حالة تستحق الدراسة..!

أياً كان المعنى الذي يحمله رئيس الوزراء – على كثرة- ما تحمل تصريحاته من معان مزدوجة، فإننا فعلاً "حالة تستحق الدراسة"..!
كيف نفسر إذن ان الاردن يسجل معدلات عالمية كبيرة في مستوى محو الامية والتعليم، ثم نتراجع في التعليم على مستوى العالم إلى المرتبة 64 بعد أن كنا في مراكز متقدمة، المفارقة أن اتساع دائرة المتعلمين وادوات التعليم والامكانات والمرافق لم تؤثر أبداً في استمرارية التدهور في المستوى..؟!اضافة اعلان
وكلما زادت مؤسساتنا الصحفية وقنواتنا الاعلامية ومواقعنا الالكترونية واتسعت رقعة المتخصصين في مجال الاعلام، تراجع ترتيبنا على مؤشرات الحرية الاعلامية.. مؤخراً سُجلَ تراجعٌ غير مسبوق وصل الى عشرة مراكز عن العام الماضي لنسكن في الخانة 155 بين دول العالم..!!
على مؤشرات السعادة والرفاهية كشفت دراسة شملت 142 دولة، إن الأردن حل في المرتبة 88 على مستوى العالم في الرفاهية، متراجعا عشرة مراكز اخرى عن تقييم السنة الماضية..
كنا من اوائل الدول العربية تأسيسا لمنظومة تشجيع للاستثمار وجذب رؤوس الاموال العربية والعالمية المستثمرة وفي اقل من عقدين سجلنا تراجعاً حاداً في التدفقات الاستثمارية، رغم كل القيم المضافة التي تطرحها المملكة وفي مقدمتها الامن والامان كقيمة اساسية لجذب المستثمرين..
تراجَعَ تصنيف الأردن إلى المرتبة 119 في تصنيف "سهولة الأعمال" وجاء في اواخر مؤشر عالمي للتنافسية وكذا في مستوى الشفافية، ورغم الكوتا والتمثيل النسائي لم نتقدم في مجال المساواة بين الرجل والمرأة، سجلنا اعلى مستويات للعنف في الجامعات وتفردنا في ظواهر الاعتداء على الاطباء والمعلمين وتقدمنا على مؤشرات ضحايا الافراح والطرق وجرائم الشرف..
نحن "حالة تستحق الدراسة" لاننا الوحيدون الذين نقتل اذا ما تجرأ احدهم على تجاوزنا في الطريق، أو اطلق بوق سيارته باتجاهنا، نستحقها لاننا اكثر الشعوب حديثا عن المال السياسي ورشاوى الانتخابات، وعند الامتحان تُبَلغ عنا النتائج وتفضحنا التشكيلة النيابية..
نحن من نتلذذ في فضح جرائم الكبار وفساد المتنفذين، واذا ما سقط بين ايدينا خط كهربائي من اعمدة الدولة.. نتلذذ ايضاً بمتعة الكهرباء المجانية "على حساب الحكومة" ونلعن اليوم الذي دفعنا فيه اثمان مياه للدولة، فيما المياه المجانية متوفرة في الخط الرئيسي المجاور او عبر بئر ارتوازي دون ترخيص..
نحن الدولة الوحيدة في العالم التي لم تعتبر أن سرقة السيارة جريمة يوماً، ولم تعرف ان وزيرا او مسؤولاً او مديرة مدرسة او بائع شاورما قد استقال لاي سبب كان، حتى وان كان خطأً او اهمالاً ادى الى اهدار حياة انسان أو تسمم قرية بكاملها او ضياع البلد حتى..
نحن من نغني للوطن ومؤسساته كل صباح، ثم سرعان ما ننسى الوطن ومؤسساته اذا ما تضاربت مصالحنا.. او اذا اخفقنا في تعيين خارج المنافسة
او واسطة لمصلحة ما، ننسى كل الاغاني الصباحية الصاخبة اذا ما جاء التشكيل الوزاري خالياً من ابن لنا او ابن عم على الاقل..!!
نحن ببساطة حالة تستحق الدراسة لاننا صبرنا على حكومة تنفي كل شيء وتقرر ثم تتراجع، وتتعنت وتعاند وتراوغ، وتدلل النواب حين الحاجة، وتطلب من المواطن التفهم، وتضغط بكل ما أوتيت من رؤى خاطئة عليه.. ويخرج وزير ماليتها للتأكيد أن "شعور المواطن هو جوهر عملنا"..