حالة الجمود القاتل في البلاد

فهد الخيطان

ما من شيء يمكن أن يخفف من حالة الإحباط جراء الأوضاع الاقتصادية، سوى التقدم للأمام، والانتقال من مرحلة الوعود بفرص عمل ومشاريع تنموية وانتاجية وتحسين الخدمات إلى العمل في الميدان.اضافة اعلان
بصراحة البلد في حالة جمود قاتل، قد يقال أن أزمة كورونا ألقت بظلال ثقيلة على جميع القطاعات، وعطلت المشاريع، لكن هذه الحالة قائمة قبل الأزمة، وهناك دول عديدة حولنا وفي العالم، لم تغرق إلى هذا الحد في الأزمة رغم معدلات الاصابة العالية فيها، واستمرت عجلة المشاريع تدور فيها دون توقف.
حين تسأل وزيرا في الحكومة عن مشاريع لوزارته في المحافظات، يفرك يديه، دون أن يؤشر على مشروع واحد، ويكتفي بالحديث عن خطط واستراتيجيات قادمة، منهيا حديثه بالقول الأردني المكرور" الوضع صعب".
رجال الأعمال في القطاع الخاص ليس أحسن حالا، وكلهم يشكون الركود وسوء الحال وحالة عدم اليقين التي تلف البلاد.
المسؤولون عن قطاع الاستثمار يمطروننا يوميا ببيانات عن حجم المشاريع الاستثمارية الجديدة بملايين الدنانير، لكن أحدا منهم لم يدلنا على مصنع جديد تم افتتاحه أو في طور الإنشاء. فالأسابيع مضت والطرفان في القطاع الخاص والعام يغرقان في نقاش حول تعيين المراقبين الصحيين في المرافق الاقتصادية ومن يتحمل كلفتهم. هذا كل ما نشهده في الواقع من نماذج للشراكة بين القطاعين.
مواجهة شبح البطالة المخيف لايمكن أن تنجح بالنمط التقليدي السائد، والاستجابة لمطالب الناس بتحسين الخدمات غير ممكنة دون مبادرات جريئة تتجاوز الإجراءات البيروقراطية.
نحن في الواقع نهدر وقتنا وجهدنا في الحديث عن المشاكل وتشخيصها، وهي مشخصة أصلا ومعروفة، لكننا لا نبذل الجهد الكافي لتطبيق الحلول والسير في الخطط العملية.
ينبغي، وفي غضون أشهر أن تتحول البلاد إلى ورشة عمل في كل الميادين. مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص يجب أن نضعها على مسار سريع، دون الالتفات لبعض الشكليات، والمشاريع المتوقفة أو المرصودة في موازنة العام الحالي يمكن مباشرة العمل فيها على الفور.
في غياب مناخات العمل والانتاج والانجاز، لا يجد الجمهور العريض من الناس مادة للحديث سوى ما يفاقم الشعور باليأس وفقدان الثقة بالنفس وبالبلد، وبقدرتنا على تجاوز المحنة الحالية.
أتمنى أن نتوقف فورا عن الكلام عن عبء المديونية والقادم الأسوأ، وأرقام البطالة المخيفة ودائرة الفقر المتسعة، ولنملأ الفراغ القاتل بمشاريع وبرامج تدريب عملية، وورش لتطوير الخدمات، وصيانة المرافق، وتحسين أحوال المواطنين. بخلاف ذلك سنجد أنفسنا ومع مرور الوقت، وقد استسلمنا تماما للواقع المتردي، وحالة التشاؤم والعجز عن التصدي للتحديات التي تحاصرنا داخليا.
الوتيرة التي اعتدنا عليها سابقا في العمل وإدارة المشاريع التنموية والخدمية والعلاقة مع القطاع الخاص لن تنفع في ظروف الأزمات، ينبغي اعتماد مسار سريع وفعال للعمل، لتحريك الاقتصاد وإقرار المشاريع، لأن ذلك هو السبيل لخلق فرص عمل، وتحسين المزاج العام في البلاد، وإلا سنواجه اختبارات عسيرة في الشارع مع جمهور غاضب ويائس، لم يعد لديه ما يخسره.
البلاد بحاجة لخطاب يشد الأوصال، ويحيي الأمل، بالتزامن مع خطوات عملية في الميدان، نلمس أثرها في وقت قريب.