمل أعماله في فرنسا إلى 75 عملا، بينها 15 عملا أميركيا وإيطاليا وغيرهما. كذلك عمل جميل راتب في أفلام تونسية ومغربية وجزائرية، وتم تكريمه من "معهد العالم العربي" في باريس. وكرمه مهرجان القاهرة السينمائي.

أول مشاركاته السينمائية كان في فيلم "أنا الشرق" العام 1946، وشارك كذلك في العديد من الأعمال الناجحة منها "الصعود إلى الهاوية" و"البريء" و"البداية" و"طيور الظلام" و"الكيف" ومن المسلسلات "زينب والعرش" و" رحلة المليون" و"زيزينيا"و" يوميات ونيس" وغيرها من الأعمال.

وتعاون مع عدد كبير من المخرجين والفنانين الكبار من أبرزهم عاطف الطيب وعلي بدرخان ويسري نصرالله وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز وفاتن حمامة وسناء جميل وسميحة أيوب.

وقد عمل في التلفزيون أيضا ومن أهم المسلسلات التي شارك فيها "المال والبنون" و"الراية البيضاء" و"وجه القمر" و"يوميات ونيس". وكان آخر عملين ظهر فيهما مسلسل "أبواب الخوف" و"همس الجذور" في 2011.

ومن أبرز الأدوار التي لعبها  الراحل راتب؛ شخصية أبو الفضل، ضمن مسلسل "يوميات ونيس"، وكانت عن رجل يغرس في أبنائه الأخلاق والمبادئ. وقدم أيضا شخصية "نبيه نبيه" ضمن فيلم " البداية" بدور شخصية مستبدة وإلى جانبه الممثل أحمد زكي، يسرا، صفية العمري، ومن إخراج صلاح أبو سيف.

وفي فيلم "الأولة في الغرام" مثل راتب شخصية "منصور السيوفي" ، وشارك في بطولة الفيلم هاني سلامة، أحمد راتب، منة شلبي. وجسد دور رجل الأعمال الإيطالي جيوفاني ديلورينزي في مسلسل "زيزينيا"، برفقة  يحيى الفخراني، هدى سلطان، إيمان، حمدي غيث. وفي فيلم " الكيف" قام راتب بتقديم دور تاجر المخدرات سليم البهظ.

وأدى دور "أفندينا" في فيلم "شفيقة ومتولي" للمخرج علي بدر خان وبطولة سعاد حسني وأحمد زكي وأحمد مظهر. وكان الشرنوبي رجل الأعمال الفاسد في فيلم "حب في الزنزانة" للمخرج محمد فاضل وبطولة عادل إمام، سعاد حسني، ومن إخراج محمد فاضل.

كان للفنان الراحل حضورا في ميدان التحرير إبان ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.

وكان يشارك في غالبية فعاليات التضامن مع الفلسطينيين والعراقيين وتلك المنددة بالهجمات الإسرائيلية على لبنان.

يذكلر أن والدته ابنة أخ المناضلة النسائية المصرية الشهيرة هدى شعراوي زوجة الزعيم المصري سعد زغلول في ثورة 1919.

وكان راتب الذي نال الكثير من الجوائز في مصر والخارج، متزوجا من ممثلة ومنتجة فرنسية. وقلدته السلطات الفرنسية العام 2006 وسام الشرف من رتبة فارس.

وعبر فنانون مصريون وعرب عن حزنهم لوفاة الممثل جميل راتب وغردوا عبر حساباتهم كلمات دافئة تواسي عائلته، اذ كتبت الممثلة التونسية هند_صبري: "كان لي شرف العمل معه في "جنينة الأسماك".. رقي وبساطة وإتقان وثقافة. من الفنانين النادرين الذين تحدوا الحدود وعملوا مع مخرجين عرب وعالميين، وبلغات ولهجات متعددة. الله يرحمه... وداعا الفنان العربي الكبير جميل راتب".

 فيما وجهت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تعازيها للشعب المصري والعربي في وفاة الراحل، وقالت "خالص التعازي للشعب المصري والعربي في وفاة الفنان القدير جميل راتب قيمة فنية كبيرة ومدرسة في التمثيل.. سنفتقدك كثيرا". وغرّد الممثل السوري تيم_حسن، قائلاً: "رحم الله الفنان الكبير جميل راتب وأسكنه الجنة. إنا لله وإنا إليه راجعون".

أما إليسا فكتبت: "جميل راتب كان معلِماً، لقد أثرى المكتبة العربية بأروع الأدوار التمثيلية التي جسّدها، وغادرنا تاركاً إرثاً جميلاً من الفن والإخلاص. مصر حزينة وأنا كذلك". ونشر الممثل آسر ياسين: "حزين جداً لفراق جميل راتب... يا رب ارحمه وصبر أهله".