"جنون الأسعار".. أردنيون يقطفون ثمار مدخراتهم الذهبية!

مجد جابر

عمان- موجة ارتفاع أسعار الذهب بشكل غير مسبوق، دفعت الكثير من الناس إلى الذهاب لمحال المجوهرات لتسعير القطع التي يمتلكونها، أو بيعها بـ"مربح" مضمون، ومعاودة الشراء مرة أخرى إذا انخفضت الأسعار.اضافة اعلان
ذلك تماماً ما حدث مع الأربعينية ربا صادق التي أخذت كل ما تملك من ذهب متوفر لديها منذ زواجها، وذهبت الى أحد المحال وقامت بتسعير القطع، مبينةً أن القيمة ارتفعت جيداً. وبالرغم من أن هناك قطعا "عزيزة" على قلبها، بحسب وصفها، الا أنها اعتبرت الارتفاع فرصة لتقوم ببيع ما تملكه الآن والربح، خصوصاً وأن أغلب ما لديها عيار 21، وستعاود شراء ما تحتاجه عند عودة الذهب الى أسعاره الطبيعية.
في حين أن هبة عبدالله أخذت كل مقتنياتها وذهبت لمعرفة السعر النهائي لدى أحد الصياغ الذي تتعامل معه منذ زمن، لتكتشف أن القطع تضاعف سعرها، لكنها سمعت أن الأسعار ربما تزيد أكثر، وهي تطمع إلى الحصول على أكبر ربح ممكن، لذلك ستؤجل البيع حاليا.
غير أن الحال اختلف بالنسبة لـ ليندا أسعد وهي مقبلة على الزواج، واضطرت الى تأجيل زفافها بسبب أزمة كورونا، الا أنها الآن بعد أن قررت وخطيبها تنظيم حفل عائلي بسيط لإتمام مراسم الزفاف، تفاجأت بارتفاع أسعار الذهب، فنصحها المقربون بتأجيل الشراء، مبينة أنها اتفقت مع عريسها بأخذ المبلغ الذي تريد شراء الذهب فيه وعدم التصرف به لحين نزول الأسعار، لكي لا تشتري بخسارة وتدفع قيمة أكبر بكثير من قيمة القطعة الأصلية.
رجا خوري صاحب أحد محال الذهب، يقول إنه وفي الآونة الأخيرة هنالك حركة بيع كبيرة لدى العائلات، وإقبال على بيع المدخرات والمصوغات الذهبية، خصوصاً من يملكون الذهب القديم وابتاعوه بوقت كان فيه الذهب بأدنى أسعاره؛ هم الفئة الأكثر ربحا.
ويضيف خوري أن هناك زبائن يأتون للتسعير فقط وبشكل دوري وينتظرون على أمل أن يرتفع سعر الذهب أكثر، وهناك من يعتبرونها فرصة لا تعوض وعندما يلاحظون الفرق في السعر يقررون بيع القطع فوراً، مبينا أن حركة الشراء خفيفة جدا وتكاد لا تذكر.
ويضيف خوري أنه كلما ارتفعت أسعار الذهب يتضرر أصحاب المحال، مبينا أن هذا الارتفاع مرتبط بالأحداث السياسية و"كورونا"، وقد لا تنخفض أسعار الذهب قبل نهاية العام.
وقفزت أسعار بيع وشراء الذهب لمستويات غير مسبوقة في الأردن، وحتى أمس، بلغ سعر بيع غرام الذهب عيار 21 الأكثر رغبة من المواطنين بالسوق المحلية 40,60 دينار.
وبلغ سعر بيع الغرام من الذهب عياري 24 و18 لغايات الشراء من محال الصاغة 46,41 و34,81 دينار على التوالي.
ويوجد ما يقارب 850 تاجرا وصانع ذهب في عموم المملكة برأسمال أردني خالص يبلغ أكثر من 5 مليارات دينار في حده الأدنى.
ويذهب الاختصاصي الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش، إلى أن أسعار الذهب ترتفع والناس يبحثون عن ملاذ آمن بسبب ما يتعرض له العالم في ظل "كورونا" وغياب اليقين في أي شيء، وبالتالي أصبح الذهب أحد العناوين المهمة للأوضاع الاقتصادية غير معروفة النتائج.
ذلك جعل الذهب بارتفاع مع زيادة على الإقبال والمضاربة في الأسعار، وفق عايش، ما يجعل كثيرا من الناس سواء الذين يقتنون الذهب لأسباب شخصية أو من يتاجرون به يبحثون عن الاستفادة من فرق الأسعار الشاسع الذي حدث، لذلك أصبح سعر الذهب مثل الثقب الأسود الذي يجذب الناس اليه من كل الأعمار والفئات، ويؤدي ببعضهم الى بيع الذهب الذي يملكونه، واستخدام الفرق في الأموال بعد انخفاض سعر الذهب لشرائه مرة أخرى.
ووفق عايش، فإن معظم الذهب الذي يتم بيعه يكون بكميات صغيرة ولأسر وأفراد وعائلات هي بأمس الحاجة لعائد الذهب للإنفاق على نفسها وسداد التزامات عديدة، أو لاعتقادها أنها ربحت كثيراً في هذا الذهب، لكن من دون أن تدري هذه العائلات أنها ستنفق معظم أو كل هذا الذهب على المنتوجات الاستهلاكية أو على سداد ديون وقروض والتزامات أخرى عليها.
ذلك الأمر الذي يجعلنا في النهاية ندرك أن من يبيع الذهب لا يمكن أن يعاود شراءه مرة أخرى في ظل هذه الظروف، حتى لو انخفضت الأسعار، والإشكالية هنا أن انخفاض الأسعار ربما لن يكون بالشكل الذي توقعه بائعو الذهب، بمعنى أن الذهب ربما سيبقى هذا العام والعام المقبل يدور حول نفسه ومعدلاته، وربما يرتفع أو ينخفض بما لا يزيد على 20 %.
وبالتالي، فإن كثيرين سوف يصرفون ما يملكونه من ذهب من دون معاودة شرائه مرة أخرى، الا إذا كان الاحتفاظ به من أجل استثماره وبيعه في ظل ارتفاع أسعاره، مبيناً أنه قد يستمتع الشخص من العائد حاليا، لكنه مع الوقت سيفقد العائد ويفقد الذهب.
وينصح عايش من كان متمكنا ويدرك ما يفعله، ببيع ما يملكه مع توفير المال والاحتفاظ به، واستثماره في أمر مفيد من دون خسارة ما تم ادخاره طوال هذه السنين.