جوهر "صفقة القرن"

لم تكن التصريحات الصحفية التي أطلقها كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاريد كوشنير، حول جوهر ما تسمى بالخطة الأميركية للسلام والتي يطلق عليها عالميا تسمية "صفقة القرن"، فيما يعتبرها الفلسطينيون "صفعة القرن"، مفاجئة لأحد.اضافة اعلان
فكوشنير، يرى، أن"صفقة القرن" ستدعو إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلاد التي يقيمون بها بدلا من عودتهم لوطنهم السليب فلسطين، أي الغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو جوهر الخطة، لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية.
وهذا الأمر تم التأكيد عليه منذ بداية الحديث حول "صفقة القرن" فالادارة الأميركية، كانت واضحة منذ وصولها إلى البيت الأبيض حيث اتخذت خطوات واضحة لتصفية القضية الفلسطينية، فاعترفت بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، ونقلت سفارتها اليها، واعترفت بشرعية المستوطنات بالضفة الغربية،واوقفت تمويل وكالة الامم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) ودعت لالغائها ، لأنها تشكل من وجهة نظرها عقبة بوجه السلام.
ومنذ البداية، اعتبرت الادارة الأميركية، أن انهاء القضية الفلسطينية، يتم من خلال تحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين، مؤكدة بهذا السياق، عدم وجود قضية فلسطينية، وانما هناك وضع معيشي للفلسطينيين المقيمين في "اسرائيل"، يجب تحسينه، وعندها ستنتهي "مشكلة الفلسطينيين".
وبهذا السياق، نفهم تصريحاته الصحفية يوم الاربعاء الماضي عندما قال " خلال السنتين الماضيين بدأ الشعب الفلسطيني يكتشف أن المشكلة ليست في إسرائيل وانما الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعاني منه السكان في ظل عدم وجود الشفافية والمحاسبة".
إن الادارة الأميركية الحالية، تعتقد، أنها بتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين، ستنتهي القضية الفلسطينية، فالقضية ليست وطنية وقومية، وغير متعلقة بوطن سليب، وبتشريد شعب، والسيطرة على وطنه، والغاء هويته الوطنية، وحرمانه من حقوقه بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، والاستيلاء على مقدساته، وإنما هي قضية مالية بحتة، فتحسين الاوضاع المعيشية، يعني، عدم وجود قضية وطنية، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية للأبد.
اعتقد، أن الادارة الأميركية، تعرف حقيقة ما هي اهداف الشعب الفلسطيني، وتعرف تماما أن خطتها لن تنجح، ولكنها تستخدم كل وسائل الضغط والقوة التي تمتلكها لتمريرها، وفرضها على الفلسطينيين والاردن، والدول التي مازالت تناصر وتؤيد الحق الفلسطيني.
ليس هدف الادارة الأميركية اقناع أحد بجدوى وشرعية خطتها، وإنما هدفها إلزام الجميع بها بالقوة والضغط، ولذلك، ما تقوم به الآن من حملة علاقات عامة، ليست ذات جدوى، وهي تعرف ذلك، ولكنها تقوم بالوقت ذاته بخطوات على الأرض لإجبار الفلسطينيين والأردن وكل المؤيدين للقضية الفلسطينية للتعامل مع ما تريده وتخطط له، وهي تستخدم أوراق الضغط العديدة التي تملكها.
ولكن، "صفقة القرن" كغيرها من الخطط التآمرية على القضية الفلسطينية ستفشل.. فالحل العادل للقضية الفلسطينية، لا يتم من خلال "رشوة الفلسطينيين (تحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية) وانما يتم من خلال اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة وعودة اللاجئين إلى وطنهم فلسطين.ِ