حتى نفهم ما تريدون في مصر وسورية!

"وكلٌ يدعي وصلاً بليلى       وليلى لا تقر لهم بذاكا
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ تبين من بكى ممن تباكى"اضافة اعلان
تلخص أبيات الشعر هذه قصة الواقع العربي بعد أن ضربه ما يسمى "الربيع العربي"، فقد أخرج الناس عن أطوارهم، وبات في حكم المؤكد أننا مجتمعات تهوى الفوضى وتتوق بحنين منقطع النظير للعودة لدول الطوائف والقبائل، وساهم "الليبراليون الجدد" من أبناء جلدتنا بتعزيز هذا السلوك الانفصالي، والحجة تتعلق بالدفاع عن الحريات والقيم الإنسانية!
وما لبث هؤلاء النفر، الذين تسلحوا بمنطق الليبرالية الذي لا يحتاج إلى كثير عناء للنطق به وتبنيه، أن تحالفوا مع الشيطان في سبيل تحقيق هدف لا يعرفون عنه شيئا، وباتوا يتنافخون على هذا المصير الذي آلت إليه حال البلاد العربية، فهم لا يؤمنون بأمة أو وطن عربي واحد تجمعه الهموم والآمال والآلام، بل يركزون على وحدات صغيرة لتسهيل مهمة سادة فكرهم.
في مصر انقلب العسكر على الشرعية، ونسي الداعون للشرعية تلك أن الشارع هو الذي اسقط الشرعية، ولم يكتفِ سادة المشهد الدموي بذلك بل باتت مصر تأنّ تحت ضربات الإرهاب والضاربين به، لا نعرف ماذا يريدون من وراء هذه الأفعال القبيحة، سوى تدمير مصر وتسهيل مهمة العدو الصهيوني لتنفيذ مخططاته في توطين وتهجير وتوسيع دائرة المستوطنات، على حساب  فلسطين المحتلة،  طالما أن مصر المحروسة مشغولة بلملمة جراحها بعد كل عملية إرهابية تضربها، وينشغل الجيش والأمن بالبحث عن الجناة وهم في مخابئهم ينشرون الدم والفوضى في كل مكان!
وينبري النفر الليبرالي الجديد ومعه النفر المتأدلج  بالإسلام للدفاع عن الإنسانية والحريات، ويدعي وصلا بليلى، وكأن قصة الحفاظ على الدول واستقرارها، والإطاحة بالمؤامرات التي تحاك ضدها، قصة رومانسية تستدعي سردها على قارعة الطريق بما يتناسب مع ما يطلبه جمهور المستمعين، فصندوق الحكايات المغلف ببكائيات الإنسانية وأخواتها من الحريات ينطبق فيه قول الشاعر: إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ ...تبين من بكى ممن تباكى!
والحال يسري على سورية فهي موطن الشر بعينه، وعندها تقف كل المؤامرات، والويل لمن يقول إن ما يحدث هناك مؤامرة؛ ففورا يجري التصنيف ويصبح من يتبنى هذا القول مدافعا عن النظام السوري، وكأن سورية بتاريخها وشعبها ونضالها وشهدائها ولاجئيها، تختزل في شخص الأسد!
الدم والخراب الذي يسري في مصر وسورية، والحبل على الجرار، يخدم فئة محددة، ويسعى لتقويض دول بنيت بدماء وعرق أبنائها، ومن يرى عكس ذلك فهو طرف في هذا الخراب، الأنظمة عرضة للزوال في أية لحظة، وربما يكون القادم أسوأ أو أفضل فليس ذلك مربط الفرس، ولكن مربط الفرس الحفاظ على الدولة ومؤسساتها وجيشها الوطني. ومن يقول عكس ذلك واهم.

[email protected]

jmheisen@