جولة أولى خاسرة

خسارة قاسية منيت بها الحكومة في جولتها الأولى من معركة كسب رضا المواطنين بشأن مشروع قانون ضريبة الدخل. الزيارات الماراثونية للمحافظات والتي اختتمت أمس في عجلون وجرش، لم تحقق أي اختراق، ولم تتمكن الفرق الوزارية من إقناع الناس ببنود القانون، وفي كثير من الأحيان لم تتمكن من حوار المواطنين، فقد كان رفض الاستماع للحكومة سيد الموقف.اضافة اعلان
رئيس الوزراء د. عمر الرزاز الذي أقر صراحة بصعوبة المهمة، أكد أن الحكومة تواجه حالة من الاحتقان المتراكمة منذ سنوات، في إشارة إلى أن عدم قبول المواطنين للحوار مع الفرق الوزارية ليس رفضا للقانون بالدرجة الأولى، بل للسياسات الاقتصادية التي ألقت ثقلا كبيرا على كاهلهم، وأدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار، كما سببت تآكل الدخول، إلى جانب البطء الشديد في تحقيق الإصلاح السياسي، وغياب العدالة والمساواة، وعدم الجدية في محاربة الفساد والمفسدين، وعدم تحسن نوعية الخدمات المقدمة من تعليم وصحة ونقل. وأعتقد أنها إشارة غير عادلة.
ما ألمح إليه الرزاز فيه جزء من الصحة، فما الذي دفع مُسنّا لأن يشارك في حوار الفريق الوزاري بالزرقاء ليعلن رفضه للقانون؟ وما الذي دفع متقاعدا في معان يحصل على راتب لا يزيد على 350 دينارا، ولا يخضع للضريبة، لأن يحتج على القانون؟ وما الذي جعل أرملة لأن تقول للقانون "لا"؟ بالتأكيد ذلك مرده سنوات عجاف مرت في حياة الأردنيين.
لكن على الجانب الآخر، يُسجل على الرزاز هروبه من المسؤولية، فالقانون الحالي لا شكّ أنه سيساهم في زيادة حجم الاحتقان المتراكم، الذي استند إليه رئيس الحكومة في تبريره لما حدث في المحافظات، لذا، فالأَولى أن يسارع إلى وضع حلول للتخفيف من هذه الحالة بدلا من شرحها، والاكتفاء بالاعتراف بأن الأردني تلقى ما يكفي من "ضربات" موجعة ساهمت في إضعاف قدرته على العيش حياة كريمة، خصوصا وأن هذا المواطن على قناعة تامة بأنه، وإن لم يتأثر بشكل مباشر بمشروع الضريبة المقترح، فإن تبعاته ستعود حتما بـ"الويل" عليه.
الرزاز، القادم إلى الدوار الرابع وفي جعبته مساحة مريحة من الشعبية، أمام معركة حقيقية لا تتمثل فقط في تسويق قانون الضريبة، والدفع باتجاه إقراره نيابيا، بل في كسب ثقة المواطنين وإقناعهم بأن أمامهم غدا أفضل، بيد أن عملية الإقناع هذه لا تندرج تحت التصريحات "الرنانة"، بل عبر تحسين جودة الحياة لمواطن ينهار اقتصاديا يوما بعد يوم!.
ما تزال في جعبة الحكومة أوراق تستطيع أن تدفع بها باتجاه تهدئة المواطنين إذا ما أرادت حوارا حقيقيا، وأعتقد أن ذلك بات في حكم الضرورة، وعلى رأسها إعادة الإعفاءات الإضافية الممنوحة للأسرة والمقدرة بمبلغ 4 آلاف دينار الواردة في القانون المطبق حاليا بدل فواتير استشفاء وتعليم، وإلغاء ضريبة التكافل الاجتماعي (1 %) التي تم فرضها في مشروع القانون الجديد، وتضاف إلى نسبة ضريبة الدخل المفروضة على الدخل الخاضع للضريبة (أي بعد حساب الإعفاءات)، إلى جانب رفع نسبة الضريبة على البنوك مع توفير ضمانات بأن لا يعود أثرها على المواطن.
صوت المواطن الذي صدح به في وجه الفرق الوزارية، له مؤشراته ومدلولاته. وصمّ الآذان وعدم الاستماع إلى هذا الصوت، سيكلف الحكومة كثيرا، خصوصا أن جولتها الثانية التي ستخوضها في مواجهة النواب تقترب، وهي ما تزال تحمل الندوب التي خلّفتها عليها صرخات المواطنين في أرجاء الوطن.