"جنّ" بين الرفض والتبرير.. جرأة فوق احتمال الثقافة الأردنية

إسراء الردايدة

عمان- فجّر "جن"، أول مسلسل عربي أردني ناطق باللغة العربية بثته شبكة "نتفلكس" جدلا واسعا في الشارع الأردني رافقته انتقادات لمحتواه اللفظي ومشاهده الجريئة، وهو ما اعتبره كثيرون منافيا للآداب ومخالفا لعادات المجتمع الأردني.


إلا أن المسلسل، في المقابل ومن وجهة نظر مخرجيه اللبناني والأردني وممثليه هو "أول محتوى عربي موجه للمراهقين ويحاكي همومهم وتطلعاتهم من خلال "نتفلكس" التي تبث في 190 دولة ولأكثر من 150 مليون مشترك، ويعرض بـ 29 لغة عالمية".


وتدور أحداث المسلسل التي لا تخلو من الخيال، حول مجموعة من الطلبة المراهقين يقومون برحلة لمدينة البترا، يواجهون خلالها قوى خارقة هي الجن، وتنشأ خلال الرحلة علاقات عاطفية بينهم كانت سببا في تولد حالة من السخط الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي حد المطالبة بمحاسبة من يقف وراء هذا العمل لاشتماله على مشاهد وألفاظ نابية تخدش الحياء، اعتبرت دخيلة على الثقافة والهوية المحلية.


وفي المقابل رأت جهات معنية أن مسلسل "جن" يعرض عبر منصة عالمية "تتطلب مشاهدته اشتراكا خاصا وتظل متابعته خيارا فرديا"، لافتة إلى أن التباين في ردود الفعل يعكس تعددية المجتمع بمختلف أطيافه وهي تعددية إيجابية.


ويؤدي أدوار شخصيات المسلسل مجموعة من المواهب الأردنية الشابة الذين يقفون أمام الكاميرا للمرة الأولى ويشارك في إخراجه بالإضافة إلى اللبناني مير جان بو شعيا الذي يتولى الإخراج التنفيذي (ثلاث حلقات 1و2 و5)، الأردني أمين مطالقة (حلقتين 3 و 4)، والثنائي إيلان وراجيف داساني، اللذان شاركا في كتابة السيناريو.


وقبل أن تتاح للمشاهدين حلقات المسلسل الخمس وهي "همسات مريبة" و "الرمال السحرية"، "شعور ممتع وخطير"، "البحث عن جن"، "احذر مما تتمناه"، أجرت "الغد" مقابلات مع طاقم المسلسل ركزت على الانتقادات التي يمكن أن تتولد نتيجة المحتوى عند بثه ومشاهدته.

وأوضح الأخوان داساني أن العمل "يستهدف المراهقين عموما واختير الأردن لخصوصيته وجمال مواقعه التصويرية" خاصة وأنهما صورا قبل هذا نحو ستة أعمال محليا، وأرادا تقديم قصة ترتبط بخصوصية المنطقة "مستوحاة من أسطورة تحاكي الثقافة العربية"، وتم إجراء أبحاث كثيرة عن خلفيتها والطريقة التي يتم تداول الجن بين الناس.

وعن القصة نفسها التي يقدمها ممثلين اردنيين يراد بها أن تكون عربية ، بحيث أن هؤلاء لا يمثلون الاردن وحسب وإن كانت الأحداث تدور بها، فهي بالاصل تشكلت من اجل مخاطبتهم في كل مكان  محليا وعالميا، تجمعهم لغة واحدة وهي الفئة العمرية، التفكير والهموم والأحلام والمخاوف .

اضافة اعلان

 وجاء رد الاخوين داساني أن المحتوى الجريء الذي  وظف في الحلقة الاولى ، ويظهر وكأنه سلوك اعتيادي  لم يكن إلا من خلال سعيهما لتقديم حياة المراهقين بشكل طبيعي قدر الامكان، خاصة أنهم أجريا مقابلات مع مئات منهم عن طريقة عيشهم وتجاربهم.

وأشارا الى أنهما حاولا قدر الإمكان إجراء مقاربة حول الواقع المعيش للمراهقين بنكهة عالمية من خلال قصة خيالية"، لافتين إلى أنه "تم تعديل النص بما يتوافق واللغة التي يستخدمها المراهقون اليوم وإنْ بدت للبعض مبالغا بها".


بدوره يوضح المخرج بو شعيا أن "أهمية المسلسل" ذي الطابع الأردني المحلي والذي شاركه إخراجه الأردني مطالقة تكمن في أنه "يتمحور حول المراهقين لقلة الأعمال التي تخاطب عقولهم خاصة العربية وهو ما لمسه بعد مقابلات مع مئات منهم قبل الشروع في تطوير السيناريو، والغاية فهم حياة وطبيعة هؤلاء المراهقين وطريقة تفكيرهم لعكسها على العمل بلغة عالمية".


وأضاف، ان القصة تروى من منظور شخصيات لكل منها خلفية معينة تحكم تصرفاتها، والمسلسل قدم نماذج مختلفة للمراهقين هم الفتاة الجيدة والفتاة الشريرة، وآخر يتعرض للتنمر.

وبين بو شعيا أن هؤلاء المراهقين يمرون في مرحلة "out of age" التي تعني مرحلة انتقالية من الطفولة إلى البلوغ ما يجعل من عالمهم متقلبا وصعبا ويحتاجون لقصص منهم وإليهم".


وتقول سلمى ملحس التي لعبت دور البطولة بشخصية (ميرا) في مقابلة مع "الغد" قبل إطلاق العمل رسميا إن "الشخصية التي تلعبها ليست سهلة، وما قدمته بني على تحد وقناعة بأنه يكمل الدور، وهي مدركة لطبيعة ردود الفعل وتباينها".
وقالت وهي ترد بثقة "أنا جاهزة للمواجهة، ولأكون هذه الفتاة العربية التي أظهر على الشاشة وأشبه شخصيات كثيرة على أرض الواقع عايشت الموقف نفسه".

وبينت الممثلة عائشة شحالتوغ التي تؤدي دور الفتاة الشريرة وهي (فيرا) لـ "الغد" أن دورها "يتطلب منها إقصاء العواطف كي تحقق هدفها وتصل إليه، خاصة أنهم خضعوا لورشة تمثيل استغرقت 15 يوما جرى خلالها تعليمهم وتدريبهم على بناء الشخصيات والنص".


ولفت الممثل حمزة عقاب الذي يلعب دور الجني (كيراز) إلى أن "دوره عكس تجربة واقعية عاشها حيث اضطر لتعلم اللغة العربية حين عاد للأردن قبل أربع سنوات"، مشيرا الى أن الشخصية التي يجسدها تظهر عدم قدرته على التعامل مع مجتمع من أقرانه لاختلافه عنهم ثقافيا واجتماعيا.


وعن التنمر وما يمر به المراهقون، قدم الممثل سلطان الخيل دور ياسين وهو "شخصية مراهق يتعرض للتنمر من أقرانه وللعنف المنزلي في بيته من زوج والدته السكير، ما يبرر تصرفاته وتقوقعه على نفسه، وفقدانه للثقة وخوفه وتوتره".