جيش خالد بن الوليد!

تؤكد مصادر إعلامية سورية أنّ من نفّذ عملية انتحارية قبل أيام أدت إلى مقتل باسم السمير، القيادي في الجيش الحرّ، هو أردني يكنّى بأبي حمزة المهاجر (نُشرت صورته على تلك المواقع)، ينتمي إلى جيش خالد بن الوليد، الذي يمثل امتداداً لتنظيم "داعش" في محافظة درعا.اضافة اعلان
أُعلن عن تأسيس جيش خالد بن الوليد قبل أكثر من شهر (24/ 5/ 2016)، عبر اندماج ثلاثة فصائل تدين بالولاء لداعش، هي "شهداء اليرموك" و"كتيبة المثنى الإسلامية" و"جيش المجاهدين". وأصبح هذا الجيش (خالد بن الوليد) يسيطر على قرى وبلدات تقع في حوض اليرموك؛ الريف الغربي لدرعا (نافعة، الشجرة، عين ذكر)، عند المثلث الحدودي ونقاط التماس بين الجولان والأردن وسورية.
بالرغم من دخول "الكائن الداعشي" الجديد في صدام مسلّح عنيف مع كتائب الجيش الحرّ و"جبهة النصرة" و"أحرار الشام" (جيش الفتح)، وفرض حصار عليه من قبل المعارضة السورية، إلا أنّه -أي جيش خالد بن الوليد- استطاع البقاء والمحافظة على بلدات في غرب درعا.
إذن، لم يعد "داعش" بعيداً عن حدودنا، فأصبح في المناطق الشمالية الغربية (حوض اليرموك)، والشمالية الشرقية (المحاذية لمخيم الركبان) يمتلك وجوداً عبر فصائل وكتائب مؤيدة له. ما يمثّل تحدّياً جدياً وحقيقياً للأمن الوطني.
تعتمد الاستراتيجية الأردنية في مواجهة التنظيم على أكثر من جانب، أكثرها أهمية هو دعم الجيش الحرّ والفصائل المعتدلة. وهي السياسة التي أطلق عليها -أردنياً- "الوسادات"، وأثبتت أنّها من أكثر الوسائل فعالية وقوة حيوية، وتتفرع إلى تدريب المعارضة السورية لمواجهة التنظيم.
خلال الأعوام السابقة من الثورة السورية (2011-2014)، ساعدت الاستراتيجية الأردنية على ضمان درعا "خالية من داعش"، إلى أن وقع التدخل العسكري الروسي، وقلب الموازين في سورية، بعد أن أوشك النظام السوري على الانهيار عسكرياً.
كانت فترة "الهدنة العسكرية" في درعا، وما تخللها من تذمر وتململ لدى الجبهة الجنوبية وفصائلها من الوضع القائم، ثم خرق الجيش السوري للهدنة وسيطرته على قرية الشيخ مسكين، كل ذلك أدى إلى "اختلال معادلة درعا" وولادة "داعش"، عبر إعلان "شهداء اليرموك" مبايعة التنظيم (بعد أن دخلت في صدام مع جبهة النصرة). ثم تطورت الأمور لاحقاً لانضمام كتيبة المثنى بن حارثة وبعض الفصائل الصغيرة لها، والإعلان عن تأسيس "جيش خالد بن الوليد".
الدرس المستفاد، أردنياً، هو أنّ درعا تمثّل خطا أحمر أردنيا، بل هي جزء من الأمن الوطني الأردني. وأي اختلال فيها، قد يؤدي إلى فوضى وصعود "داعش"، وينتج عنه ثلاثة أخطار رئيسة كبيرة (تحدثنا عنها سابقاً)؛ الأول، هو ولادة "داعش" ونموه على حدودنا. والثاني، مئات الآلاف من الأشقاء اللاجئين. والثالث، انتقال المعارك والصراع إلى الحدود الأردنية (بدلاً من أن تكون على بعد عشرات الكيلومترات).
في مرحلة سابقة، حاول الأردن التركيز على عدم التدخل في الشؤون السورية، مع مشاركته في تكريس حالة "الهدنة" في حوران. لكن الخطاب الأردني من المفترض أن يكون أكثر وضوحاً وصراحة في العلاقة مع الدول والقوى الأخرى، بخاصة الروس والإيرانيين والنظام السوري، مع وجود إرهاصات لمحاولات تنشيط جبهة الجنوب-درعا، لاستثمار الصراع الراهن بين الفصائل السورية.
الرسالة الأردنية المطلوبة هي أنّ درعا جزء من الأمن الوطني الأردني، ونحن من يدفع الثمن فوراً لما يحدث فيها. لذلك، لا بد من أن نكون طرفاً مباشراً في أي تطور يحدث في درعا، وأن نجلس إلى الطاولة مع الآخرين، إلى أن يخرج "الحل السياسي" إلى الوجود.