حتى لا يبقى أحد بالخلف

من الفعاليات المهمة التي اختتمت عمان بها شهر حزيران من هذا العام المؤتمر الوطني حول إدماج الفئات الأكثر تهميشا في تنفيذ أجندة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة في الأردن في ظل جائحة كورونا والذي عقد من قبل معهد تضامن النساء الأردني وبالتعاون مع منظمة مساعدة كبار السن الدولية.اضافة اعلان
تكمن أهمية هذا المؤتمر في تسليط الضوء على أهداف التنمية المستدامة وضرورة الاستمرار بالعمل على تنفيذها في ظل حالة الطوارئ التي يمر بها العالم بشكل عام والأردن على وجه الخصوص، في إطار يضع الفئات المهمشة وضرورة إدماجها في تنفيذ هذه الأهداف موضع الرقابة والتقييم والمساءلة لما هو كائن وما يجب أن يكون.
على أعتاب هذا المؤتمر لا بد من الوقوف أمام مجموعة أساسية من القضايا ذات تأثير متنام في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وفي إدماج الفئات المهمشة أثناء عملية التنفيذ:
أولا: إن مسألة إدماج الفئات المهمشة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة بعيدا عن الإقصاء والتهميش تنطلق ابتداء من العلاقة العضوية غير القابلة للانفصال بين حقوق الإنسان وهذه الأهداف، فأي مقاربة لا تقوم على النهج الحقوقي في هذا المعترك ستؤدي بالضرورة إلى إشكاليات معمقة في عملية التنفيذ، وستؤدي بالضرورة إلى إقصاء فئات بعينها وانتقاء فئات أخرى لتكون شريكا في عملية التنمية المستدامة.
ثانيا: كشفت حالة الطوارئ التي يمر بها العالم عن اختلالات بنيوية في عملية الاستجابة المنصفة والعادلة للفئات جميعها؛ مما يعني أن قدرة الأفراد على الوصول إلى الحقوق تتسم بالهشاشة في العديد من الحالات، وأن إنفاذ أهداف التنمية المستدامة ينطوي على إشكاليات كبيرة أبرزها التمييز وضعف البنية التحتية وغيرها، كانت أزمة وباء كورونا كاشفة لها فقط.
ثالثا: تعتمد قدرة الأفراد وخاصة الفئات المهمشة على الاندماج في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة على قدرتهم على الوصول والحصول على المعلومات، كما أن بناء السياسات الفعالة لا يمكن أن يكون من دون وجود معلومات دقيقة وحقيقية تؤدي إلى وضع برامج قادرة على إحداث التغيير، وهو الأمر الذي أكدت عليه مقاصد الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بإنشاء مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد.
رابعا: إن الخروج من حالة التهميش والإقصاء في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة يتطلب آليات قانونية وأخرى على مستوى السياسات وبنية تحتية منصفة وعدالة توزيعية عادلة للثروات وحريات مصانة، ويتطلب أيضا دعما قانونيا وواقعيا للإعلام المجتمعي ليضطلع بدوره في إيصال صوت الفئات المهمشة أينما كانت.
تحت شعار حتى لا يبقى أحد في الخلف أو عدم ترك أي شخص في الخلف، جاءت أهداف التنمية المستدامة 2030 لتؤسس لمرحلة جديدة تجعل من عدم التهميش أو الإقصاء مطلبا وهدفا تسعى له دول العالم وتضع له الخطط والآليات، هذه الآليات وتلك الخطط التي يعتمد مدى نجاحها على مدى ملامستها للواقع ومدى توفر الإرادة لإرساء مبادئ العدالة وعدم التمييز لإحداث عملية التغيير.