جيش العملاء

عملية اغتيال القيادي في حماس سعيد صيام وابنه وشقيقه وتفاصيل هذه العملية تفتح الباب للتوقف عند جانب مهم من جوانب العدوان الصهيوني على غزة, وهو الدور الاستخباري وتحديدا دور العملاء الذين يعملون تحت إمرة جيش الاحتلال.

اضافة اعلان

فالمتأمل لتفاصيل عملية الاغتيال يرى ان البيت الذي تم قصفه قام شقيق سعيد صيام باستئجاره قبل اسبوعين - كما ذكرت انباء الفضائيات من غزة- اي بعد بدء العدوان. ومن الواضح ان الاستئجار كان لغايات استخدامه من قبل قيادة حماس وتحديدا سعيد صيام، وهو القيادي الأمني وصاحب المهمات الاخطر في الهيكل الامني وربما العسكري لغزة.

وتقول التفاصيل ايضا: ان سعيد صيام دخل البيت من دون أن يرافقه اي عنصر من الجناح العسكري لحماس، اي كان دخولا متكتما من دون رغبة منه في جلب الانتباه، وربما كان متخفيا بسبب طبيعة المعركة، وحتى لو لم يكن متخفيا، فإنه كان يتحرك بسرية كاحد اهم قادة غزة.

إذن، عملية الاغتيال، التي تمت في منطقة سكنية مزدحمة، وفي بيت محدد وبإحداثيات دقيقة لدى مطلق الصاروخ من جيش الاحتلال، لا تعود الى استخبارات من اجهزة وطائرات استطلاع، لان تحرك الافراد وفي مناطق سكنية يحتاج الى متابعة بشرية، اي جاسوس وعميل يتابع حركة الهدف داخل الازقة والشوارع والبيوت ويقدم المعلومة الى جيش العدوان بأن الهدف دخل البيت ثم تتم عملية الاغتيال، والدليل على الدقة في المعلومات الاستخبارية أن الناطق لجيش الاحتلال أعلن تأكده بأن سعيد صيام قد قُتل، ليس لأنه مبدع بل لأن لدى جيشه جواسيس وعملاء يجوبون الشوارع ويتابعون ما استطاعوا من اهداف.

وحتى حادثة اغتيال د.نزار ريان، رحمه الله، فإنها قد تكون نتيجة عمل تجسسي استطاع ان يؤكد لجيش الاحتلال ان ريان كان في منزله، ولهذا تم قصف البيت لحظة وجوده فيه، وهو القائد صاحب الرمزية والحضور. والأمر ليس في هذه المرحلة فقط، بل هي في مراحل سابقة فقصص اغتيال الشهداء الشيخ احمد ياسين ود. عبد العزيز الرنتيسي ويحيى ابو عياش والكثيرين، وحتى اغتيال ابو جهاد وابو اياد وغيرهما من قادة منظمة التحرير كلها كان رأس الحربة جهدا لأحد العملاء من ذات المناطق والتنفيذ صهيونيا.

يعلم الجميع أن جيش الاحتلال عمل - منذ عام 1948، ثم بعد ذلك بعد احتلال الضفة وغزة عام 1967- على تجنيد الاف العملاء تحت ضغط الترغيب او الترهيب او الاسقاط بعد توريطه اخلاقيا او امنيا، واستعمل المخدرات وسلاح المرأة، حتى استطاع ان ينشئ جيشا من العملاء يعيشون مع شعبهم الفلسطيني، لكن عيونهم وعقولهم تعمل لمصلحة الموساد او الشاباك. وهؤلاء يعلم الشعب الفلسطيني في الداخل وتعلم كل الفصائل آثارهم وادوارهم في ايقاع الاذى بابناء شعبهم.

في العدوان على غزة، من المؤكد ان "جيش العملاء" المجندين تم استنفارهم للعمل في تحديد اهداف وتقديم معلومات. واحيانا يتم استهداف بيوت ومواقع، من دون ان تكون المعلومات صحيحة، لكن هذا الجيش الذي يخون شعبه ويقدم كل المعلومات عن كل شيء هو احد اسلحة العدو.

ولأن عمر ظاهرة التجنيد طويل لعدة عقود، فإن هناك احترافا في التكتم ونقل المعلومات وإن كانت سنوات وجود السلطة ساهمت في ملاحقة نسبة لكنها قليلة. ولهذا سمعنا بعد اوسلو أن اسرائيل اقامت لهم قرى خاصة في فلسطين 48 بعدما خافوا على انفسهم بعدما انكشف امرهم.

ليست فلسطين وحدها من تم بناء جيش للعملاء فيها، فهناك شبكات تجسس ظهرت في العديد من الدول العربية، لكن لطول فترة الاحتلال للضفة وغزة فإن جيش العملاء حقيقي وكبير، وله دور مهم في خدمة الصهاينة، وبخاصة في عمليات العدوان والاغتيالات، فضلا عن عمليات تحديث المعلومات عن كل شيء.

[email protected]