حان وقت التسديد

معاريف

حان وقت التسديد

اضافة اعلان

"الحياة نفسها" كما يطيب لرئيس الوزراء ان يسميها، هي التي صممت شكل تصويت جماعات الاقلية في المجتمع الاسرائيلي وحكمت على بنيامين نتنياهو حياة النقص في المقاعد. لا المسائل الامنية ثقيلة الوزن مثل النووي الايراني او الوضع المتفجر على الحدود الشمالية، ولا حتى التورط طويل السنين مع الجيران في غزة والجمود السياسي المتواصل – لم يكن أي منها الدافع القوي لهجران الحزب الحاكم. فمن سوق نفسه على مدى العهود كسيد أمن، رأى بالذات نعمة في عمله وحظي بتقدير نسبي حتى في اوساط معارضيه.
بدلا من الارتياح في كرسيه والتفرغ لمعالجة المهام المدنية العاجلة، بناء المستشفيات، اعادة بناء التعليم لاستقبال القرن الـ 21، تقليص الفوارق الاقتصادية وضمان مستقبل مئات الاف الشيوخ، فضل رئيس الوزراء على مدى السنين سحق التبادلية في داخل المجتمع الاسرائيلي. تحت صولجان الاقتصاد من انتاج أميركي أدار نتنياهو سياسة ثابتة لا تأخذ بالحسبان الانسان الضعيف الذي يعيش بالاجر الادنى ويحلم بدفع قرض السكن في افضل الاحوال، وبالتأكيد ليس ذاك الذي يتردد بين المال للطعام ام للدواء.
سليلو اثيوبيا، العرب او سكان غلاف اسرائيل ممن يعيشون تحت وابل القسام المتواصل ودون دعم نفسي واقتصادي كاف – معهم جميعا فتح نتنياهو الحساب، وكلما اتضحت النتائج، بدا انه حان وقت التسديد. الاوائل الذين اخترقوا الجدار الذي في اعقابه انقطع نتنياهو لاول مرة عن تشبثه المتين بالحكم، كان الناس الذين نالوا منه تجاهلا طويل السنين. هذه شروخ صغيرة ظهرت الان في هوامش الجمهور الانتخابي، ولكن من شأنها لاحقا ان تتطور لتصبح انكسارا يؤدي الى هجران جماهيري اذا ما كانت حملة انتخابات ثالثة. لقد شرح هذا على نحو ممتاز عضو الليكود من عسقلان الذي قال امس: "نحن لسنا في جيب أحد، فقد تغيرت الازمنة. ليس كل شيء مواضيع أمن، هناك امور كثيرة جدا يجب عملها في المجال الاجتماعي، وبهذا المفهوم فان نتنياهو لم يعط اجوبة".
لقد كانت يوميات احداث السنة الاخيرة مليئة بالتلميحات التي رفض نتنياهو تشخيصها: ربيع – صيف 2018، الطائرات الورقية ومئات الدونمات المحروقة، حزيران 2018، قانون القومية ومظاهرة عشرات الاف الدروز في ميدان رابين، تشرين الثاني 2018، المسيرة الكبرى لاطفال الغلاف الذين لم يعيشوا ابدا طفولة طبيعية، حزيران 2019، احتجاج سليلي اثيوبيا في اعقاب نار الشرطي التي أدت الى وفاة سولمون تاكا والمظاهرات الكبرى التي انتشرت في ارجاء البلاد وشلت المدن واغلقت الطرقات، حزيران 2019، اضراب الممرضات. ان رزنامة نتنياهو مزينة بلقاءات حول العالم. لقد شعر دوما براحة اكبر ان تلتقط له الصور مع زعماء قوى عظمى اجنبية من أن تلتقط له مع زعماء العمال المحليين، وفكره كزعيم يؤهل الاستخدام للعرب كسوط يحث ناخبيه على التوجه الى صناديق الاقتراع.
ان معدلات التصويت العالية في اوساط السكان الاقليات هي المؤشر الافضل على اليقظة والصحوة. هذه مواساة صغيرة، ولكنها بالتأكيد كافية حتى تقام حكومة جديدة في اسرائيل.