جون كيري سرق العرض

يوسي بيلين -اسرائيل هيوم

في مقابل رئيس متردد ممزق بين مبادئه ووعوده وبين استعداده لتنفيذها، ظهر وزير خارجيته. فقد بيّن جون كيري دون تلاعب بالكلمات أن الولايات المتحدة لا يجوز لها أن تتنحى جانبا حينما يضرب زعيم دولة شعبه بسلاح غير تقليدي. وهو لم يتردد في مسألة من يقف وراء استعمال السلاح الكيميائي، وبيّن المنطق الاخلاقي والامني في عملية اميركية في هذا الوقت مع تجاهل لبريطانيا العظمى، وذِكر للصداقة التاريخية مع فرنسا.اضافة اعلان
وكان عرض أوباما (والى جانبه نائبه جون بايدن، متسفعا بشمس آخر يوم من آب، صامتا)، كان النقيض حقا لعرض وزير الخارجية، فقد كان يبدو أنهما يمثلان دولتين مختلفتين. إن أوباما الذي دخل إلى الوعي العالمي في 2003 فقط حينما استجاب لدعوة حضور المؤتمر الديمقراطي الذي وافق على ترشيح كيري للرئاسة في منافسته لجورج بوش الابن، عاد للحظة إلى تلك الحادثة. كانت له آنذاك في الحقيقة خطبة لامعة، لكنه أدى دور لاعب ثانوي (سياسي افريقي اميركي شاب يريد أن يدخل إلى الميدان الفيدرالي) حينما كان كيري هو الشخصية المركزية ودُعي هو ليخطب فقط.
لماذا كان كيري هو الذي خطب في الأمة في شأن مهم بهذا القدر واكتفى الرئيس بخطبة قصيرة شاحبة؟ هل يريد أوباما أن يُبعد نفسه عن القضية؟ وهل يفضل أن يطرح الفشل على كيري (كما حدث حينما عرض سلفه في المنصب كولن باول على الأمم المتحدة معطيات غير صحيحة عن وجود سلاح غير تقليدي عند صدام حسين وسبب بذلك حربا لا داعي لها في العراق)؟ ربما. لكن يبدو أنه تُبنى في هذه الايام شخصية مرشح قديم – جديد ليحل محل اوباما في الغرفة البيضوية.
ربما لا تُغير عملية اميركية رمزية جدا شيئا حتى لو وافق مجلس النواب عليها. وربما يُفضل الحفاظ على القوة الأميركية لفرصة اخرى اذا كان الجميع يؤكدون أن المقصود ليس أكثر من عقاب لأجل الردع عن استعمال السلاح الكيميائي مرة اخرى. وربما تُستغل نافذة الوقت التي فُتحت لمحادثة بين اوباما وبوتين لابطال السلاح الكيميائي في سورية دون أن تكون حاجة إلى عمل عنيف، لكن من الواضح أن شيئا ما قد حدث في نهاية الاسبوع، في السياق السياسي.
إن كيري على العكس تماما من هيلاري كلينتون، لا يعمل مثل موظف لاوباما بصورة سافرة. فقد أملى على الرئيس المشاركة الاميركية من جديد في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وحصل منه على تفويض (وإن يكن ذلك بلا حماسة)؛ وهو العامل المركزي في الإدارة الأميركية الذي يقود إلى عملية موجهة على سورية وهو الآن ايضا الذي يروج لها في العالم بنجاح لا يُستهان به. إن كيري يتحمل في عمره الكبير مخاطرة سياسية يشعر بأنه يحق له أن يتحملها لأنه اذا نجح الاجراءان اللذان يدفعهما الآن إلى الأمام فسيصبح مرشحا طبيعيا للديمقراطيين للرئاسة.